وسط غياب لنظام الرعاية الصحية
طوابير وانتظار طويل أمام المراكز الطبية المجانية بالرقة
الرقة – حسام العمر
منذ ساعات الصباح الباكر، توجهت نسيمة الحسن (33 عامًا) مصطحبة طفلها ذا الثلاث سنوات، المصاب بسوء التغذية، إلى مستشفى “السوسن”، لتنتظر أمام بوابته لحين بدء الدوام الرسمي للعاملين فيه.
نسيمة لم تكن تنتظر وحدها، فهناك أمام البناء، تنتظر عشرات النساء والأطفال وقلة من الرجال المرافقين لهم، للحصول على المعاينات وبعض الأدوية التي تُقدم لهم بشكل مجاني.
يدفع ارتفاع تكاليف العلاج وأسعار الدواء مرضى في مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية”، للانتظار لساعات طويلة أمام مراكز العلاج المجاني في المدينة وريفها.
مشهد يتكرر في الرقة
لا يتركز انتظار المرضى، خصوصًا النساء والأطفال، أمام مستشفيات أو مستوصفات أو مراكز صحية بعينها، للحصول على العلاج المجاني في الرقة وريفها، حيث يوجد 27 مركزًا صحيًا ومستوصفًا، وأربعة مستشفيات عامة داخل أحياء المدينة، هي المستشفى “الوطني” و”الهلال” و”السوسن” و”التوليد”.
وتُقدم المراكز والمستوصفات الصحية العلاج المجاني، وبعض أنواع الأدوية، مثل المسكنات وخافضات الحرارة للأطفال، والمكملات الغذائية للنساء الحوامل والمرضعات.
وبحسب مرضى التقتهم عنب بلدي، صارت تكلفة العلاج مرتفعة، ولا يقتصر الأمر على المعاينات، إنما يتجاوز ذلك إلى العمليات الجراحية وعمليات الولادة الطبيعية والقيصرية وحواضن الأطفال والتحاليل الطبية والصور الشعاعية.
تتابع آلاء حسو (30 عامًا) حملها في مستشفى “التوليد والأمراض النسائية” بالرقة، بعد أن أخبرها الطبيب بضرورة المراقبة ومتابعة وضع الجنين، بسبب وجود ألياف في بيت الرحم.
آلاء قالت إنها مضطرة للانتظار لساعات أمام المستشفى الذي يُقدم خدماته مجانيًا لمراجعيه، لأنها وزوجها لا يستطيعان دفع تكاليف المراقبة والعلاج، وكذلك العملية القيصرية ستجريها ضمن المستشفى في نهاية حملها وفقًا لتقديرات الأطباء حفاظًا على صحة الجنين.
وتبلغ تكلفة العملية القيصرية في الرقة نحو مئة دولار أمريكي، والولادة الطبيعية نحو ربع التكلفة، بينما تختلف معاينات الأطباء تبعًا لاختصاص الطبيب وأجهزة الفحص التي يمتلكها، والتي تبدأ من عشرة آلاف ليرة سورية، إلى جانب ارتفاع كبير في أجور العلاج في المستشفيات الخاصة.
ويتجاوز عدد سكان الرقة 800 ألف شخص، يعيش معظمهم ظروفًا معيشية سيئة وأزمات اقتصادية مُتلاحقة، يرافقها انخفاض مصادر الدخل ومحدوديتها، وسوء إدارة للأزمات من قبل “الإدارة الذاتية” التي تسيطر على المدينة ومعظم جغرافيا الجزيرة السورية ووادي الفرات.
الازدحام أمر “طبيعي”
يرى عضو في “لجنة الصحة” بـ”مجلس الرقة المدني”، أن الازدحام أمام المراكز الصحية المجانية أمر طبيعي في منطقة تعاني وضعًا اقتصاديًا سيئًا مثل الرقة.
وقال عضو “لجنة الصحة”، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخوّل له التصريح للإعلام، إن افتقار المنطقة لنظام رعاية صحي يعقّد الأمور ويزيد من الازدحام أمام المراكز الصحية المجانية.
وأشار العضو في “لجنة الصحة” إلى أن اعتماد نظام رعاية صحية من الممكن أن يحسّن من واقع القطاع الصحي، عن طريق زيادة عدد المراكز الصحية، وتحسين آليات عملها ومراقبة المستشفيات والمؤسسات الصحية الخاصة، وما تقدمه من خدمات، والمبالغ المادية التي تتقاضاها.
وفي 5 من آذار الماضي، طرحت “هيئة الصحة” في “الإدارة الذاتية”، مسودة قانون الصحة والنظام الصحي للنقاش، وذلك خلال المؤتمر الأول للهيئة الذي عُقد بمدينة الرقة.
ونقلت وكالة “نورث برس” عن الرئيس المشترك لـ”هيئة الصحة”، جوان مصطفى، أن “قانون الصحة والنظام الصحي سيناقَش من قبل جميع العاملين في هذا القطاع، وأي مؤسسة أو شخص له صلة بقطاع الصحة”.
وأشار إلى أن قانون الصحة يتألف من عشرة بنود، تتجزأ إلى أبواب وفصول متعددة، تبيّن حقوق المواطنين الصحية، وواجبات “هيئة الصحة” والمؤسسات التابعة لها تجاه السكان في شمالي وشرقي سوريا.
وفرضت احتياجات السكان الطبية الكبيرة، خصوصًا في ظل انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، ضغوطًا على الكوادر الطبية في مدينة الرقة، كون أعداد العاملين في القطاع قليلة، ويفاقم ذلك صعوبات من ناحية التمويل وتوفير الأجهزة والمعدات النوعية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :