بوتشا.. الذكرى الخامسة لمذبحة خان شيخون
إبراهيم العلوش
بين مذبحتي بوتشا وخان شيخون، يعيد لافروف سيرة غوبلز. سيرغي لافروف يدافع عن جرائم بوتين بالتكذيب والإنكار، أما غوبلز فكان يدافع عن جرائم هتلر بمقولته الشهيرة “اكذب.. اكذب.. اكذب.. لا بد أن يصدّقوك!”
قبل خمس سنوات، وفي 4 من نيسان 2017، شنت طائرات الأسد، المحمية من روسيا، غارات على مدينة خان شيخون، وأطلقت فيها غازات كيماوية تسببت بمقتل أكثر من مئة، وإصابة أربعمئة مدني بسبب غاز السارين. وكانت تلك العملية استمرارًا لجريمة قصف الغوطة الشرقية بالغازات الكيماوية في صيف العام 2013، التي قُتل فيها أكثر من 1500 من السكان المدنيين الذين تعاملت روسيا مع موتهم باستخفاف.
اليوم، وبعد خمس سنوات من جريمة خان شيخون، قام الجنود الروس من “اللواء 64” بقيادة الضابط أوموربيكوف المعروف بـ”جزار بوتشا”، كما قالت صحيفة “التايمز” الأربعاء الماضي، بقتل أكثر من 280 مدنيًا في المدينة ورميهم في الشوارع لترهيب الأوكرانيين، تمامًا كما كان يفعل “شبيحة” الأسد في المذابح التي ارتكبوها في بانياس، وفي الحولة، وفي غوطة دمشق، وصولًا إلى خان شيخون التي نالت اهتمامًا عالميًا، وتحقيقات دولية لا تزال روسيا ترفضها عبر سياسة الإنكار والتكذيب.
ومن عجائب الدبلوماسية الروسية أن نفس التصريحات التي أصدرتها وزارة الخارجية الروسية قبل أيام، على لسان المندوب الروسي في الأمم المتحدة، مكذّبة حصول المذبحة في بوتشا الأوكرانية، كان المندوب الروسي نفسه، يرددها قبل خمس سنوات في جلسة مجلس الأمن عن مذبحة الكيماوي في خان شيخون، التي قامت بها طائرات الأسد المحمية من روسيا.
سيرة روسيا في سوريا سيرة معادية للشعب السوري ولحقوقه المدنية، فروسيا تبنّت الدفاع عن كل جرائم النظام، واستعملت “الفيتو” 16 مرة لمنع المجتمع الدولي من إدانتها، وتتسلّح روسيا بتاريخها في الإنكار اليوم، وهي تقف مكشوفة أمام العالم الذي يدين قتل المدنيين المكبّلين في بوتشا، بإطلاق النار عليهم عن قرب، أو رميهم في حفر دفن جماعي تعيد مشاهدها صور الضحايا في مدينة الحولة السورية التي دافع عن مذبحتها نفس المندوب الروسي، واستعمل حق “الفيتو” لمنع إدانة النظام السوري في العام 2012 وقبل تأسيس مركز المصالحة والقتل في حميميم.
وفي أنحاء أخرى من العالم، تتوارد أخبار المجازر الروسية، ففي نهاية آذار الماضي، ارتكب المرتزقة الروس من قوات “فاغنر” جريمة قتل بحق 300 قروي في دولة مالي، تم إطلاق النار عليهم عن قرب حسب منظمة العفو الدولية، تمامًا بنفس الطريقة التي أطلق الجنود الروس فيها النار على المدنيين في الأقبية بمدينة بوتشا قرب العاصمة الأوكرانية. وبين هاتين المذبحتين عدد من الجرائم، منها مذبحة توزيع الألعاب المفخخة على الأطفال في ليبيا، وتفخيخ بيوت المدنيين عام 2021، كما ذكرت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، وذلك من أجل تنصيب خليفة حفتر الذي فشل في أن يكون مقبولًا من قبل الليبيين كرئيس رغم كل الدعم الروسي له.
لا تزال أخبار المجازر الروسية تتوارد من أوكرانيا، ولن تكون بوتشا آخرها، فبوتين يصرّ على الانتصار، ولو كان ذلك على بحر من دماء المدنيين، وعبر تدمير المدن وإرهاب الناس كما فعل في سوريا، أو عبر تهديد العالم بالصواريخ النووية التي ورثها عن الاتحاد السوفييتي.
ولكن هل توقفت الجرائم الروسية في سوريا، وهل توقف العناد الروسي في إجبار السوريين على القبول بالطاغية الأسد؟
لا تزال روسيا ترتكب الجرائم وتجوّع الناس، وترفض توريد القمح والبترول لسوريا رغم أنها من أكبر مصدّري البترول والقمح في العالم، وتتوارد الأخبار من سوريا عن انهيار الحالة الصحية للأطفال وللمدنيين عمومًا نتيجة الجوع، وانهيار مقومات الحياة، والانقطاع شبه الدائم للكهرباء حتى في كثير من مناطق الموالاة.
فالروس يعتقلون الشعب السوري حتى يقبل ببشار الأسد، ويجوّعونه، ويهددون العالم بالمزيد من موجات التهجير ما لم يدفع ثمن الإعمار للشركات الروسية التي تعتزم إعادة بناء ما دمّرته الطائرات والصواريخ الروسية!
وفي المقابل، تنفّذ روسيا الجرائم في بوتشا وغيرها، لإجبار الأوكرانيين على خلع رئيسهم الذي انتخبوه علنًا، وبطرق شرعية، وليس بطريقة الاستفتاء أو التحايل على القانون، ولا بطرق التخويف والترهيب التي يستعملها الأسد، فبوتين لا يطيق وجود حاكم ديمقراطي وشرعي ينتقص وجوده من الطرق التي يتبعها في تغيير الدستور الروسي من أجل أن يستمر حتى عام 2036.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :