“يخبئ بوتين وأتباعه أموالهم القذرة في دول يحكمها القانون من خلال شراء القصور واليخوت الضخمة والأعمال الفنية وغيرها من الأصول العالية القيمة”، يقول السيناتور الأمريكي شيلدون وايتهاوس، في أثناء تقديمه تشريعًا يعرض مكافآت نقدية مقابل معلومات تؤدي إلى مصادرة الأصول التي يحتفظ بها “الأوليغارشيون” (مجموعة نافذة تحكم وتسيطر على الثروات) الروس الخاضعون للعقوبات.
واستهدفت العقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا، في 6 من نيسان الحالي، ابنتي الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كاترينا فلاديميروفنا تيخونوفا، وماريا فلاديميروفنا فورونتسوفا، لاعتقاد واشنطن أن العديد من أصول بوتين “مخبأة لدى أفراد عائلته”.
على مدى أربعة عقود، كافح الرئيس الروسي، البالغ من العمر 69 عامًا، لمنع وسائل الإعلام من معرفة الكثير عن حياته الشخصية، وبذل جهودًا متضافرة لحماية أطفاله من دائرة الضوء.
لم يعترف بوتين علنًا بأطفاله أبدًا، ولم تؤكد ابنتا بوتين، اللتان تعتقد الولايات المتحدة أنهما تساعدانه في إخفاء ثروته، علانية أن الزعيم الروسي هو والدهما، بينما يرفض بوتين الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بهما، وتدور الشبهات حول إنجاب ابنة ثالثة من صديقة له في عام 2015.
الصندوق الأسود ومضيفة الطائرة
“ليس كل الآباء محبين لأطفالهم كما هو، قد أفسدهم دائمًا، بينما كنت أنا من اضطررت إلى تأديبهم”، تقول زوجة بوتين السابقة ليودميلا شكريبنيفا.
كان لبوتين ابنتان، كاترينا وماريا، من زواجه الأول من مضيفة الطيران السابقة ليودميلا شكريبنيفا، التي كان متزوجًا منها لمدة ثلاثة عقود حتى طلاقهما في عام 2013.
ولدت ماريا في لينينغراد عام 1985، وولدت كاترينا في ألمانيا عام 1986، عندما عاشت العائلة هناك خلال فترة عمل والدها في “الكي جي بي” (الاستخبارات السوفييتية).
سميت كلتا الفتاتين على اسم جدتيهما، لقب ماريا هو ماشا ولقب كاترينا هو كاتيا (ماشا وكاتيا هي اختصارات روسية شائعة لماريا وكاترينا).
عندما انتقلت العائلة إلى موسكو في عام 1996، التحقت الفتاتان بمدرسة للغة الألمانية، وعندما أصبح بوتين رئيسًا بالنيابة، فُصلت الطفلتان من المدرسة وأكملتا تعليمهما في المنزل.
طبيبة وباحثة بتمويل “الكرملين”
درست ماريا فلاديميروفنا فورونتسوفا، ابنة بوتين الكبرى، علم الأحياء في جامعة سانت بطرسبرغ والطب في جامعة موسكو الحكومية، وفقًا لتحقيق لوكالة “رويترز“، بينما تخصصت كاترينا في الدراسات الآسيوية، والتحقت الفتاتان بالجامعة بهويات مزيفة.
تمارس ماريا البالغة من العمر 36 عامًا مهنة الطب الحيوي المتخصصة في نظام الغدد الصماء، ووفقًا لما ورد في حزمة العقوبات الأمريكية، فإن ماريا تقود البرامج التي تمولها الحكومة والتي تلقت مليارات الدولارات من “الكرملين” لأبحاث الجينات، ويشرف عليها بوتين شخصيًا.
وهي مؤلفة مشاركة لكتاب عن “التقزم المجهول السبب” عند الأطفال، كمرشحة دكتوراه في مركز أبحاث الغدد الصماء في موسكو عام 2015، كما أنها منخرطة بشكل كبير في أعمال البحث الجيني، التي وصفها بوتين في الماضي بأنها مجال “سيحدد مستقبل العالم بأسره”.
وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الروسية والغربية، تزوجت ماريا من رجل الأعمال الهولندي جوريت فاسين، ويشاع أن لديهما طفلًا.
خلال سلسلة حوارات أجراها بوتين مع المخرج الأمريكي الشهير أوليفر ستون، في عام 2017، سأل ستون عما إذا كان يلعب مع حفيده، فأجاب بوتين، “نادرًا جدًا للأسف”.
راقصة بهلوانية ومليارديرة شابة
كاترينا فلاديميروفنا تيخونوفا، ولدت في 31 من آب 1986، وتبلغ من العمر 35 عامًا، وهي راقصة بهلوانية لموسيقى “الروك أند رول”، ومديرة مبادرتين في جامعة موسكو الحكومية، هما “المؤسسة الوطنية للتنمية الفكرية” و”المركز الوطني للاحتياطي الفكري”.
وهي أيضًا مديرة مشروع “إنوبراكتيكا” التنموي بقيمة 1.7 مليار دولار لإنشاء مركز العلوم في جامعة موسكو الحكومية.
تركت تيخونوفا اسم “بوتين” وأخذت اسم أسرة جدتها الأم “إيكاترينا تيخونوفا شكربنيفا”، كما في لقبها.
عام 2013 تزوجت كاترينا من الملياردير الروسي كيريل شامالوف، ابن نيكولاي شاملوف، وهو صديق قديم لبوتين، وشاملوف من كبار المساهمين في بنك “روسيا”، الذي وصفته الولايات المتحدة بالمصرف المركزي للنخبة الروسية.
انفصل الزوجان في عام 2018، وكانا يحوزان على شركات تبلغ قيمتها نحو ملياري دولار وفقًا لتقديرات قدمها محللون ماليون لـ”رويترز“، وتنبع تلك الثروة أساسًا من حصة كبيرة في شركة الغاز والبتروكيماويات الكبرى التي حصل عليها كيريل من غينادي تيمشينكو، المعروف كتاجر سلع شهير، وكواحد من أصدقاء بوتين القدامى.
توجد إشاعات بأن بوتين لديه ابنة ثالثة مع صديقته ولاعبة الجمباز الإيقاعي الروسية السابقة ألينا كابيفا، لكن لم يتم تأكيد الطفل ولا العلاقة مع كابيفا.
معنى العقوبات
يعتبر حجم ثروة بوتين موضوعًا حساسًا في روسيا، ونفى “الكرملين”، عام 2021، امتلاك بوتين قصرًا فخمًا على البحر الأسود، كما زعم السياسي المعارض أليكسي نافالني، في مقطع فيديو جذب جمهورًا كبيرًا على موقع “يوتيوب“.
زعم المتحدث باسم “الكرملين”، ديمتري بيسكوف، في شباط الماضي، أن العقوبات التي فُرضت على بوتين نفسه لا طائل من ورائها، وأكد أن بوتين غير مبالٍ تمامًا، مشيرًا إلى أن العقوبات تتضمن مزاعم سخيفة بشأن بعض الأصول، وأن “الرئيس ليس لديه أصول غير تلك التي أعلنها”، لكن المشرعين الأمريكيين يعتقدون خلاف ذلك.
أعرب “الكرملين” عن شعوره بالحيرة من القرار الأمريكي، ووصف الخطوة ضد ابنتي بوتين بأنها جزء من جنون غربي أوسع ضد روسيا.
وجاءت العقوبات حسب إعلان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ردًا على “الفظائع” التي ارتكبتها روسيا في مدينة بوشا الأوكرانية.
تعني العقوبات أن ابنتي بوتين سيتم عزلهما عن النظام المالي الأمريكي، وسيتم تجميد أي أصول لهما في الولايات المتحدة، وبحسب بيان العقوبات، فإن “هؤلاء الأفراد أثروا أنفسهم على حساب الشعب الروسي”، “وبعضهم مسؤول عن تقديم الدعم الضروري لدعم حرب بوتين على أوكرانيا”.
–