نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرًا يتحدث عن أسباب نجاح الهجوم العسكري الروسي في سوريا، وتراجعه في أوكرانيا، بالرغم من استخدام موسكو ذات الأساليب العسكرية المستخدمة في سوريا.
وجاء في التقرير، الصادر الخميس 14 من نيسان، أن روسيا تتبع في أوكرانيا ذات الخطوات التي استخدمتها في سوريا من اعتداءات على المدنيين، وقصف المستشفيات، والتسبب بقطع الكهرباء والماء، وتجاهل الممرات الإنسانية، ونشر الدعاية الكاذبة.
ومما أسهم في زيادة اهتمام الرأي العام بالوضع السوري أكثر مما كان عليه لسنوات، الأخبار التي تفيد بأن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عيّن قائد الحملة الجوية الروسية السابق في سوريا، ألكسندر دفورنيكوف، لقيادة الحملة العسكري في أوكرانيا، بحسب التقرير.
وقبله، اعتمد بوتين على الجنرال الروسي ميخائيل ميزينتسيف، لحصار وقصف مدينة ماريوبول الأوكرانية، وهو المسؤول عن مقتل مدنيين في سوريا.
ومن أهم أسباب عودة الاهتمام بالانتهاكات الروسية التي حدثت في سوريا، تشابه مصير سكان ماريوبول في أوكرانيا مع ما حدث لأهالي مدينة حلب في سوريا، من ناحية وقوع الضحايا المدنيين وتدمير الأبنية السكنية، وإن كان على نطاق أوسع.
وأوضح التقرير، أنه بعد أقل من شهرين على “الغزو” الروسي، يضع دفاع أوكرانيا “الأقوى من المتوقع” براعة روسيا العسكرية موضع تساؤل، في ظل انسحاب روسيا من محيط العاصمة كييف، واعترافها بمقتل 1351 من جنودها في أوكرانيا، وهو ما لم تتكبّده في سوريا.
اعتماد على القوة الجوية
أرسل بوتين عددًا من القوات إلى أوكرانيا يفوق ما أرسله إلى سوريا، إذ لم ينشر سوى عدة آلاف من القوات في سوريا لمساعدة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، على البقاء في السلطة، بينما أرسل ما بين 100 ألف و200 ألف جندي إلى أوكرانيا، بحسب الصحيفة.
وقارن التقرير بين اعتماد القوات الروسية على طابور طويل من الدبابات والمركبات العسكرية الأخرى، حين توجهها لحصار العاصمة كييف، وهو ما عرّضها لهجمات القوات الأوكرانية، في حين التزمت روسيا باستخدام الهجمات الجوية فقط خلال هجومها على المدن السورية، كما جاء في التقرير.
وذكر قائد القوات الجوية الروسية الموفدة إلى سوريا، يفغيني نيكيفوروف، في 12 من آب 2021، أن أكثر من 100 ألف طلعة جوية قتالية أجراها الطيران الروسي في سماء سوريا منذ عام 2015.
تشتّت القوى المعارضة
انضمت روسيا إلى قوات النظام السوري في القتال ضد الجماعات المعارضة، التي أصبحت “مشتتة بمرور الوقت”، بينما في أوكرانيا، تقف روسيا ضد الحكومة الأوكرانية ورئيسها الموحد للشعب المدعوم بالجيش الأوكراني، بحسب التقرير.
وأشارت الصحيفة إلى الحملة الدعائية المشوهة للنظام السوري، والتي وصف فيها جميع الجماعات المعارضة، بمن فيها المتظاهرون السلميون بـ”الإرهابيين”، في حين خيّمت الانقسامات واختلاف الرؤى على الكتل المعارضة للنظام.
وأسهم هجوم روسيا وضمها لشبه جزيرة القرم في عام 2014، بحثّ أوكرانيا على البدء في تعزيز جيشها، بينما كان رئيسها المنتخب، فولوديمير زيلينسكي، “موحدًا قويًا” للبلاد، وفقًا للتقرير.
وقال مدير أبحاث السياسة الخارجية في معهد “بروكينغز”، ميشيل أوهانلون، “لم تكن المقاومة السورية منظمة جيدًا على الإطلاق، في حين أن الأوكرانيين تماسكوا معًا”.
قوة السلاح الأوكراني
واجه الروس في سوريا، على الأغلب قوات معارضة تستخدم أسلحة خفيفة وغير مزوّدة بالسلاح الثقيل أو أسلحة الدفاع الجوي، لكن في أوكرانيا، أخطأت روسيا في تقدير قدرة الحملة التي قامت بها لقصف وتدمير القوات الجوية وأنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية الموجودة في البلاد، وفقًا للصحيفة.
وحظيت أوكرانيا بدعم دولي واسع، وتلقّت إمدادات ثابتة من الأسلحة من الولايات المتحدة وحلفائها، بينما زوّدت الولايات المتحدة جماعات المعارضة السورية ببعض الأسلحة الخفيفة، وبعد سنوات على بداية الحرب.
وبحسب آخر التقارير، الصادر في 12 من نيسان الحالي، تعمل أمريكا على تعزيز إمداداتها من الأسلحة إلى أوكرانيا، وتستعد إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لنقل عربات مصفحة ومعدات متطورة أخرى للبلاد.
وفي مقابلة لذات الصحيفة، في 8 من آذار الماضي، مع قائد “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء)، رائد الصالح، أشار إلى أن الدعم والموارد التي أُتيحت في سوريا كانت مختلفة عما هي في أوكرانيا، وأضاف، “لقد استغرق إنشاء الموارد والمنظمات غير الحكومية سنوات عديدة”.
–