درعا – حليم محمد
بعد انتظار امتد لشهرين، تفاجأت هيام (33 عامًا) بتخفيض محتويات السلة الغذائية المقدمة من “الهلال الأحمر العربي السوري” في المحافظة الجنوبية لسوريا، درعا، ورغم تباعد فترات تسليم السلة، فإنها تخفف عنها عبء شراء بعض المواد الغذائية الأساسية، مثل مادة الزيت، والسكر، والطحين.
خفّض “الهلال الأحمر” في درعا مكوّنات السلة الغذائية المقدمة من برنامج الغذاء العالمي (WFP) في أواخر آذار الماضي، والتي توزع في المحافظة ضمن فترة تمتد بين شهرين وثلاثة أشهر.
وخُفّضت كمية مادة السكر الموزعة من خمسة كيلوغرامات إلى كيلو واحد، والأرز من عشرة كيلوغرامات إلى خمسة، واستُبعدت مادة الحمّص من مكوّنات السلة الغذائية التي جرى توزيعها في مدينتي طفس ودرعا البلد.
وذكرت هيام، التي تحفظت على ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية، وهي سيدة تعول أسرة مكوّنة من خمسة أفراد، أن التوزيع السابق للسلة الغذائية شهد تخفيضًا بكمية السكر المخصصة، وأن الأرز يأتي بنوعيات رديئة، ما يضطرها لاستبدال نوعيات أخرى به بعد بيعه، ودفع فوارق مالية لشراء أرز من السوق المحلية.
سبب استبدال هيام للأرز الموجود في السلة، بحسب ما قالته لعنب بلدي، هو أنه من “النوعيات الرديئة التي من الصعب أن تكون وجبة رئيسة على المائدة”.
تكمن أهمية المواد في السلة الغذائية، بحسب هيام، في الزيت والطحين والسكر، وفي حال تخفيض هذه المكوّنات تصير السلة بلا قيمة، خصوصًا بعد ارتفاع أسعار زيت القلي.
“أم موسى”، سيدة من قرى حوض اليرموك تبلغ من العمر 50 عامًا، قالت لعنب بلدي، “كنا سابقًا نستغني عن الأرز الموجود بالسلة، ولكن بعد ارتفاع أسعاره بالسوق، عدنا للطبخ به رغم سوئه”.
وتلجأ “أم موسى” لبيع ثلاثة ليترات من مخصصات زيت القلي وتشتري بدلًا منها السكر، بعد تخفيض كمياته من مكوّنات الطرد الغذائي.
ووصل سعر كيلو السكر إلى حوالي 3500 ليرة في السوق المحلية، بينما وصل كيلو الحمّص إلى 6000 ليرة.
وتتفاوت أسعار الأرز بحسب اختلاف نوعيته، إذ لا يقل سعر الكيلو الواحد عن 3500 ليرة سورية، وقد يصل إلى 12 ألف ليرة (الدولار يعادل 3800 ليرة تقريبًا).
وللأرز أهمية اقتصادية واجتماعية في درعا، حيث المجتمعات الريفية تعتمده بشكل رئيس في غذائها اليومي، وهو من المواد الأكثر استهلاكًا في المحافظة.
تخفيف كمية الزيت
تفاجأ سكان بلدات تل شهاب وزيزون والعجمي ونهج بتخفيض جديد على مكوّنات السلة الغذائية، شمل زيت القلي، إذ وزّع مندوبو “الهلال الأحمر” أربعة ليترات زيت قلي، عوضًا عن ستة ليترات، ورُفعت كمية السكر من كيلوغرام واحد إلى ثلاثة.
ولم تُعرف أسباب تخفيض مكوّنات السلة الغذائية، بحسب ما قاله عضو لجنة محلية في حديث إلى عنب بلدي، الذي توجّه بالسؤال لكادر منظمة “الهلال الأحمر” عن سبب التخفيض، إلا أن جوابهم كان “لا نعلم”.
زيت القلي هو مكوّن أساسي في السلة الغذائية، ودونه تصير لا قيمة لها، وفق ما عبّر عنه بعض السكان في شكواهم لعنب بلدي، وأضافوا أن تخفيض ليترين من زيت القلي يعني تخفيض 30 ألف ليرة من قيمتها، وبذلك سيضطر السكان إلى شراء النقص من السوق المحلية.
“بحصة تسند جرة”
يتخوّف سكان درعا من الاستمرار في تخفيض المكوّنات الغذائية في السلة، خصوصًا المواد الرئيسة كزيت القلي والطحين.
وتحتوي كل حصة إغاثية على 15 كيلوغرامًا من الطحين، من نوع “زيرو”، وستة ليترات من مادة زيت القلي، بالإضافة إلى السكر والأرز والملح.
ووصل سعر ليتر زيت القلي الواحد إلى 15 ألف ليرة، وكيلو الطحين إلى 2500 ليرة.
وهناك من ينتظر سلة الإغاثة من أجل الحصول على الزيت والطحين والسكر، وهناك من يبيع نصف الكمية ليستطيع تأمين متطلبات الحياة المعيشية، ورغم تباعد الفترات بين تسليم السلال الغذائية، فإنها تشكّل أهمية كبيرة لدى السكان.
وتشرف على توزيع الطرود لجان محلية تتسلّمها من مراكز “الهلال الأحمر”، وتوصلها إلى منزل كل مستفيد، على أن يتكفل في دفع أجور النقل، التي تصل إلى 3000 ليرة عن كل حصة.
وقبل سيطرة قوات النظام السوري على المنطقة الجنوبية في 2018، كانت المنظمات الإغاثية تدخل كل قرية على حدة، وتشرف على التوزيع بشكل مجاني، كما أن المعونات كانت توزّع بانتظام في كل شهر، بحسب ما قاله السكان خلال استطلاع للرأي أجرته عنب بلدي، وهي أغنى بالمكوّنات الغذائية.
وسمح مجلس الأمن لأول مرة بعملية مساعدات عبر الحدود إلى سوريا في عام 2014 بأربع نقاط، هي معبر “الرمثا” الحدودي مع الأردن، و”اليعربية” الحدودي مع العراق، و”باب السلامة” و”باب الهوى” مع تركيا.
واستمرت المساعدات عبر النقاط الأربع حتى عام 2020، إذ اقتصرت بعد ذلك على معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، بعد اعتراض روسي- صيني على المساعدات عبر الحدود.
المرتبة الأولى بانعدام الأمن الغذائي
قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، جويس مسويا، في شباط الماضي، ضمن إحاطتها لمجلس الأمن الدولي، إن السوريين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية الآن أكثر من أي وقت مضى.
وأضافت مسويا أن 14.6 مليون سوري سيعتمدون على المساعدة هذا العام، بزيادة 9% على عام 2021، وزيادة بنسبة 32% على عام 2020، بحسب الموقع الرسمي لـ”الأمم المتحدة“.
وتحتل سوريا المرتبة الأولى من بين الدول العشر الأكثر انعدامًا للأمن الغذائي على مستوى العالم، ويعاني 12 مليون شخص سوري من وصول محدود وغير مؤكد للغذاء.
كما أوضحت أن العائلات تنفق الآن في المتوسط 50% أكثر مما تكسب، ما يعني اقتراض المال من أجل تدبير أمورها، وأدى هذا إلى “خيارات لا تطاق”، بما في ذلك إخراج الأطفال، وخاصة الفتيات، من المدرسة وزيادة زواج الأطفال.