تسع سنوات مرت على المصير المجهول المحيط بمطراني حلب الأرثوذكسيين، رئيس طائفة السريان الأرثوذكس، يوحنا إبراهيم، ورئيس طائفة الروم الأرثوذكس، بولس يازجي.
وتتكرر المطالبات والدعوات للبحث عن مصير المطرانين من قبل جهات محلية ودولية، وفك لغز اختطافهما في مناطق شمالي سوريا، دون توفر أي معلومة عنهما.
خطف واتهام
خُطف المطرانان، في 22 من نيسان 2013، في منطقة المنصورة غربي حلب، في أثناء عودتهما من الحدود التركية، وبعد عبورهما مناطق تابعة للفصائل المسلحة في الريف الغربي للمدينة.
ويُتهم تنظيم “الدولة الإسلامية” باختطاف يوحنا إبراهيم وبولس يازجي، بالإضافة إلى عدة رجال دين مسيحيين، دون اعتراف رسمي من التنظيم، كما لم تصدر أي تسجيلات مصوّرة موثقة تثبت وجودهما على قيد الحياة حتى لحظة تحرير هذا التقرير.
وكان المطران يوحنا إبراهيم، قبل اختطافه، يشارك بمساعٍ إنسانية لإطلاق سراح كاهنين مسيحيين من حلب، خُطفا في 9 من شباط 2013، قيل إنهما موجودان في منطقة سرمدا قرب الحدود السورية- التركية.
ماذا حدث؟
تفاصيل عملية الخطف جاءت على لسان الشخص الرابع الذي كان برفقة السائق والمطرانين المخطوفين، وهو يدعى فؤاد إيليا، من منطقة السريان الجديدة في محافظة حلب، وهو مقرّب من المطران إبراهيم وكان يرافقه مرارًا، وهو شيخ بروتستانتي، ينتمي إلى حزب “الشعب الديمقراطي” (المحسوب على المعارضة التقليدية).
فؤاد إيليا، قال إن هناك سيارة داكنة اللون رباعية الدفع لحقت بسيارة كان يستقلها المطرانان والسائق وإيليا، حتى تجاوزتهم، ولاحظ في أثناء تخطيها لهم وجود مجموعة مسلحة فيها، وسلاحها ظاهر.
وأُنزل السائق، واسمه فتح الله كبود، بقوة، وصعد رجل مسلح إلى جانب السائق ورمى فؤاد إيليا خارج السيارة، وانطلق مسلحان يجلسان في المقعدين الأماميين والمطرانان في الجهة الخلفية، واتجها بهما عكس الطريق المتجه نحو حلب، بمرافقة السيارة الداكنة.
بقي إيليا ممدّدًا على الأرض حوالي 15 دقيقة، ولم يسمع أي طلقات نارية، ولاذ السائق بالفرار ليُعثر عليه مقتولًا فيما بعد دون معرفة الجهة التي استهدفته.
وروى إيليا أيضًا أن قوات النظام السوري استدعته وحقّقت معه مدة نصف ساعة فقط أدلى فيها بأقواله وبالرواية التي ذكرها، مضيفًا أنه متهم بأنه معارض، إلا أنهم أخلوا سبيله فور انتهائه من الإدلاء بشهادته.
الكنيسة تطالب
وأصدر كل من بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، يوحنا العاشر، وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، إغناطيوس أفرام الثاني، اليوم الجمعة 22 من نيسان، بيانًا مشتركًا في الذكرى التاسعة لخطف مطراني حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي.
وأوضح البيان أن السنوات التسع تختصر شيئًا يسيرًا مما قاساه ويقاسيه إنسان هذه الديار، حربًا وجوعًا وتشريدًا وتهجيرًا وإرهابًا واقتلاعًا من الأرض، وتختصر أيضًا شيئًا مما عاناه المسيحيون، كما سواهم، من ويلات الحروب وما تلقوه ويتلقونه دائمًا من شعارات “تتلطى بمعسول الكلام عن حماية المسيحيين”.
وأكد البيان أن حماية المسيحيين تتأتى من توفير العيش الكريم لنسيج اجتماعي يحيون ضمنه مع غيرهم من مكوّنات، وأن السنوات التسع مرت وذكرى المطرانين باقية دلالة على ملف تعاجزَ عنه الجميع.
وقال البيان إن خطف المطرانين يدعو المسيحيين للتأمل بأن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، وإن خاطفي المطرانين لم يسألوا عن طائفة ولا عن دين.
مكافأة مالية
رصدت الولايات المتحدة الأمريكية مكافأة مالية قدرها خمسة ملايين دولار أمريكي للحصول على معلومات عن خمسة رجال دين مسيحيين اختطفهم تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا قبل تسع سنوات، من بينهم مطرانا حلب، بولس يازجي ويوحنا إبراهيم.
وفي 15 من تشرين الثاني 2019، قالت وزارة الخارجية الأمريكية عبر برنامج “المكافآت من أجل العدالة”(Rewards for Justice) التابع لها، “لقد مرت ست سنوات على اختطاف كل من الأب باولو دال أوغيلو والمطران بولس يازجي والمطران يوحنا إبراهيم والأب ميشيل كيال والأب ماهر محفوظ”، وذلك في مناطق شمال شرقي سوريا.
وأضافت الوزارة، “تمنح حكومة الولايات المتحدة الأمريكية مكافأة مالية يصل مقدارها إلى خمسة ملايين دولار مقابل معلومات عن مكان وجود رجال الدين الخمسة أو عن شبكات الاختطاف الداعشية”، بحسب وصفها.
–