“عساكر” في قوات النظام بحلب.. العمل الإضافي لتغطية العجز المعيشي

  • 2022/04/19
  • 4:27 م

مقاتلون بقوات النظام السوري بريف حلب الغربي- شباط 2020 (سانا)

بعد جهد طويل أمضاه في البحث عن فرصة عمل بدوام ليلي، استطاع “فايز” (26 عامًا)، وهو عنصر بقوات النظام، العثور على فرصة عمل في ورشة تطريز براتب شهري قدره 35 ألف ليرة سورية (نحو عشرة دولارات)، سعيًا منه لتحسين وضعه المعيشي.

ويؤدي “فايز”، اسم مستعار لأسباب أمنية، خدمته العسكرية الإلزامية في حلب، إذ قال لعنب بلدي، إنه قرر البحث عن عمل لتأمين مدخوله ومساعدة أسرته التي تُقيم في عربين بالغوطة الشرقية.

ولم يكن إقناع الضابط المسؤول عنه سهلًا، إذ وافق على عمل “فايز” الإضافي إلى جانب خدمته العسكرية، بشرط أن يعثر على عمل قريب من مكان خدمته.

ويبلغ راتبه الشهري الذي يتقاضاه لقاء خدمته العسكرية 37 ألف ليرة شهريًا، ووصفه بأنه غير كافٍ، إذ إن عائلته المقيمة في عربين عاجزة عن تأمين حاجياتها اليومية، نظرًا إلى الوضع المعيشي المتردي.

وخلال عملة في معمل الخياطة بمنطقة العرقوب الصناعية، يستقل “فايز” حافلة للذهاب إلى عمله، بينما يضطر إلى العودة سيرًا على الأقدام في كثير من الأحيان لغرض توفير بعض المال لعائلته، إذ يسير حوالي ثلاثة كيلومترات لتوفير أجرة الحافلة التي لا يملكها “فايز” في كثير من الأحيان.

ومن جانبه، يتعامل النظام السوري مع الأزمات الاقتصادية المتزامنة التي تشهدها مناطق سيطرته بالأعذار الجاهزة والمبررات المسبقة، يقابلها عجز حكومي واضح عن تقديم حلول إسعافية تنتشل البلاد من مستنقع التدهور الاقتصادي، الذي ينعكس بدوره على الواقع المعيشي للمواطن.

وفي حين يعاني المواطن السوري من غلاء كبير في الأسعار لا تواكبه المعاشات الشهرية للعاملين في المؤسسات الحكومية، أطل رئيس النظام، بشار الأسد، في خطاب القسم الدستوري الذي ألقاه في 17 من تموز 2021، مجددًا التأكيد على الذرائع الاقتصادية التي قدمها في وقت سابق، ليبرر حالة الإنهاك الاقتصادي ضمن مناطق سيطرته.

الحالة صارت ظاهرة

خلال اليوم الواحد، يمر عنصران أو ثلاثة على المحال التجارية والمعامل وورشات الخياطة للسؤال عن عمل، والقاسم المشترك بينهم هو طلب عمل ليلي، ليتمكنوا من موازنة خدمتهم العسكرية مع عملهم المدني.

رضوان (53 عامًا)، اسم مستعار لصاحب محل للوجبات السريعة في حي الجميلية بحلب، قال لعنب بلدي، إنه دائمًا ما يُسأل عن فرص عمل بدوام ليلي وهي ظاهرة قديمة، إلا أن السؤال عن العمل من قبل العساكر بات ظاهرة جديدة في المنطقة.

روى رضوان لعنب بلدي قصة عسكري بقوات النظام ينحدر من محافظة حمص، كان يعمل في مطعمه وبقي فيه لأكثر من شهرين، إذ نُقلت خدمته إلى محافظة درعا، ما اضطره إلى ترك العمل لديه.

وفي محل آخر لبيع الفروج في حي صلاح الدين بمدينة حلب، يعمل شابان من العسكريين بقوات النظام، أحدهما ينحدر من محافظة حماه، ويؤدي خدمته في في ثكنة “هنانو” العسكرية بمدينة حلب.

وبحسب محادثة رصدتها عنب بلدي بين أحد العسكريين العاملين بمحل بيع الفروج وأحد الزبائن، فإن ندرة المواصلات ليلًا تشكّل عائقًا إضافيًا له، إلى جانب وضعه المعيشي السيئ الذي دفعه للعمل إلى جانب خدمته العسكرية.

ويعيش عناصر النظام الذين يؤدون الخدمتين الإلزامية والاحتياط ظروفًا صعبة، إذ إن المخصصات التي يحصلون عليها من الطعام والبدل المالي قليلة، مقارنة بما يحصل عليه العناصر السوريون المنضوون في ميليشيات تابعة للروس أو الإيرانيين.

وفي كانون الثاني الماضي، أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بصفته القائد العام للجيش والقوات المسلحة، قرارًا رفع بموجبه قيمة “جعالة” (وجبة الطعام اليومية) لـ”المطعّمين” في صفوف الجيش إلى 2010 ليرات سورية، بدءًا من مطلع الشهر نفسه.

ويعاني الجيش من أزمة في تأمين الطعام لجنوده، في حين بلغت ديون “إدارة التعيينات” 11 مليار ليرة سورية، بحسب معلومات تحققت منها عنب بلدي.

وقدّر “مجلس العلاقات الدولية الروسي” العدد الإجمالي لأفراد الجيش ما قبل عام 2011 بحوالي 325 ألفًا، بينهم 220 ألفًا من القوات البرية، و100 ألف من القوى الجوية (60 ألفًا منها للدفاع الجوي، و40 ألفًا من القوات الجوية)، وأربعة آلاف من القوات البحرية، مع ثمانية آلاف من حرس الحدود و100 ألف مقاتل من “الجيش الشعبي”.

شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في حلب صابر الحلبي

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا