هل يقع “أبو عمشة” في مصيدة المحاكم الأوروبية

  • 2022/04/03
  • 1:54 م

عنب بلدي – حسن إبراهيم

بعد غياب محاسبة قائد “فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات) “المعزول” محمد الجاسم (أبو عمشة)، وعدم محاكمته قضائيًا في ريف حلب، تداولت مواقع وشبكات على وسائل التواصل الاجتماعي أنباء عن رفع دعاوى لمقاضاته في المحاكم الأوروبية.

وجاءت هذه الأنباء بعد أن فشلت السلطات القضائية والجهات التنفيذية العاملة في ريف حلب بمقاضاة الفصيل وقياداته المنضوية تحت راية “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، ما طرح تساؤلات عن إمكانية محاكمته بانتهاكات داخلية في المحاكم الأوروبية.

مساعٍ لوضع “أبو عمشة” أمام المحاكم الأوروبية

تحدثت بعض وسائل الإعلام عن توجه ناشطين مقيمين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لمقاضاة “فرقة السلطان سليمان شاه” التي تنشط في الشمال السوري وتسيطر على مناطق تابعة لمدينة عفرين، بتهمة ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

تمحورت الأنباء حول وجود تحقيقات وشهادات جمعها ناشطون كرد وإيزيديون تدين قائد “العمشات”، محمد الجاسم (أبو عمشة)، ويتجهون بها نحو المحاكم الأوروبية والأمريكية بهدف الوصول إلى فرض عقوبات على فصيله ومحاكمة قياداته بتهمة ارتكاب انتهاكات بحق المدنيين في عفرين شمالي سوريا.

وجمع ناشطون الأدلة والإثباتات والشهود لتقديمها للمحاكم الأوروبية والأمريكية، بحسب ما نُشر في مواقع التواصل، لمعاقبة “العمشات” وقيادتها، وفرض عقوبات عليها وإدراجها على لائحة العقوبات الأمريكية، وجلب قادتها والضالعين بالانتهاكات لمحاكمتهم أمام القضاء.

أوضحت الأنباء أن الناشطين مشددون على ضرورة محاكمة المفسدين والمجرمين أمام محاكم عادلة بعيدًا عن المحسوبيات والسلطوية، التي أدت إلى غياب محاسبته على انتهاكات مثبتة بالأدلة.

وتتضمّن الأدلة انتهاكات تخص حقوق الإنسان، متعلقة بمصادرة البيوت والأراضي وبيعها، وقطع آلاف الأشجار المعمرة، وتحويل بعض منازل المدنيين إلى مقرات عسكرية، وفرض الإتاوات، بالإضافة إلى انتهاكات قتل الأبرياء من نساء وشيوخ وأطفال، وترويع المدنيين ودفعهم لمغادرة بيوتهم والهجرة القسرية بحثًا عن الأمان.

وبحثت عنب بلدي عن جهة قضائية أوروبية محلية أو دولية رُفعت فيها دعاوى ضد محمد الجاسم أو الفصيل، لكنها لم تجد.

محاكمة “العمشات” أوروبيًا.. هل هذا حراك واقعي؟

مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بسام الأحمد، أوضح في حديث إلى عنب بلدي، أن محاكمة “أبو عمشة” في محاكم أوروبية، تتطلب عدة أمور هي:

– أن يكون القانون الوطني للدولة الأوروبية، التي ستُقدم فيها الشكوى، يسمح بملاحقة مرتكبي الجرائم، حتى لو لم تقع الجريمة على أراضيها.

– أن يكون هناك ضحايا لهذه الانتهاكات، ويجب أن يكون المتهم موجودًا على الأراضي التي تُرفع فيها الدعوى.

ويرى الأحمد أن المصيبة الأساسية في الانتهاكات التي تحدث في ريف حلب، أنها لا ترتبط بشخص بعينه، فهي جزء من منظومة إجرامية أكبر، فـ”أبو عمشة” مثل رئيس كتيبة أو ضابط في النظام السوري، أو بعض القيادات والفصائل المعارضة، وهو ليس الوحيد المتهم بارتكاب الانتهاكات.

وذكرت مصادر مطلعة على قضية “أبو عمشة” ومقربة من “الجيش الوطني” لعنب بلدي، أن أحد أسباب عدم المحاسبة، هو الدعم التركي لقائد الفصيل، وهذا ما تجلى في ظهور قيادات تركية في تسجيلات مصوّرة رصدتها عنب بلدي، تشيد بمحمد الجاسم وبأعماله، وتعزو له أسباب استقرار المنطقة.

بسام الأحمد أوضح إمكانية التقدم بشكوى على الحكومة والسلطات التركية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لكن يجب إثبات رابط ودعم ملموس بين تركيا و”أبو عمشة”، وشروط لها علاقة باستنفاد سبل التقاضي المحلي في تركيا قبل التوجه إلى المحكمة الأوروبية.

ونوّه مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” إلى أن المهتمين في محاكمة “أبو عمشة” البعيدين عن أي غاية إعلامية، عليهم تركيز الجهود على توثيق الانتهاكات، وآليات أممية، فمرتكبو هذه الاتهامات “سيحاكمون يومًا ما”.

قيادي بعد العزل والنفي.. ماذا حدث؟

بعد أن وُجهت العديد من الاتهامات إلى “أبو عمشة” وعناصر من فرقته في منطقة شيخ الحديد بعفرين، تتعلق بجمع إتاوات وزيت الزيتون من المزارعين باسم “أبو عمشة”، ومقاسمة الناس محاصيلهم، والاستيلاء على الأراضي، وانتهاكات متعددة للحقوق من قضايا اغتصاب واتهامات باطلة لأشخاص، لدفع مبالغ مقابل الحصول على البراءة، شُكلت “لجنة ثلاثية” للتحقيق بانتهاكات “العمشات”.

أصدرت اللجنة بيانًا تضمّن عدة أحكام بحق الفصيل وشخصيات قيادية فيه، وأبرز هذه الأحكام نفي “أبو عمشة” وشقيقيه وليد الجاسم (سيف)، ومالك الجاسم (أبو سراج)، خارج منطقة عمليات “غصن الزيتون” (عفرين وريفها) لمدة عامين هجريين.

كما تضمّن تجريم كل من “أبو عمشة” وخمسة قياديين في الفصيل بجرم الفساد، ودفع مبالغ تعويضًا لبعض المتضررين ماليًا، وعزل “أبو عمشة” عن جميع مهامه الموكلة إليه، وعدم تسليمه شيئًا من “مناصب الثورة” لاحقًا.

وتوعدت “غرفة القيادة الموحدة” (عزم) المكوّنة من عدة تشكيلات عسكرية والمنضوية تحت راية “الجيش الوطني” بتطبيق قرارات اللجنة، ونقل الشكاوى إلى القضاء، والتعهد بالعمل على “نصرة المظلوم وإرساء العدل”

لكن “أبو عمشة” ظهر، في 8 من آذار الماضي، في اجتماع لـ”الحكومة السورية المؤقتة” مع القادة العسكريين في “الجيش الوطني”، تلاه نشر “هيئة ثائرون للتحرير”، المنضوية تحت مظلة “الجيش الوطني”، كلمة لـ”أبو عمشة”، في الذكرى الـ11 لانطلاق الثورة السورية، باعتباره عضوًا في مجلس قيادة “هيئة ثائرون” في 15 من آذار الماضي.

الأمر الذي فتح الباب واسعًا أمام جدل كبير وغضب واستنكار من سوريين وناشطين كانوا يأملون في محاسبة مرتكبي الانتهاكات، وتحقيق “العدالة” ومحاسبة “أبو عمشة” وفرقته، التي يعتقد محللون تحدثت إليهم عنب بلدي، أنها ستشكّل علامة فارقة في الاستقرار واستتباب الأمن، وستشكّل سابقة قد تغيّر وضع الشمال عمومًا في تشكيل مرجعية قضائية موحدة وملزِمة للجميع.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا