مزارعو درعا.. مخاوف الخسارة تدفعهم للامتناع عن بيع المحاصيل

  • 2022/04/22
  • 3:01 م

ينتظر مزارعو درعا مرابح محاصيلهم الزراعية لإعالة أسرهم، لكنّ العديد من العوامل خلال الأشهر الماضية، أبدلت مرابح المزارعين خسائر كبيرة، ودفعت العديد منهم للإحجام عن بيع المحاصيل.

ماهر (33 عامًا) شاب يعتمد على الزراعة لإعالة أسرته، قال لعنب بلدي وهو يقف بين شتلات الثوم التي أصبحت تميل للاصفرار بعد فوات موعد جنيها، “مرابح بيع المحاصيل لا تغطي تكلفة جنيها، وخسائرنا صارت أكبر من أن نستطيع حصرها”.

وامتنع ماهر عن توريد محصول الثوم لسوق “الهال”، مبررًا ذلك بأن تكاليف جني الثوم وإرساله إلى السوق تفوق حجم المرابح الممكنة، فجني الثوم يعتبر من أكثر المحاصيل تكلفة، كما أن أجور النقل من الأراضي إلى أسواق دمشق بعد ارتفاع سعر المازوت تسببت بخسائر أكبر.

تكاليف تلتهم الربح

لم يكن ماهر يتوقع بقاء محصوله في الأرض، لكن مجازفته بجني ثلاثة أطنان وإرسالها إلى سوق “الهال” كانت محاولة البيع الأخيرة، بعد الخسائر “المرعبة” التي تحمّلها خلال الأشهر الماضية، وفق قوله.

ويحتاج الطن الواحد من الثوم إلى نحو 20 عاملًا لجني المحصول، وتبلغ أجرة العامل الواحد نحو عشرة آلاف ليرة سورية بعد أن كانت نحو سبعة آلاف ليرة (قياسًا على سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الذي يبلغ 3920 ليرة للدولار الواحد)، بحسب المزارعين الذين تحدثت إليهم عنب بلدي.

كما ارتفعت أجور نقل الخضار من ريف درعا إلى دمشق من 150 ألف ليرة سورية إلى 350 ألف ليرة سورية بعد ارتفاع أسعار المازوت، في آذار الماضي، إذ ارتفع سعر الليتر في السوق السوداء من 2300 ليرة سورية إلى 5000 ليرة، ما دفع مالكي السيارات الزراعية لمضاعفة أجورهم، بينما يباع كيلو الثوم في سوق “الهال” بـ600 ليرة.

وأضاف ماهر أنه في حال استمر ارتفاع سعر المازوت سيصبح الإحجام عن الزراعة وسيلة يتفادى فيها المزارع خساراته.

من جهته، أكّد جبران (45 عامًا) أحد مزارعي ريف درعا الغربي، أن معظم المزارعين عزفوا عن شحن الخضار حتى ضمن المحافظات السورية بعد أن صارت تكلفة الشحن خسارة كبيرة.

وأضاف جبران أن القطاع الزراعي في سوريا يشهد “شللًا” قد يدفع المزارعين لعدم التفكير في زراعة محاصيل صيفية خوفًا من استنزاف رؤوس الأموال الزراعية بخسارات متلاحقة.

وخلال الأسبوع الماضي، انخفضت أسعار الخضار في مناطق سيطرة النظام بنسبة تجاوزت الـ30% بعد ارتفاع حجم العرض من الخضار في سوق “الهال” لنحو 50%، بحسب ما قاله عضو لجنة الخضار في سوق “الهال” المركزي في 17 من نيسان الحالي.

وأرجع قزيز تراجع الأسعار إلى طرح كميات إضافية من الإنتاج المحلي لتصريفها قبل نضوج العروة الربيعية خلال الأيام المقبلة.

يأتي ذلك بعد أن ارتفعت تكاليف إنتاج الخضار بنسب تتراوح بين 60 و70% عن تكلفتها خلال عام 2021، وفق ما قاله رئيس “اتحاد الفلاحين”، أحمد صالح إبراهيم، في 14 من نيسان الحالي.

منع التصدير.. ما أثره؟

أعلنت حكومة النظام السوري، في 2 من آذار الماضي، إيقاف تصدير بعض المواد الغذائية، بينها الثوم والبصل، لمدة شهرين “بسبب الواقع العالمي الراهن، ولمواجهة أي تداعيات محتملة للتطورات التي تشهدها الساحة الدولية على الوضع الاقتصادي الداخلي”.

وهدفت هذه القرارات لزيادة المعروض السلعي من المنتجات والمواد الغذائية الأساسية، وتأمين حاجة السوق المحلية منها خلال الفترة الحالية، ومن ضمنها شهر رمضان، وفق ما ذكرته رئاسة مجلس الوزراء.

في المقابل، قال المزارع ماهر، إن قرار الحكومة بمنع تصدير الثوم والبطاطا والبصل جاء لضبط أسعارها بالسوق، لكن المزارع دفع ثمن هذا القرار، إذ امتلأت السوق المحلية بالسلع ما خفّض سعرها.

كما عانى العديد من المزارعين من صعوبات ببيع بضاعتهم في سوق “الهال”، ما دفعهم للامتناع عن جني محاصيلهم ومحاولة بيعها، بحسب ما قاله ماهر.

وأضاف الشاب أن الاستمرار بإغلاق باب التصدير سيعرّض عددًا كبيرًا من الفلاحين للمزيد من الخسائر، مشيرًا إلى أن ضعف القدرة الشرائية للمواطن وتدهور وضعه الاقتصادي خاصة بعد قرار رفع الدعم، أسهم بالمزيد من كساد الخضراوات والمحاصيل الزراعية.

من جهته، اعتبر المزارع جبران أن القرار خفّض أسعار العديد من المحاصيل الزراعية جرّاء كسادها بالسوق، لقلة الطلب عليها إذ كان التصدير يخفف من خسائر المزارعين.

ولم تتوقف خسارة المزارع في درعا على الثوم، إذ شهدت معظم المحاصيل خسائر مشابهة مثل الفول والزهرة والملفوف.

وخلال آذار الماضي، ضربت موجة صقيع نتيجة انخفاض متكرر لدرجات الحرارة في سوريا، المحاصيل الربيعية في محافظة درعا، وأثّرت على ثمار الفول والبازلاء، وبدرجة أقل تأثر محصول البطاطا كونه ما زال في مرحلة الإنبات، بعد أن تأخر المزارعون في زراعة المحصول لهذا العام.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية