عنب بلدي – ريف إدلب
تعاني مدينة إدلب، شمال غربي سوريا، من الإهمال المتعلق بالتهيئة العمرانية للمساحات السكنية، وفقدانها الوسائل القانونية، التي تهدف بدورها إلى تنظيم العمران داخل المدينة.
هذه الوسائل منها ما هو جماعي تنظيمي، ومنها ما هو فردي، ويتمثل هذا الأخير في الرخص العمرانية.
تتضمّن الرخص العمرانية رخصة البناء، بحيث تعتبر هذه الرخص قيودًا وضوابط على الأفراد لحماية العمران العام من كل التجاوزات والأخطار التعميرية، كما تعتبر من أهم الوسائل الوقائية التي تمارس الجهات المعنية عبرها رقابتها على العمليات العقارية والحركة التعميرية.
تحاول حكومة “الإنقاذ”، العاملة في مدينة إدلب، تطبيق هذه الوسيلة القانونية منذ آب 2020، لتنظيم حركة العمران في المنطقة، إلا أن هذا التطبيق غير مدعّم بخدمات توفر مواد البناء للأهالي الذين يرغبون ببناء بيوتهم على حسابهم الخاص، فهم يحتاجون إلى الأسمنت، والحديد، والطوب، والرمال، كي يتمكن الأهالي من البناء حسب معايير الجودة.
شروط صعبة للترخيص
بحسب استطلاع للرأي أجرته عنب بلدي عبر برنامج “شو مشكلتك“، في 18 من نيسان الماضي، فإن الأهالي يدعمون أي قرار من حكومة “الإنقاذ” من شأنه تنظيم البناء في ريف إدلب، كي لا تغرق مدينتهم في فوضى عمرانية من الصعب النجاة منها في المستقبل.
إلا أن شروط الترخيص تكون غالبًا صعبة التطبيق من قبل الأهالي، فهم لا يملكون الخدمات التي توفر لهم مواد بناء صالحة لمطابقة المعايير التي ترسمها “الإنقاذ”، وسط صعوبة في تأمين معيشتهم الأساسية، بالتزامن مع ارتفاع أسعار معظم المواد الأساسية.
قال زاكي أبو حسن (50 عامًا)، وهو أحد سكان ريف إدلب، لعنب بلدي، “عندما يريدون طلب ترخيص منك، يجب أن يوفروا لك الخدمات مقابل هذا الترخيص، يجب أن يوفروا شمينتو (أسمنت)، ويجب أن يكون لديك سيولة أو راتب يكفي للبناء وفق الترخيص، وتوفير فرص للعمل، وتحسين ظروف الناس”.
البناء الذي يرغب زاكي أبو حسن البدء به في بيته، هدفه تأمين غرفة ثانية لأطفاله الثمانية، وفي حال أراد الترخيص لبناء تلك الغرفة، يجب عليه الترخيص للبيت بأكمله، وهذا يفوق طاقته المادية، وفق تعبيره، كون “الرخصة هي بثمن الغرفة التي أرغب ببنائها”.
تنظيم حركة البناء عن طريق الرخص لاستعمال الأهالي ملكياتهم العقارية، عملية موازية لتنمية المجتمع في إدلب اقتصاديًا، ومعالجة المشكلات المعيشية، بالإضافة إلى تعريف أصحاب الملكيات بطريقة الترخيص وشروطها، إذ لم يعرف زاكي أبو حسن كيفية ترخيص بناء الغرفة، “جاء الشرطي وقال لنا أوقفوا البناء، أوقفت بناء الغرفة فورًا خوفًا من أي تبعات غير متوقعة، لكن لا أعرف ما شروط الترخيص، وأين يجب استخراج الترخيص”.
في الوقت نفسه، لم تجب مديرية الإسكان في حكومة “الإنقاذ” عن أسئلة عنب بلدي حول تكاليف الحصول على ترخيص البناء، أو شروط الحصول عليه.
بدأ النزوح إلى إدلب منذ عام 2013، بسبب النزاع المسلح القائم في معظم المناطق السورية، ومع مرور الأعوام، بدأ النمو السكاني السريع يفرض تلبية احتياجات بأعداد أكبر للإسكان والبنى التحتية بشكل أسرع، إلا أن وتيرة تلبية هذه الاحتياجات من قبل “الإنقاذ” والجهات المعنية التابعة لها لم تواكب تسارع النمو السكاني.