قدم زعيم حزب “الرابطة الإسلامية الباكستانية” المعارض، شهباز شريف، ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء الباكستاني المقبل إلى المجلس التشريعي، الأحد 10 من نيسان، بعد أن خسر الرئيس السابق، عمران خان، تصويتًا بحجب الثقة في البرلمان بعد قرابة أربع سنوات في السلطة.
وكانت المعارضة الباكستانية أطاحت برئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، في اقتراع لحجب الثقة مساء السبت 9 من نيسان، بعد فوز المعارضة بأغلبية الأصوات، وتخلّي عدد من حلفاء خان، وحزب الائتلاف الرئيس عنه.
ومن المقرر أن يجتمع البرلمان الباكستاني اليوم، الاثنين 11 من نيسان، لانتخاب رئيس وزراء جديد، على أن يكون زعيم المعارضة، شهباز شريف، هو المرشح الأوفر حظًا للفوز بعد أزمة دستورية استمرت أسبوعًا بلغت ذروتها الأحد 10 من نيسان.
تمكّنت أحزاب المعارضة من الحصول على 174 صوتًا في مجلس النواب المؤلف من 342 عضوًا لحجب الثقة، ما يمنحها الأغلبية التي تحتاج إليها لتمكين التصويت لانتخاب رئيس وزراء جديد.
وتجمع الآلاف من أنصار رئيس الوزراء السابق، عمران خان، مساء الأحد 10 من نيسان، في مدن مثل كراتشي ولاهور وبيشاور، للاحتجاج ضد الإطاحة به، واستمر حتى الساعات الأولى من اليوم، الاثنين 11 من نيسان، وأغلقوا الطرق ورددوا هتافات مناهضة للأحزاب المنافسة والحكومة الأمريكية.
وقال خان، عبر حسابه في “تويتر”، “لم يسبق أن خرجت مثل هذه الحشود بشكل عفوي وبهذه الأرقام في تاريخنا، لرفض الحكومة المستوردة التي يقودها المحتالون”.
Never have such crowds come out so spontaneously and in such numbers in our history, rejecting the imported govt led by crooks. pic.twitter.com/YWrvD1u8MM
— Imran Khan (@ImranKhanPTI) April 10, 2022
شهباز (70 عامًا) هو الشقيق الأصغر لرئيس الوزراء لثلاث مرات نواز شريف، الذي منعته المحكمة العليا عام 2017، من تولي المناصب العامة، وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات، قضى منها بضعة أشهر، ثم سافر لتلقي العلاج الطبي بالخارج.
بالمقابل، قدم حزب “تحريك إنصاف الباكستاني” التابع لخان، أوراق ترشيح وزير الخارجية السابق، شاه محمود قريشي، لمنصب رئيس الوزراء، وفي حال خسر قريشي، أكد الحزب أن أعضاء البرلمان سيستقيلون بشكل جماعي، ما يخلق الحاجة إلى انتخابات فرعية عاجلة في أكثر من 100 مقعد على الأرجح.
وقد يُغرق ذلك البلاد في أزمة أخرى، إذ قالت مفوضية الانتخابات في وقت سابق، إنها لن تكون مستعدة لإجراء الانتخابات حتى تشرين الأول المقبل.
كان خان أول رئيس وزراء باكستاني يُطاح به من خلال اقتراع بحجب الثقة، ولم يكمل أي رئيس وزراء منتخب فترة ولاية كاملة في الدولة المسلحة نوويًا، منذ حصولها على استقلالها من القوة الاستعمارية “بريطانيا العظمى” في عام 1947.
حكم الجيش الدولة التي يبلغ عدد سكانها 220 مليون نسمة لما يقرب من نصف تاريخها الممتد 75 عامًا، وكان ينظر إلى خان وأجندته المحافظة بشكل إيجابي عندما فاز في الانتخابات عام 2018.
لكن هذا الدعم تضاءل بعد خلاف بشأن تعيين رئيس المخابرات العسكرية والمشكلات الاقتصادية، التي أدت الأسبوع الماضي إلى أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ عقود.
كان خان أثار عداء الولايات المتحدة طوال فترة ولايته، إذ رحب باستيلاء طالبان على أفغانستان العام الماضي، واتهم الولايات المتحدة مؤخرًا بالوقوف وراء محاولة الإطاحة به، وهو ما نفته واشنطن.
وصف شهباز شريف رحيل خان بفرصة لبداية جديدة وفجر جديد، معربًا عن أمله في أن يدفع التحالف إلى إعادة بناء باكستان. وكان شريف لسنوات رئيسًا لوزراء إقليم البنجاب (أحد أقاليم باكستان الأربعة، عاصمة الإقليم هي مدينة لاهور، ثاني أكبر مدن البلاد)، وله سمعة كمسؤول فعال.
ستكون مهامه الأولى، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء “رويترز“، إصلاح العلاقات مع الجيش “القوي” ومع الولايات المتحدة كحليف، والميل إلى الاقتصاد المتعثر.
يقول بعض المحللين، إن التغلب على العقبات السياسية والاقتصادية الرئيسة بجبهة موحدة سيكون تحديًا للتحالف الجديد، الذي يضم العديد من الأحزاب السياسية المتنوعة.
وفقًا للزميل الأول في مركز الأبحاث “تاباد لاب” مشرف الزيدي، “ستكون هناك انقسامات واختلافات داخل شركاء التحالف الرئيسين”، مضيفًا أن العقبة الأولى المحتملة ستكون رفع أسعار الوقود في الأيام المقبلة.
وأضاف، “سيواجهون مقاومة داخلية داخل الائتلاف، وربما انتقادات من قبل أعضاء التحالف وسيكون ذلك في الأيام القليلة الأولى”.
قال خبراء من جنوب آسيا مقيمون في الولايات المتحدة، إن الأزمة السياسية في باكستان من غير المرجح أن تكون أولوية بالنسبة للرئيس جو بايدن، الذي يكافح الحرب في أوكرانيا، إلا إذا أدت إلى اضطرابات جماعية أو إلى تصاعد التوترات مع الهند.
وأكد مساعد وزير الخارجية السابق لجنوب آسيا، روبن رافيل، وهو مشارك كبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “think-tank”، “لدينا الكثير من الأسماك الأخرى لنقليها”.
مع استمرار سيطرة الجيش الباكستاني من وراء الكواليس على السياسات الخارجية والأمنية، لم يكن تغيير الحكومة مصدر قلق كبير، وفقًا لبعض المحللين.
ووفقًا لليسا كورتيس، التي شغلت منصب كبير مديري مجلس الأمن القومي لجنوب آسيا، التابع للرئيس دونالد ترامب آنذاك، “نظرًا إلى أن الجيش هو الذي يتخذ القرارات بشأن السياسات التي تهتم بها الولايات المتحدة حقًا، مثل: أفغانستان والهند والأسلحة النووية، فإن التطورات السياسية الباكستانية الداخلية لا علاقة لها إلى حد كبير بالولايات المتحدة”.
وأضافت أن زيارة خان إلى موسكو كانت “كارثة” على صعيد العلاقات الأمريكية، وأن الحكومة الجديدة في إسلام أباد يمكن أن تساعد على الأقل في إصلاح العلاقات “إلى حد ما”.
–