الرقة – حسام العمر
منذ أيام، لم يبع مهند الكاطع (45 عامًا)، وهو تاجر سيارات بمدينة الرقة شمال شرقي سوريا، أي سيارة من السيارات المسجلة سابقًا لدى دوائر المواصلات التابعة لحكومة النظام السوري، والموجودة في معرضه التجاري على أطراف المدينة الشمالية.
بينما خلال الفترة ذاتها باع مهند واشترى العديد من سيارات “الإدخال” القادمة من أوروبا حديثة الصنع، في وقت لم يستطع بيع أي من السيارات المسجلة سابقًا.
وأشار مهند إلى أنه يفضّل بيع وشراء سيارات “الإدخال” في مكتبه، كونها لا تزال حديثة الصنع، إلى جانب سلامة أوراقها الرسمية، مقارنة بالسيارات “النظامية” التي يتطلب شراؤها وبيعها تدقيق أوراقها الرسمية، ومعرفة المالك الأساسي وإمكانية نقل الملكية، وكل هذه الأمور تعرقل عمل تجار السيارات، على حد قوله.
وتصل إلى مدينة الرقة سيارات مستعملة من تركيا عن طريق مدينة إدلب، حيث تسيطر فصائل “هيئة تحرير الشام”، أو في ريف حلب الذي يسيطر عليه فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، كما تدخل مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” سيارات أوروبية مستوردة عن طريق إقليم كردستان العراق.
وفي مدينة الرقة سوق للسيارات تحتوي عشرات المكاتب التجارية، وتقع على أطراف المدينة الشمالية، على الطريق الواصل بين دوار “الصوامع” ودوار “الفروسية” بمحاذاة سكة القطار، والذي يُعرف رسميًا بحي الأندلس، إلى جانب بعض المكاتب المتفرقة داخل أحياء المدينة والقرى في الأرياف.
استبدال الحديث بالقديم
باع وائل الحميد (38 عامًا) سيارته من نوع “تاكسي كيا ريو”، موديل 2001، المسجلة في دوائر المواصلات التابعة لحكومة النظام السوري، ليشتري عوضًا عنها سيارة “إدخال” من نوع “تاكسي مازدا زووم” 2007، يابانية الصنع.
يتوجه سكان في مدينة الرقة ومناطق أخرى تحت سيطرة “الإدارة الذاتية” إلى بيع سياراتهم القديمة المسجلة في دوائر مواصلات النظام السوري، واستبدال سيارات “الإدخال” الأوروبية حديثة الصنع بها.
وقال وائل الحميد لعنب بلدي، إن المبلغ الذي باع به سيارته السابقة، التي تعمل على البنزين، هو سبعة آلاف دولار أمريكي، واشترى سيارة حديثة الصنع وبجودة أفضل كونها من مصدر ياباني، وتعمل على المازوت، وثمنها أقل من ثمن سيارته القديمة بحوالي 2500 دولار.
يفضّل السكان شراء السيارات الأوروبية لأسباب عدة، تأتي في مقدمتها حداثة صنع هذه السيارات مقارنة بالسيارات المسجلة سابقًا، وفق وائل الحميد، بالإضافة إلى انخفاض سعر سيارات “الإدخال” عن السيارات الأخرى.
وبحسب ما قاله تجار سيارات في الرقة، خلال استطلاع للرأي أجرته عنب بلدي، فإن تراجع أعداد السيارات المسجلة رسميًا في دوائر النظام السوري في الشمال الشرقي، يعود إلى قيام تجار سيارات بشرائها ونقلها إلى مناطق سيطرة النظام، وبيعها هناك لارتفاع ثمنها مقارنة بمناطق شمال شرقي سوريا، ما يعني تفضيل التجار بيع تلك السيارات في مناطق سيطرة النظام لأنها مطلوبة أكثر، أو حتى الأفراد فهم يفضّلون بيع سياراتهم التي تحمل أوراق حكومة النظام للاستفادة من فارق السعر وشراء سيارات بمواصفات أحدث وبسعر أقل.
وأصدرت “الإدارة الذاتية”، مطلع كانون الأول عام 2021، قرارًا يقضي بمنع إدخال السيارات السياحية الأوروبية، والتي صُنعت قبل العام 2012.
كما تراجعت أسعار السيارات السياحية الأوروبية خلال الأشهر الماضية بحوالي 20%، بحسب ما قاله تجار السيارات لعنب بلدي، وأرجعوا ذلك إلى زيادة عدد السيارات الداخلة على حاجة أسواق المنطقة.
ويتراوح جمرك سيارات “الإدخال“ الأوروبية، الذي تتقاضاه “الإدارة الذاتية”، بين 1200 و1600 دولار أمريكي، وتؤخذ عند تسجيل السيارة لأول مرة في دوائر المرور والمواصلات.
وارتفعت رسوم تسجيل المركبات في المناطق الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية” منذ بداية العام 2021، بنسبة 100%.
وفي حديث سابق مع عنب بلدي، قال أحد إداريي المرور في الرقة، إن دخول السيارات لمناطق شمال شرقي سوريا يحمل معه تبعات عدة، منها تزايد الطلب على المحروقات، وزيادة ازدحام المدن الرئيسة، إلى جانب تجميد أموال ثمن تلك السيارات.
وتمنع معظم البلدان الأوروبية السيارات القديمة لأسباب لها علاقة بالبيئة والتلوث البيئي، كما أن تكلفة قطع السيارات الباهظة الثمن التي تحتاج إليها تلك السيارات لها دور باستنزاف الموارد.