تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارًا يدعم خارطة طريق دولية لعملية السلام في سوريا، في ختام اجتماعاته مساء الجمعة 19 كانون الأول، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ 5 سنوات.
نص القرار
نصّ القرار على أن تجري مفاوضات برعاية الأمم المتحدة بين نظام الأسد ووفد الهيئة العليا التي تمخضت عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، لتنفيذ عملية انتقال سياسي تنهي الحرب في سوريا.
وتقضي الخطة التي يجب تنفيذها بالاعتماد على محادثات فيينا 1 و 2، وتدعو إلى وقف إطلاق النار وإجراء محادثات بين النظام السوري والمعارضة خلال جدول زمني على مدى عامين لتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات.
كما دعا قرار مجلس الأمن الأمم المتحدة لتراقب وقف إطلاق النار خلال شهر من تبني القرار، لافتًا إلى ضرورة أن ببدأ مطلع كانون الثاني المقبل، الأمر الذي عقّب عليه وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بأنه من الممكن أن يبدأ في الفترة بين منتصف ونهاية الشهر ذاته.
ووافق القرار على ضرورة استمرار المعارك للقضاء على ما اعتبرها تنظيمات “متطرفة” كجبهة النصرة وتنظيم “الدولة الإسلامية”، الذي استولى على مساحات شاسعة من سوريا والعراق.
كيري قال لمجلس الأمن بعد التصويت ”المجلس يبعث رسالة واضحة لكافة الأطراف المعنية بأن الوقت حان الآن لوقف عمليات القتل في سوريا ووضع الأساس لحكومة يمكن أن تدعم الشعب الذي عاني طويلًا من الحرب”.
ولفت وزير الخارجية الأمريكي إلى أنه “ليست لديه أوهام بشأن صعوبة تنفيذ هذه الخطة الطموحة”، مشيدًا بالقرار الذي اعتبره “غير مسبوق”.
بدوره رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بما وصفه “أول قرار يركز على السبل السياسية لحل الأزمة السورية”، لافتًا “هذه الخطوة بالغة الأهمية تتيح لنا المضي قدمًا نحو حل ينهي النزاع”.
مندوب نظام الأسد لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، قال إن حكومته مستعدة للمشاركة في المحادثات “بنية طيبة”، مشيرًا إلى أنها “مستعدة بشكل فعال لأي جهد صادق يقرر فيه السوريون خيارهم من خلال الحوار في ظل القيادة السورية وليس التدخل الخارجي”.
الفصل السادس وفرص نجاح القرار
القرار صدر تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، ويدعو إلى حلّ النزاعات سلميًا.
وتنص المادة 33 منه على أنه “يجب على أطراف أي نزاعٍ من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر، أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها”.
ويعتبر محللون سياسيون أن صدور القرار تحت الفصل السادس لا يقدم ضمانات للتطبيق ومن شأنه أن يترك الأمور للحكم في ساحة المعركة، دون الضغط على طرفي النزاع لتنفيذ مقرراته، على عكس الفصل السابع الذي يتيح لمجلس الأمن أن “يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه”.
فرنسا تطالب بضمانات لرحيل الأسد عن السلطة
وطالب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بـ “ضمانات” لرحيل الأسد عن السلطة بموجب الخطة التي أقرها المجلس، وقال فابيوس “يجب أن تكون هناك ضمانات بشأن خروج بشار الأسد، ليس فقط لأسباب أخلاقية ولكن أيضًا لضمان فاعلية الخطة المرجوة”.
وأشار فابيوس “كيف يمكن لرجل أن يحكم شعبًا بعد أن ساهم إلى حد كبير في ذبحه”، مضيفًا “طالما أن الأسد مستمر في الحكم، يبدو أن إجراء مصالحة حقيقية ودائمة بين الشعب والدولة السورية أمرٌ بعيد المنال”.
ودعا وزير الخارجية الفرنسي إلى “تطبيق انتقال فعال ينطوي على نقل صلاحيات تنفيذية كاملة إلى سلطة انتقالية، بما في ذلك السيطرة على الجهاز العسكري والأمني، كما ينص عليه بيان جنيف”.
وجاء القرار ثمرة مباحثات مكثفة بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة)، والتي تقول إنها تسعى لإنهاء الحرب في سوريا، بعد أن وقف عدد منها ضد سلسلة من مشروعات لقرارات المجلس منذ تشرين الأول 2011.
وتبدو الأمور غامضة حتى الآن حول إمكانية التوصل إلى حل سياسي وتوافق بين نظام الأسد والمعارضة السورية، التي تصرّ على حول مطلب رئيسي وهو “رحيل الأسد قبل بدأ المفاوضات”.