لم تتوقع مها الصباغ (35 عامًا) أن تقع ضحية لنصب أحد الصاغة في مدينة إدلب، حين اشترت عددًا من القطع الذهبية التي من المفترض أن تكون عيار 21 قيراطًا لتفاجَأ حين أرادت بيعها بعد مدة بأنها عيار 18 قيراطًا فقط، ولا تعادل قيمتها نصف القيمة التي اشترتها بها.
وأوضحت مها لعنب بلدي، أنها حين اشترت قطع الذهب كانت تريد المحافظة على قيمة النقود على شكل ذهب، أو الربح قليلًا لأن أسعار الذهب دومًا في ارتفاع، “غير أن توقعاتي اصطدمت بواقع النصب والاحتيال من الصائغ الذي باع دينه وضميره”، بحسب وصفها.
وتعددت حالات النصب والاحتيال في أسواق الصاغة بمدينة إدلب شمال غربي سوريا دون رقابة حكومية كاملة قد تمنع حدوثها.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي، تراوحت تلك الحالات بين التلاعب بالوزن والصياغة، أو بيع القديم المستعمل بسعر الجديد بعد تلميعه مجددًا، وكسب المزيد من الأموال من المدنيين غير القادرين على تمييز ما يحدث من غش وتلاعب، خاصة أن بيع القطع يستغرق وقتًا بعد شرائها يمكن أن يمتد لأشهر أو سنوات، فيغيّر الصائغ مكانه وخاصة مع حركة النزوح المستمرة وتغيّر مكان السكن.
حاولت مها إدانة الصائغ دون جدوى حين أنكر أنها اشترتها من محله، وما ساعده على الإنكار أن مها أضاعت الفاتورة التي اشترت بها تلك القطع، والتي تبيّن الوزن والعيار والسعر.
أسامة حميدي (40 عامًا)، وقع ضحية أيضًا لنصب صائغ من تجار أسواق الصاغة بإدلب، إذ قال لعنب بلدي، إنه اشترى قطعة ذهب تزن 100 غرام بمبلغ كبير ليفاجَأ عندما أراد بيعها بعد أشهر بأن القطعة ليست مصنوعة من الذهب الخالص بل تخللها معدن الحديد، وهو ما أخسره الكثير من قيمة القطعة التي لم يقبل الصاغة شراءها، إلا بعد أن فرزوا الذهب عن المعدن الدخيل بعد صهره.
لم يتمكّن أسامة من استرجاع حقه، بسبب تغيير الصائغ محله بعدما اكتُشف أمره، موضحًا أنه لا يزال يبحث عن عنوانه الجديد.
سمعة الصائغ أهم من الربح
لم ينكر الصائغ حيان المبروك (42 عامًا) حدوث حالات نصب واحتيال ولكن بنسب ضئيلة، مبررًا ذلك بأنه لا يمكن للصائغ أن يهدد سمعته ويتلاعب بالوزن والتصنيع والأسعار، وما يحدث من عمليات نصب إنما هي محدودة وعلى نطاق ضيق وفق اعتقاده.
وأوضح حيان لعنب بلدي، أن الزبائن يمكنهم حماية أنفسهم من عمليات النصب والاحتيال عن طريق الفاتورة والاحتفاظ بها، ريثما يتم بيع تلك القطع مجددًا فتكون دليلًا يدين الصائغ ويجبره على تعويض الزبون.
“الإنقاذ” تعاقب في حال وجود “فاتورة” فقط
مدير المكتب الإعلامي في حكومة “الإنقاذ” العاملة في مدينة إدلب، ملهم الأحمد، رد على أسئلة عنب بلدي حول الرقابة التي تقوم بها السلطات على سوق الصاغة في المدينة.
وأوضح الأحمد أن “الإنقاذ” تستقبل الشكاوى وتتابعها “بشكل فوري”، عن طريق الطلب من الصائغ الموجهة له شكوى الحضور إلى مركز جمعية “الصاغة”، لمراجعة الفواتير والتحقق من صحة الشكوى.
وتخالف “الإنقاذ” الصاغة الذين يثبت قيامهم باحتيال عند بيع الذهب، لأول مرة بإنذار شفهي و”رد المظلمة” لصاحبها، بينما يضطر في حال وجود شكوى للمرة الثانية إلى دفع غرامة مالية، وفي حال التكرار تلجأ “الإنقاذ” لإغلاق و”تشميع” محله، بحسب ملهم الأحمد.
بينما تنفي حكومة “الإنقاذ” ما يُشاع حول “حالات تلاعب بالوزن”، موضحة أنها “غير واردة” بسبب وجود فواتير نظامية من نسختين تضم تفاصيل كاملة عن القطعة (الوزن، السعر، الصياغة).
وأكدت وجود صياغات “عالية”، مبررة وجودها بارتفاع رأسمال بعض القطع الذهبية خاصة المصوغات التركية، وفي هذه الحالة تضع جمعية “الصاغة” حدًا أعلى لنسبة الربح بالصياغة، بحسب تكلفة كل قطعة من مصدرها.
شارك في إعداد هذا التقرير مراسلة عنب بلدي في مدينة إدلب هدى الكليب
–