انقسام في “الائتلاف” السوري المعارض.. “إصلاح” أم “انقلاب”
عنب بلدي – ديانا رحيمة
أقصى “الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة” أعضاء ومكوّنات منه خلال الأسبوع الماضي، بناء على تغييرات يقوم بها ارتكازًا على ما يسميها عملية إصلاح شاملة، لكن هذه الخطوات قوبلت برفض وتشكيك من كتل وازنة في التشكيل المعارض.
وأجرى رئيس “الائتلاف الوطني”، سالم المسلط، لقاء مع عدد من الصحفيين السوريين، حضرته عنب بلدي، في 8 من نيسان الحالي، إلى جانب كل من رئيس “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الرحمن مصطفى، والأمين العام لـ”الائتلاف الوطني”، هيثم رحمة، وأمين سر الهيئة السياسية، عبد المجيد بركات، بالإضافة إلى عدد من أعضاء الهيئة السياسية ومنسقي اللجان والدوائر والمكاتب.
وتحدث المسلط في البيان الافتتاحي عن عدة مواضيع، من بينها توضيح أسباب استبعاد الكتل والأعضاء، إلى جانب تعامل أحد الأعضاء في “الائتلاف” مع النظام السوري.
ماذا جرى؟
في 7 من نيسان الحالي، أقرت الهيئة العامة لـ”الائتلاف” بأغلبيتها النظام الداخلي الجديد، الذي حصل على نقاشات معمقة مع مكوّنات “الائتلاف” والقوى والمؤسسات الثورية والسياسية والعسكرية، وكان الإصرار فيها على إنجاز إصلاح حقيقي وليس مجرد تعديل شكلي، بحسب ما نشره “الائتلاف” عبر موقعه الرسمي.
ووافق أعضاء الهيئة العامة على زيادة تمثيل “رابطة المستقلين الكرد السوريين” داخل الهيئة العامة من مقعد واحد إلى ثلاثة مقاعد.
كما صوّت أعضاء الهيئة العامة على إنهاء عضوية أربعة مكوّنات من “الائتلاف” هي: “حركة العمل الوطني”، و”الكتلة الوطنية المؤسسة”، و”الحراك الثوري”، و”الحركة الكردية المستقلة”، وصوّتوا على إبقاء كل من هشام مروة ونصر الحريري كأعضاء مستقلين.
وفي 2 من نيسان الحالي، استبعد “الائتلاف” 14 عضوًا من أعضائه، دون تقديم معلومات واضحة عن أسباب القرار.
والأعضاء هم: عبد الله الفرج، وجمال الورد، وأمل شيخو، وحاتم الظاهر، وكفاح مراد، وجلال خانجي، وعبد المجيد الشريف، وعلا عباس، ومحمد صفوان جندلي، وحسين العبد الله، وزياد العلي، ووليد إبراهيم، ومحمد أيمن الجمال، وحسان الهاشمي.
وقالت مصادر من “الائتلاف” لعنب بلدي، إن استبعاد الـ14 عضوًا كان بسبب عدم الالتزام وكثرة الغيابات.
المسلط يغلّف خطوته: يوجد متعاملون مع النظام
وقال رئيس “الائتلاف”، سالم المسلط، في المؤتمر الصحفي، إنه لا يوجد في “الائتلاف” من هو بمنأى عن الإصلاح والاستبدال، بمن فيهم رئيس “الائتلاف”.
وأوضح المسلط أنه في اجتماع الدورة الماضية رقم “61”، حضر جميع أعضاء “الائتلاف”، وتحدث وزير الداخلية في “الحكومة المؤقتة”، محيي الدين هرموش، عن أمر يمسّ كرامة كل السوريين إذا ما سُكت عنه، يتعلق بارتباط أحد الأطراف بالتعامل مع النظام السوري.
وقال المسلط، “يجب أن يُكشف من يتعامل مع النظام، إن كان موجودًا في هذه المؤسسة أو في مؤسسة أخرى”.
وكلّف المسلط وزير الحكومة العميد هرموش بتقديم الوثائق المطلوبة لتُجمع في تقرير سيعرَض على قضاة ومحامين من خارج “الائتلاف”، أمام الصحفيين وعلى عدسات كاميراتهم، وسيُتخذ القرار الوطني الذي يرضي الجميع، بحسب قوله.
بدائل؟
وأجاب المسلط عن سؤال طرحته عنب بلدي، يتعلق بالبدائل عن ممثلي التكتلات التي أُزيلت بزوال أعضائها، قائلًا إن “الائتلاف” حريص على دخول ممثلين من الداخل السوري من مكوّنات فاعلة ومنتخبة وشرعية، لافتًا إلى وجود نقابات مركزية منتخبة وتجمعات شبابية منتخبة وبأحجام كبيرة، سيكون لها تمثيل من الجاليات في أوروبا وفي أمريكا، بحسب تعبيره.
وأوضح أن عدد الأعضاء الحاليين هو 61 عضوًا، ومع التغييرات الحالية ربما يصل لاحقًا إلى ما يقارب الـ100، ولكن بوجود شخصيات فاعلة، على حد وصفه.
وأضاف أنه لا يمكن القبول بإبعاد أي شخصية وطنية فاعلة خارج هذه المؤسسة، سيكون هناك تقارب بين المؤسسة وبين شخصيات كبيرة، سواء كانوا داخل هذه المؤسسة أو خارجها ضمن إطار تشاوري مع المؤسسة الهدف منه تعزيز مؤسسة “الائتلاف”.
من جهته، قال أمين سر الهيئة السياسية، عبد المجيد بركات، لعنب بلدي، عن البدلاء، إن الخطة الإصلاحية التي أقرها “الائتلاف” هي خطة متكاملة بدأت منذ تسعة أشهر، بتشكيل لجنة النظام الأساسي ودراسة الأوراق السياسية والتقييم والتشاور مع المكوّنات، ومن ثم كانت هناك القرارات التي أصدرتها الهيئة العامة لتصل إلى الخطوة التي اتُّخذت في الاجتماع الاستثنائي للهيئة العامة.
وبحسب بركات، ستكون هناك خطوات لاحقة متعلقة بالتوسعة والتمكين وتعليم الشرعية وتعزيز التمثيل، وما إلى ذلك.
وأضاف أن المجالس المحلية في الشمال والنقابات والاتحادات والروابط هي أيضًا من أحد البدائل المقترحة.
ولفت إلى حديث مطوّل مع مكوّنات سياسية موجودة خارج “الائتلاف”، لها فعالية ودور مهم في الساحة السورية.
انفجار مضاد
الخطوات التي أعلن عنها رئيس “الائتلاف”، لم تلقَ صدى إيجابيًا في مواقع التواصل، فبينما قلّل ناشطون سوريون من أهمية هذه الخطوة وجدواها في انتشال “الائتلاف السوري” مما وصفوها بـ”العطالة”، انبرت كتل وأعضاء في المؤسسة لمواجهة الإجراءات.
أول الرافضين كانت حركة “الإخوان المسلمون”، وهي إحدى كتل “الائتلاف”، إذ قالت في بيان حذفته لاحقًا، “فوجئ الرأي العام الوطني في سوريا، كما فوجئت جماعتنا، بقرار صدر عن قيادة (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة)، بفصل بضعة عشر عضوًا، بطريقة تمت خارج الأطر التنظيمية المتوافق عليها ضمن هذه المؤسسة الوطنية، المحكومة بنظام داخلي توافقي يعتبر المرجع القانوني لكل المكونات أطرافًا وأفرادًا”.
وأكّدت الجماعة “تمسكها بكل المواثيق والأنظمة الوطنية التي تم التوافق عليها”، واعتبرت أن “من الضروري أن تستوفي جميع القرارات الصادرة عن المؤسسات الوطنية، وفي مقدمتها (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة)، جميع استحقاقاتها القانونية، وأن تقوم العلاقة بين جميع الأطراف والأفراد في هذه المؤسسة الوطنية الرائدة، على الاحترام المتبادل”.
وأضافت، “نعتقد أن الوقت ما زال متاحًا لتدارك هذا الخطأ، وعليه فإننا ندعو قيادة (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة) إلى أن تعاجل إلى مراجعة هذا القرار وفق الأطر واللوائح التنظيمية المتوافق عليها بما يريح الضمير الوطني، ويقطع الطريق على المتربصين”.
