شيماء هلال.. تحدت إعاقتها وتركت بصمتها شمالي سوريا
لم تمنع إعاقة شيماء هلال (30 عامًا)، المتمثلة بغياب عظمة الفخذ في قدمها اليمنى منذ الولادة، من تحقيق العديد من الإنجازات والنجاحات في حياتها، والتي تبلورت في عملها التطوعي بمساعدة النازحين والمحتاجين ضمن فرق تطوعية ومنظمات إنسانية.
وقالت شيماء لعنب بلدي، إن قصتها مع الإعاقة بدأت منذ الطفولة، وبمساعدة أهلها وتشجيعهم، مستذكرة ما بذلته جدتها من جهود في تعليمها الاعتماد على نفسها باستعمال العكازين للنهوض والمشي ومنحها الثقة والقدرة على تحدي إعاقتها ونظرات المجتمع السلبية لذوي الإعاقة، وهو ما شجعها على متابعة حياتها بالشكل الطبيعي ودخولها المدرسة وحصولها على الشهادة الثانوية.
لطالما رغبت شيماء بدخول الجامعة وإكمال دراستها في قسم الأدب الإنجليزي غير أن نشوب الحرب وتعرض مدينة شيماء، سراقب بريف إدلب، للقصف من قبل قوات النظام وحليفه الروسي، أجبرها على النزوح مع عائلتها باتجاه شمال غربي سوريا، كآلاف النازحين “الفارين من آلة الموت الأسدية”، وهو ما حال دون رغبتها تلك.
لكنها أصرت على تحقيق إنجازات على صعيد حياتها الشخصية وآثرت التحرك والعمل والتدريب و”عدم الاستكانة لواقع النزوح والفقر المدمر للذات، فحين يستسلم له الإنسان يجلس منتظرًا أن تقضي الأوضاع الراهنة على مستقبله وأحلامه”، وفق تعبيرها.
خضعت شيماء لتدريبات متعددة في إدارة الأعمال والمشاريع، كحل النزاعات، التغيير الذي يبدأ من الذات، الجندرة، مهارات التواصل، المواطنة، التخطيط الاستراتيجي، وغيرها من التدريبات التي حصلت بموجبها على معلومات نظرية وشهادات أهلتها للدخول في المجال العملي، حين بدأت رحلة كفاحها في الأعمال التطوعية.
ومن الأعمال التي انخرطت بها شيماء العمل بمركز تمكين نسائي مسؤولة لقسم التنمية البشرية، إضافة لعملها بمشروع تأهيل “بنك الدم” كعضوة مشتريات، كما تطوعت مع فريق “ملهم التطوعي” ضمن قسم” كفالة الأيتام” منذ عام 2017 وحتى عام 2021، وهي الآن تعمل منسقة أنشطة في فريق “سوريانا الأمل”.
لم تكن الصعوبات التي واجهتها في حياتي تدمرني نفسيًا، بل حفزتني لأن أكون أكثر قوة وصلابة وقادرة على مواجهة كل التحديات. إعاقتي ليست نقطة ضعفي ولن تكون كذلك، فالإعاقة الحقيقية هي إعاقة العقل وليست إعاقة الجسد
الناشطة السورية شيماء هلال |
وأكدت شيماء لعنب بلدي أن أكبر طموح لها تمثل في ترك بصمة جميلة في المجتمع وتقديم ما يمكن لمساعدة الناس المحتاجة، لتحظى بنظرة سعادة من طفل يتيم أو دعوة صادقة من أرملة معيلة.
علياء الأحمد (38 عامًا) إحدى جارات شيماء تثني على عمل الأخيرة وتصفه بالعمل الشجاع والجدير بالتقدير والاحترام، فهي “لا تكل ولا تمل من تقديم ما يمكنها تقديمه من أجل مساعدة نفسها وغيرها في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها المدنيون هنا”.
يعيش 2.8 مليون نازح في شمال غربي سوريا، 1.7 مليون منهم يعيشون في المخيمات، بحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “OCHA”، الصادرة في نيسان الحالي.
ويعاني أكثر من 75% من السكان من انعدام الأمن الغذائي في شمال غربي سوريا، (أي 3.1 مليون من أصل 4.4 مليون شخص)، وهناك مليون شخص إضافي معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي، بحسب تقرير أممي سابق لعام 2022.
وتدعو علياء الأحمد جميع ذوي الإعاقة ليكونوا فاعلين في مجتمعهم والخروج من قوقعة اليأس والاستسلام لواقهم، وحينها سينجحون لا محالة ويكونون القدوة المثالية لغيرهم من هذه الفئة المنسية التي تعرضت لظلم كبير، سواء من قلة الاهتمام والرعاية من قبل الجهات المعنية أو من قبل المجتمع ونظراته الدونية المشككة دائمًا بقدرتهم على الإنجاز وتحقيق النجاحات.
ووفقًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة لتقييم الاحتياجات الإنسانية (HNAP) الصادر في كانون الأول 2019 بشأن سوريا، فإن ما يقدر بـ 37% من النازحين في سوريا يعانون من إعاقة.
قصة شيماء ليست الوحيدة في إدلب وشمال غربي سوريا، وإنما تمثل عشرات الحالات اللواتي واجهن مجتمعهن وواقعهن بتأهيل ذواتهن ودخول مجالات العمل المهني والإنساني، وأثبتن لمن حولهن أنهن لسن معاقات كما أنهن لسن عالات على غيرهن بل ملهمات وناجحات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :