يبدأ فيلم “The Commuter” بإيقاع مخالف تمامًا لما سينتهي عليه، إذ يفتتح العمل بمشاهد غاية في السكينة والهدوء والعادية، لكن تلك الأمور ما هي إلا عوامل تمهيدية لخلق حالة تصعيد لا في العمل فقط، بل وفي تصعيد قد يبرره المشاهد في نفس البطل وذاته، بما يجعل قبول خيارات أو التنازل عن مبدأ ما في وقت معيّن، وتحت تأثير ظرف محدد، سلوكًا مبررًا للبطل.
والقضية أن “مايك” عمل موظف تأمينات بعد تسريحه أو تقاعده دون تعويضات من عمله محققًا في الشرطة، لكن هذه الوظيفة أيضًا لن تدوم طويلًا، فالشركة تعتذر منه وتتنازل عن خدماته.
يخرج الرجل من العمل مثقلًا بالأقساط التي تنتظر التسديد، والالتزامات التي تحتاج إلى المال بالضرورة، لينفتح أمامه باب سيغير حياته كليًا ما إن يصعد القطار الذي اعتاد أن يستقله يوميًا من وإلى عمله.
خلال جلوس “مايك” تعرض عليه سيّدة مبلغًا كبيرًا مقابل اكتشاف راكب مجهول الهوية على متن القطار، يحمل بحقيبته شيئًا قد يُستخدم كدليل قضائي في المحكمة، ويجب أن يحل “مايك” المعضلة بعد عدة محطات، بما يضمن عدم نزول هدفه المجهول من القطار.
ليست المغريات فقط ما يقود “مايك” للقبول، بل التهديد أيضًا، فالرفض يعني قتل زوجته وابنه، والفشل في العملية يفضي إلى نتائج غير محمودة العاقبة.
على سكة القطار يسير الفيلم بخفة، فمن الناحية المادية استطاع العمل إتمام الرحلة بعدد قليل من الممثلين نسبيًا، باعتبار أن الحضور الرئيس لبعض ركاب القطار، وما دونهم يعدون على الأصابع بمشاهد قصيرة.
ومن الناحية الإنتاجية، فلا مواقع تصوير كثيرة باعتبار أن القطار تولى أمر الموقع، باستثناء مقر الشركة التي غادرها باكرًا، والمنزل الذي خرج منه ولم يعد بعد، والــ”بار”، ولمرة واحدة.
ينتمي العمل لأفلام الحركة والإثارة (أكشن)، والمميز به أداء الممثل الأيرلندي ليان نيسون، القادر وهو في عقده السابع على لعب أدوار من هذا النوع بخفة وجاذبية، كاسرًا الصورة النمطية عن الأبطال السينمائيين ذوي البنية العضلية الضخمة، مشكّلًا لنفسه ما يشبه التبويب الخاص في أعمال الجريمة والحركة والتشويق والإثارة.
ومع ذلك، تقع كثير من أفلامه في فخ التشابه، باعتبار أنها لا تقوم على تعدد الخيوط الدرامية، فالزمن زمن نيسون، والكاميرا لا تفارق البطل من ألف إلى ياء العمل، في ظل غياب حبكة تخلق حدثًا يوازي أو يشكّل أرضية للحدث الرئيس.
“The Commuter” صدر عام 2018، من إخراج جومي كوليت سيرا، وتأليف بايرون ويلينجر، وفيليب دوبلاسي.
وشارك في البطولة إلى جانب ليام نيسون، فيرا فارميجا، وباتريك ويلسون، وجوناثان بانك، ودين تشارليز تشابمان، وإيلزابيث مكجوفيرن، كما بلغ تقييمه 5.6 من أصل 10، عبر موقع “IMDb” لنقد وتقييم الأعمال الدرامية والسينمائية.