“تيار الإصلاح”: انقلاب
مجموعة من أعضاء “الائتلاف”، سمّت نفسها بـ”تيار الإصلاح”، أصدرت بيانات وصف أولها ما حدث بـ”انقلاب على يد فئة مرتهنة”، وطالبت المجموعة بـ”نزع الشرعية عن الفئة المتسلقة على شؤون (الائتلاف)، وانتخاب قيادة وطنية جديدة، ووضع الشعب السوري في صورة ما يُحاك من دسائس عبر الفئة المرتهنة، وكشف محاولة فرض أجندات وتنازلات مريبة في المفاوضات سيكون في مقدمة الأولويات”، على حد تعبيره.
وسيتوجه “تيار الإصلاح” للدول الشقيقة والصديقة لـ”شرح الأوضاع المزرية لـ(الائتلاف)، وحالة الشلل التي يعاني منها، ورفض الفئة المرتهنة الانتقال للداخل المحرر رغم توفر الإمكانيات، وكشف الفساد الذي ينخر (الحكومة المؤقتة)، وعجزها عن القيام بواجباتها في خدمة شعب سوريا والنازحين في المخيمات”.
وفي بيان ثان، بعد المؤتمر الصحفي لرئيس “الائتلاف”، سالم المسلط، ذكر “تيار الإصلاح” أن المسلط “أصر على التدليس وإخفاء الحقائق أمام صحفيين دعاهم إلى مقر (الائتلاف) بحضور أعضاء من الفئة المرتهنة”.
وتحدث البيان عن رفض المسلط طعونًا مقدمة من الأعضاء المفصولين بشكل تعسفي، ولم يعترف بوجود خرق قانوني جسيم في الإجراءات التي وصفها التيار بـ”المعيبة”.
وركّز التيار على تجاهل المسلط الرد على سبب حلّ لجنة العضوية واحتكار صلاحياتها، متجاوزًا الهيئة العامة لـ”الائتلاف” ذات الاختصاص والصلاحية.
وقال البيان، إن المسلط التفّ على المطالب الفورية بتشكيل لجنة تحقيق في تصريحات وزير الداخلية، محيي الدين هرموش، بشأن وجود أعضاء في “الائتلاف” لهم صلة بالنظام السوري.
كما تحدث التيار عن رفض المسلط استكمال نقل “الائتلاف” إلى الداخل السوري، وإصراره على وقف تمويل بناء المقر الجديد، وإلغاء أذون دخول أعضاء “الائتلاف” على المعابر مع تركيا.
خطوة بضغوط خارجية؟
نقلت عنب بلدي إلى رئيس “الائتلاف”، سالم المسلط، أسئلة الشارع التي تتحدث عن ضغوط على “الائتلاف” أو تدخلات دولية لاتخاذ هذه الإجراءات، قد تكون مقرونة بتقارب أنقرة مع الرياض،
وأجاب المسلط بأنه “ما من دولة أو أي أحد تدخل في قرارات (الائتلاف) بخصوص النظام الجديد، ولم يتم الضغط عليه من قبل أي جهة في قراراته”.
بينما عزا أمين سر الهيئة السياسية، عبد المجيد بركات، لعنب بلدي، الخطوة إلى “ضغوط شعبية من الشارع السوري، تمثّل كل من التقينا معهم في الداخل السوري في كل اللقاءات الجانبية التي عقدناها، إذ كانوا دائمًا يتحدثون عن أهمية إصلاح (الائتلاف)”، على حد قوله.
وكان “الائتلاف” قبل هذه الإجراءات يتألف من مكوّنات سياسية هي: “حركة العمل الوطني”، و”تيار المستقبل”، و”رابطة الكرد المستقلين”، و”التجمع الوطني”، و”رابطة العلماء”، و”الكتلة الوطنية”، و”المنظمة الآثورية”، وحركة “الإخوان المسلمون”، و”المجلس الوطني الكردي”، و”المجلس الوطني التركماني”، و”المجالس المحلية”، و”مجلس القبائل والعشائر”، و”الحراك الثوري”، و”التيار الوطني”، و”الكتلة العسكرية”، وكتلة للمستقلين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :