كتب دانيل ودريزنر في واشنطن بوست
عندما قررت سوريا التدخل في سوريا، كتب موظفون في مؤسسة سبويلر أليرتس “القوة العظمى تبدو دائمًا أقوى عندما تعلن أنها ستقوم بنشاط توسعي في منطقة ما، ولكن مايحدث بعد ذلك هو المهم”.
حدث ذلك منذ شهرين، ولكن كيف تبدو الأمور الآن فيما يخص مغامرة بوتين في سوريا؟ سطحيًا تبدو الأمور سيئة، إذ إن الحقائق على الأرض هي كالتالي:
1- لم تحرز قوات النظام السوري أي تقدم في السيطرة على الأراضي.
2- دمرت طائرة روسية مدنية في مصر إثر انتقام.
3- قتلت تركيا جنديًا روسيًا، وساءت العلاقات الروسية التركية بشكل كبير.
4- سقطت هليكوبتر روسية وهي تحاول إنقاذ كابتن الطائرة الروسية التي أسقطتها تركيا.
ثلاث مقالات هذا الأسبوع أظهرت أن المعلومات المنشورة حول ما سبق يبدو أنها في الحقيقة دقيقة للغاية.
التقرير الأول في بلومبيرغ
أظهر تقرير في بلومبيرغ أعده إليا أرخيبوف وهنري ماير أن روسيا من المحتمل أن تكون قد تورطت في سوريا، قلل عددٌ من المسؤولين الروس رفيعي المستوى من المدة التي ستأخذها العمليات الروسية لدعم بشار الأسد عندما قررت موسكو التدخل في الحرب الأهلية السورية في 30 أيلول الماضي، ولكن الآن هناك أحاديث تشير إلى أنها ستدوم عدة أشهر في حين يتامل البعض ألا تدوم لسنوات.
مسؤول مختص قال إن روسيا خصصت في بداية عملياتها 1.2 مليار دولار للحرب حتى عام 2016 فقط. ولكن النفقات بلغت حوالي 4 مليون دولار يوميًا قبل أن يدفع بوتين بالمعدات والقوات منتصف تشرين الثاني الماضي، وهذا سبب تضاعف النفقات لتصل إلى 8 مليون دولار يوميًا (أو 3 مليار سنويًا)، بحسب المعهد الملكي للخدمات المتحدة أو RUSI، وهي مجموعة بحث عسكرية في لندن.
بدوره قال أنتون لافروف المحلل العسكري الروسي أنه بينما كانت القوات السورية تحقق النجاحات بدعم من روسيا، مثل طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” من قاعدة عسكرية بالقرب من حلب بعد سنتين، بدأ بوتين يدرك أنه لا يستطيع هزيمة التنظيم باستخدام القوة الجوية فقط.
التقرير الثاني في صحيفة البوليتيكو
في تقرير آخر أعده ميشيل كرولي في صحيفة البوليتيكو، يبدو أن الآراء شبيهة جدًا بالتقرير السابق، وأشار إلى توجه وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إلى موسكو الأسبوع المقبل ليلتقي مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ويقول مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون أن تدخل بوتين في سوريا يظهر نتائج أبطأ مما أمل الرئيس الروسي، وهذا يمكن أن يجعله يرغب أكثر في التعاون مع أمريكا لحل أزمة الحرب الأهلية في سوريا.
وتقول مصادر غربية إن هناك إشارات على سحب إيران أكثر من نصف قواتها من سوريا بعد ما عانته بمقتل العديد من قادة الحرس الثوري الإيراني، وهي إشارة تدل على الإحباط ويمكن أن تكون إشارة على التوتر المتزايد مع موسكو حول الاستراتيجية في سوريا.
ولا يستبعد المسؤولون الأمريكيون الذي تفاجؤوا بأفعال موسكو في سوريا وأوكرانيا، احتمال أن يصعّد الرئيس الروسي هذا الصراع.
بوتين التقى مع مسؤولين عسكريين في روسيا، 20 تشرين الثاني الماضي، وأشار إلى “المراحل القادمة” في حملته داخل سوريا، مردفًا “لا يكفي تطهير سوريا من المتمردين والإرهابيين، إلا أنه يجب حماية الروس من هجمات إرهابية محتملة”.
الكاتب الروسي روجانسكي قال إن مزاج بوتين تعكر بعد إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا، ومن دعوة الناتو لمونتينيغرو في البلقان للانضمام إلى التحالف، إذ يعتبر توسع الناتو شرق أوروبا تهديدًا لروسيا، بينما قال الرئيس السابق لروسيا ورئيس الوزراء الحالي ديميتري ميدفيدف إن أفعال تركيا ترقى إلى “جريمة حرب”.
تقلقني الفقرتان الأخيرتان من تقرير كرولي، إذ إن آخر مرة حصر في زاوية بسبب قمار طائش في السياسة الخارجية لروسيا، جعله يضاعف من استراتيجياته، ومن الواضح أن هذه السياسة لم تفشل في شرق أوكرانيا ولم تنجح أيضًا، كما أن قصف روسيا للتركمان حلفاء تركيا في سوريا يأتي بشكل متزامن مع تصرفه السابق.
التقرير الثالث في رويترز
بعد التطرق إلى كل ما سبق، يمكن أن يكون بوتين تصرف بطريقة مختلفة، إذا أخذنا هذه القصة التي نقلتها رويترز دليلًا على ذلك، فقد قال فلاديمير بوتين، الجمعة الماضي، إن روسيا تدعم الجيش السوري الحر جويًا وبالأسلحة والذخائر خلال عمليات مشتركة مع القوات السورية ضد “الميليشيات الإسلامية”.
وهذه هي المرة الأولى التي تقول موسكو فيها إنها تدعم بالفعل معارضي الرئيس بشار الأسد في قتالها لـ”الميليشيات الإسلامية”، إذ قال بوتين الشهر الماضي إن القوة الجوية الروسية ضربت عدة أهداف إرهابية زودها بها الجيش السوري الحر.
أنا أشك بشكل كبير بقدرة إدارة أوباما على تحويل الإحباط الروسي في سوريا إلى حل سياسي بناء، إذ يتطلب الموضوع في هذا الوقت تعاونًا روسيًا تركيًا ولايبدو أن هذا سيحدث قريبًا.
مع ذلك، عندما يطالب المتشددون في أمريكا بزيادة التدخل في سوريا، من المهم تذكّر أنهم لم يجيبوا حتى الآن على كيفية مساعدة التدخل الأمريكي بجعل الوضع أفضل في سوريا.
حماقة بوتين في سوريا تشير إلى أن القوة العظمى تتدخل بالحروب الأهلية في الشرق الأوسط على مسؤوليتها الخاصة.
نشر في 11 كانون الأول وترجمته عنب بلدي، لقراءة المقال باللغة الإنكليزية من المصدر اضغط هنا.