“Le passé”.. لا مدانين بالكامل في سينما فرهادي
يتابع فيلم “Le passé”، أو “الماضي” بالعربية، لمخرجه الإيراني، وشريك تأليفه، أصغر فرهادي، في الطريق الذي تمر عبره أعمال فرهادي ككل، بما لا يفقدها جاذبيتها لدى الجمهور، فمعرفة الوصفة في هذه الحالة لن يغني عن فضول التذوق، وربما شغفه، طالما أن حالة الحيرة أو الشك التي يقدّمها المخرج الحاصل على جائزتي “أوسكار”، محببة لدى المشاهد الذي لا يحبذ الإملاءات في السينما، كما في الحياة، فتتيح له سينما فرهادي أن يكون شريكًا في وجهة النظر، وربما في قراءة النهاية التي يودها، بالنظر إلى ميل فرهادي في الوضع الطبيعي للنهايات المفتوحة.
يحكي “الماضي” قصة “أحمد”، رجل يغادر فرنسا إلى موطنه إيران، تاركًا خلفًا زواجًا لم ينقطع حبله الأخير بعد، وبعد سنوات وبطلب من الزوجة يعود “أحمد” إلى فرنسا لإتمام إجراءات الطلاق، فالزوجة على علاقة برجل تحمل في أحشائها طفله، وترغب بالزواج منه.
يصادف “أحمد” رغبة ابنة الزوجة (من زوج سابق) بابتعاد أمها عن الزوج المستقبلي، إلى جانب تفضيل الأطفال لـ”أحمد”، وعاطفة الزوجة التي لم تطمسها السنوات بعد تجاهل الزوج المتخلّي، لكن الخصم السينمائي هنا، وهو “سمير”، ليس رجلًا سيئًا، إلا أن رغبة البنت بإبعاده عن أمها ستفتح باب إشكالية فرهادي التي ستشكّل خبز الفيلم حتى دقائقه الأخيرة.
“صراع الصوابات”، والصدام بين جانبين محقيّن، باعتبار أن لا أحد يملك الحق بالكامل، مثلما لا أحد مخطئ بالكامل، وفق فقه الحياة عند فرهادي السينمائي، يجعل أعصاب المشاهد على نار هادئة، طالما أن أعمالًا من هذا النوع تتطلّب حبكة وتصاعدًا دراميًا يقود إلى عقدة قوية غير عفوية، ستتقرر بعدها حالة التهدئة التي يختم بها فرهادي دون لملمة الانطباع الذي يبقى بعد المشهد الأخير.
“الماضي”، مثل “البائع” و”انفصال” وغيرهما من أعمال فرهادي الذي يستمد مادته من واقع إيران، ومناخها الثقافي والاجتماعي، فرغم أن فيلم “الماضي” يجسد قصة مسرحها فرنسا، فإن القصة إيرانية بأشخاصها ومفاهيمها ومنطق حيوات أبطالها.
وأمام الرغبة بالتوصل للطلاق في سبيل زواج جديد، يبدو طرف خيط سيقود إلى لغز، لا زواج قبل حلّه، وهنا ينقسم الجمهور بين متضامن مع حق شخصية، أو متعاطف أكثر مع الشخصية الأخرى، فلا مدانين بالكامل في سينما فرهادي، وكل جلّاد من جلّاديه إما كان ضحية في وقت سابق، وإما لا يزال ضحية.
صدر الفيلم عام 2013، والبطولة لكل من برنيس بيجو، وطاهر رحيم، وعلي موصافا، وبولين بورليت، وإلياس أجياس.
يبلغ تقييمه 7.7 من أصل 10، عبر موقع “IMDb” لنقد وتقييم الأعمال الدرامية والسينمائية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :