تحدثت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير، أن قوات الأمن اليونانية توظف أشخاصًا من جنسيات دول ثالثة، من أصل شرق أوسطي أو جنوب آسيوي، لإبعاد طالبي اللجوء إلى الحدود البرية بين اليونان وتركيا.
وبحسب التقرير الصادر عن المنظمة، الخميس 7 من نيسان، بعنوان “كانت وجوههم مغطاة: استخدام اليونان للمهاجرين كمساعدين للشرطة في عمليات الإعادة“، وجدت أن الشرطة اليونانية تحتجز طالبي اللجوء على الحدود البرية بين اليونان وتركيا عند نهر “إيفروس”، وفي كثير من الحالات تجردهم من معظم ملابسهم وتسرق أموالهم وهواتفهم وممتلكاتهم الأخرى.
وتسلّم الشرطة اليونانية المهاجرين إلى رجال ملثمين، يجبرونهم على ركوب قوارب صغيرة، ويأخذونهم إلى منتصف نهر “إيفروس”، ويدفعونهم إلى المياه المتجمدة، ما يجعلهم يتجهون نحو ضفة النهر على الجانب التركي، وذكر التقرير أنه لم يتم تسجيل أي منهم بشكل صحيح في اليونان أو يُسمح لهم بتقديم طلبات لجوء.
وأورد التقرير شهادات لأكثر من 20 مهاجرًا ممن أكدوا وجود مهاجرين باكستانيين وأفغان وعرب مع الشرطة اليونانية، وأن هؤلاء هم من أبعدوهم إلى الضفة التركية بقوارب عبرت بهم النهر، وبعض الشهادات تحدثت عن قيام “المتعاونين” مع قوات الأمن اليونانية بالاعتداء على المهاجرين.
وصرّح مدير حقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة، بيل فريليك، وهو أحد معدّي التقرير، أنه “لا يمكن إنكار أن الحكومة اليونانية مسؤولة عن عمليات الإعادة غير القانونية على حدودها، واستخدام وكلاء لتنفيذ هذه الأعمال غير القانونية لا يعفيها من أي مسؤولية”.
وأضاف، “ينبغي على المفوضية الأوروبية أن تفتح إجراءات قانونية على وجه السرعة، وتحاسب الحكومة اليونانية على انتهاك قوانين الاتحاد الأوروبي التي تحظر الطرد الجماعي”.
وقابلت المنظمة 26 مهاجرًا وطالب لجوء أفغانيًا، 23 منهم أُعيدوا من اليونان إلى تركيا عبر نهر “إيفروس” بين أيلول 2021 و شباط الماضي، وقال الـ23 رجلًا وامرأتان وصبي إن رجالًا اعتقدوا أنهم من السلطات اليونانية احتجزوهم لمدة تزيد على 24 ساعة مع القليل من الطعام أو مياه الشرب أو دونها ثم تم دفعهم إلى تركيا.
وقال 16 مهاجرًا ممن وردت شهاداتهم في التقرير، إن رجالًا يتحدثون العربية أو إحدى لغات جنوب آسيا كانوا يقودون القوارب التي تعيدهم إلى تركيا.
ومعظمهم كانوا يرتدون زيًا أسود شبيهًا بالملابس العسكرية، ويغطون أوجههم بأقنعة.
ثلاثة من أصحاب الشهادات قالوا إنهم تحدثوا مع سائقي القوارب، وقالوا لهم إنهم أيضًا مهاجرون، وظفتهم الشرطة اليونانية للقيام بتلك المهمات مقابل وعود بتزويدهم بوثائق تمكّنهم من السفر.
انتهاك لحقوق الإنسان
أشارت المنظمة في تقريرها إلى أن عمليات الإعادة تنتهك العديد من معايير حقوق الإنسان، بما في ذلك حظر الطرد الجماعي بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والحق في الإجراءات القانونية الواجبة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والحق في طلب اللجوء بموجب قانون اللجوء في الاتحاد الأوروبي وميثاق الاتحاد الأوروبي.
إلا أن الحكومة اليونانية بدورها تنكر بشكل روتيني الضلوع في عمليات الإعادة، وتصف هذه المزاعم بأنها “أخبار مزيفة” أو “دعاية تركية” وتتخذ إجراءات صارمة، بما في ذلك من خلال التهديد بفرض عقوبات جنائية، ضد أولئك الذين يكتبون عن مثل هذه الحوادث
وقال رئيس فرع الأجانب وحماية الحدود في الشرطة اليونانية، اللواء ديميتريوس ماليوس، إن “وكالات الشرطة وموظفيها سيستمرون في العمل بطريقة دائمة ومهنية وقانونية وسريعة، مع اتخاذ جميع التدابير اللازمة لإدارة تدفقات اللاجئين والمهاجرين بشكل فعال، وبطريقة تحفظ من ناحية حقوق الإنسان للأجانب، ومن ناحية أخرى تحمي المواطنين خاصة في المناطق الحدودية”.
وتوجد وكالة حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس) عند النقاط الحدودية اليونانية مع تركيا، لمساعدة سلطات أثينا على مواجهة تدفقات اللاجئين إلى أراضيها، وأوردت شهادات المهاجرين مشاهدة عناصر بألبسة عسكرية تحمل شارات “فرونتكس”، كانوا موجودين لحظة توقيفهم، إلا أنها (الشهادات) لم تؤكد وجود أولئك العناصر في أثناء ارتكاب الانتهاكات الحقوقية بحقهم.
يجب إيقاف عمليات الإعادة
وأكدت “هيومن رايتس ووتش” أن على اليونان أن توقف على الفور جميع عمليات الإعادة من الأراضي اليونانية، وأن تكف عن استخدام مواطني الدول الثالثة في عمليات الطرد الجماعي.
وأضافت أن على المفوضية الأوروبية، التي تقدم الدعم المالي للحكومة اليونانية للسيطرة على الهجرة، أن تطالب اليونان بإنهاء جميع عمليات الإعادة بإجراءات موجزة والطرد الجماعي لطالبي اللجوء إلى تركيا، والضغط على السلطات لإنشاء آلية مستقلة وفعالة لمراقبة الحدود من شأنها التحقيق في مزاعم العنف على الحدود، وضمان عدم مساهمة أي من تمويلها في انتهاكات الحقوق الأساسية وقوانين الاتحاد الأوروبي.
كما يتعيّن على المفوضية الأوروبية فتح إجراءات قانونية ضد اليونان لانتهاكها قوانين الاتحاد الأوروبي التي تحظر الطرد الجماعي.
–