أحكمت قوات الأسد قبضتها على بلدة مرج السلطان ومطارها الاحتياطي في 13 كانون الأول الجاري، في تقدم وصف بالأكبر من نوعه في الغوطة الشرقية خلال العام الحالي، لتتابع بعد ذلك محاولات تقدمها نحو بلدة البلالية والمطار الرئيسي في المرج.
العملية العسكرية بدأت في 9 تشرين الأول الماضي، وتسعى قوات الأسد من خلالها إلى فرض سيطرتها الكاملة على منطقة المرج وبالتالي عزل المحور الشرقي للغوطة، في سلسلة عمليات افتتحتها قبل عامين أنهت من خلالها نفوذ المعارضة في بلدة المليحة، إضافة إلى مصالحات شملت عدة بلدات أبرزها عقربا وشبعا وحتيتة التركمان والحسينية.
من المطار إلى عدرا
وبعد أن أنهى نظام الأسد ملف البلدات “الثائرة” في محيط مطار دمشق الدولي خلال العامين الماضيين، انتقل قبل نحو شهرين للخطوة التالية وتتلخص بترويض المنطقة الممتدة من المطار إلى مدينة عدرا شمال الغوطة، الأمر الذي تطلب من قواته إنهاء ملف منطقة المرج.
وسيطرت قوات الأسد، نهاية الشهر الفائت على بلدة دير سلمان والمناطق المحيطة بها، لتنتقل المعارك مباشرة إلى محيط بلدة مرج السلطان ومطارها الاحتياطي، وانتهت الأسبوع الفائت بإحكام السيطرة عليها وإخضاع المطار الأساسي أيضًا والتمركز على تخوم بلدة البلالية التي أضحت على خطوط التماس إلى جانب النشابية المحاذية.
وتقضي الخطة، غير المعلنة، بتأمين منطقة المرج والتقدم شمالًا نحو تل كردي ودخول عدرا التي تخضع بالأصل لسيطرته منذ عام، وهذا يعني بحسب جغرافية المنطقة، عزل القسم الشرقي للغوطة الشرقية بالكامل، واقتصار سيطرة المعارضة فيها على الجزء الغربي والغربي الشمالي، وبالتالي تضييق الخناق على مدنها وبلداتها (دوما، كفربطنا، عربين، حرستا…).
موقف المعارضة
قوبل تقدم قوات الأسد في منطقة المرج، بادئ الأمر، باتهامات وانتقادات ألقتها فصائل على أخرى في الغوطة الشرقية، لا سيما جيش الإسلام وجبهة النصرة، حيث اتهمت الأخيرة بتخليها عن نقاط رباطها وانسحاباها الكلي من المرج، الأمر الذي دعا المتحدث الرسمي باسم جيش الإسلام، النقيب إسلام علوش، إلى توجيه رسالة إلى “النصرة” مطالبًا إياها بتحمل مسؤولياتها والمرابطة على الجبهات.
ناشطو الغوطة تناقلوا ما وصفوه بـ “تقاعس” بعض الفصائل واقتصار وجودها على بضعة عناصر لا يؤمنون سلامة خطوط الاشتباكات، وذهب آخرون إلى اتهام الفصائل بالتخلي عن المرج لصالح الأسد.
وبعيد سقوط مرج السلطان، اجتمعت الفصائل الرئيسية مجددًا وأعلنت تشكيل “غرفة عمليات المرج”، والمكونة من جيش الإسلام، أحرار الشام، فيلق الرحمن، أجناد الشام، وجبهة النصرة، لتكتسب المعركة زخمًا جديدًا تكلل باستعادة المطار الرئيسي للمرج ومحطة المحروقات المحاذية.
ولفتت مصادر عنب بلدي أن الفصائل المقاتلة في الغوطة الشرقية تجاوزت النزاع والخلاف فيما بينها، مشيرة إلى جهود كبيرة قدمتها جبهة النصرة، معززة ذلك بصور لجثث عناصر من قوات الأسد، نشرتها الخميس 17 كانون الأول، قالت إنهم قتلوا على جبهة المرج.
المجلس المحلي في المرج يناشد
وأصدر المجلس المحلي في منطقة المرج بيانًا، الجمعة 18 كانون الأول، أكد فيه أن 120 مدنيًا قتلوا خلال الحملة العسكرية على بلدة المرج، بينهم 18 امرأة و12 طفلًا، إضافة إلى نحو 400 جريح وتدمير ما لا يقل عن 120 منزل سكني، وتضرر 700 منزل آخر.
المجلس أوضح في بيانه أن 22 ألف نسمة نزحوا من بلدات مرج السلطان، نولة، حرستا القنطرة، النشابية، بزينة، البلالية، حوش الصالحية، واضطروا للعيش في مساكن غير ملائمة لا تتوافر فيها أدنى شروط المعيشة، وحرموا من مصدر رزقهم الوحيد، وهو العمل في الأراضي الزراعية التي أصبحت ساحة عمليات عسكرية.
ولفت البيان إلى أن مساحة الأراضي الزراعية تبلغ نحو 10 آلاف دونم، وتعتبر الخزان الزراعي للغوطة الشرقية بالعموم، في ظل الحصار المفروض عليها.
وخاطب المجلس “كافة الهيئات الأممية وجمعيات حقوق الإنسان وكافة منظمات المجتمع الدولي”، مطالبًا إياها بـ “تحمل مسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية تجاه أكثر من 4 آلاف أسرة تتعرض لأشد الأوضاع الإنسانية سوءًا في فصل الشتاء”.
يعمل نظام الأسد على تأمين محيط العاصمة دمشق، وذلك بالقضاء تدريجيًا على نفوذ المعارضة السورية فيها، إما من خلال معارك تدعمها ميليشيات محلية وأجنبية إلى جانب الطيران الروسي، أو عن طريق مصالحات أقرب ما تكون إلى “إذعان استسلام للمعارضة”، على حد وصف ناشطين معارضين.