د. أكرم خولاني
تتعدد فوائد صيام شهر رمضان الروحية والاجتماعية، ويذكّر بهذه الفوائد المشايخ وعلماء الدين في كل عام، إلا أن للصيام فوائد صحية لجسم الإنسان أيضًا، وتحقيق هذه الفوائد يتطلب من الصائم الالتزام ببعض التوصيات حتى لا يتحول صيامه إلى مسبب للاضطرابات الهضمية والمشكلات الصحية، فتناول كميات كبيرة من الطعام على وجبة الإفطار بعد ساعات الصيام الطويلة، والإكثار من المشروبات ذات المحتوى العالي من السكريات، كل ذلك قد يؤدي إلى سوء الهضم وما يرافقه من مشكلات مزعجة، وكذلك فإن إهمال وجبة السحور، أو التبكير كثيرًا في تناولها، قد يؤدي إلى الإرهاق الشديد وهبوط السكر في أثناء النهار.
ما الفوائد الصحية التي يمكن أن يحققها الصيام
يزيد الصيام من استقلاب سكر الغلوكوز لإنتاج الطاقة للجسم، ما يخفّض مستوياته في الدم، وهذا يؤدي إلى خفض إنتاج الأنسولين من البنكرياس، ما يساعد على راحة البنكرياس.
ويساعد الصيام على زيادة حرق الدهون لإنتاج الطاقة اللازمة للجسم، وهذا يخفّض مستوى الكوليسترول والشحوم الثلاثية في الدم.
ويحفّز الصيام خسارة الوزن، إذ يعمل على منع تخزين الدهون في الجسم، وحرق الدهون المخزنة، ولانخفاض الوزن تأثير إيجابي على توازن ضغط الدم، والسكري، والكبد الدهني، وغيرها من الأمراض.
ويعزز الصيام إزالة السموم، خاصة المواد الحافظة والإضافات الغذائية التي تتحول إلى سموم داخل الجسم ويتم تخزينها داخل خلايا الجسم، وفي أثناء الصيام يتم حرق تلك الخلايا والتخلص من السموم من خلال الكبد والكلى، ويقلل التخلص من السموم المتراكمة وتناقص نسبة التخمر في الأمعاء من حدوث الدمامل والبثور، ويساعد على شفاء بعض الالتهابات كالتهاب المفاصل والنقرس، ويخفف من الحساسية الجلدية، ويقلل من حدة بعض الأمراض الجلدية كالصدفية.
كذلك يعزز الصيام الجهاز المناعي، عن طريق زيادة عدد كريات الدم البيضاء والحمراء وعدد الصفيحات الدموية، وإزالة سموم الجسم، وخفض الدهون، وتعزيز المحتوى الغذائي للجسم من الفيتامينات والمعادن عن طريق الخضراوات والفواكه التي يكثر تناولها في رمضان، وتحفيز تجدد الخلايا بعد التخلص من الخلايا الضعيفة، كل ذلك يساعد على تقوية جهاز المناعة.
ويساعد الصيام في التغلب على مشكلات الإدمان على النيكوتين والكافيين وغيرهما، إذ إنه يجبر الصائم على إيقاف التدخين أو شرب القهوة طوال النهار، وهذا يساعده على زيادة إرادته في التخلص منها.
ما التوصيات لجعل وجبة الإفطار صحية
تعتبر وجبة الإفطار في رمضان الوجبة الرئيسة التي يتناولها الصائم، ولتكون هذه الوجبة صحية ينصح بالالتزام بالقواعد الآتية:
- تجنب الأغذية التي تحوي نسبة عالية من الأملاح والبهارات والتوابل، وتناول الخضار والفواكه المنعشة.
- عدم الإفراط في تناول المقبلات لتجنب نقص السوائل وسوء الهضم .
- الاعتدال في كمية الطعام المتناوَلة لتجنب التخمة وسوء الهضم، وتناوله ببطء، والمضغ جيدًا، للوصول إلى الشعور بالشبع قبل تناول كميات كبيرة.
- تجنب الإكثار من الأطعمة الجاهزة.
- تجنب الإكثار من المشروبات ذات المحتوى العالي من السكريات واستبدال عصير الفواكه الطبيعي بها.
- ممارسة رياضة المشي يوميًا بعد تناول الإفطار بساعتين، أو أداء صلاة التراويح.
- شرب كمية وافرة من الماء (ثمانية أكواب على الأقل) في الفترة بين الإفطار والسحور.
تناول وجبة الإفطار وفق الترتيب الآتي:
- الابتداء ببعض حبات التمر، خاصة للأشخاص الذين يعانون من الصداع والتعب والدوخة في الصيام، فهي تمنح الطاقة السريعة للجسم بسبب احتوائها على السكريات البسيطة، وكذلك تحتوي على الألياف الغذائية التي تسهم في الشعور بالشبع، ومحاربة الإمساك، وتمنح الفيتامينات والعناصر المعدنية التي يحتاج إليها الصائم.
- ثم تناول كوب من الماء أو اللبن لتعويض نقص السوائل والمساهمة في استعادة النشاط والطاقة.
- ثم تناول الشوربات الدافئة الغنية بالألياف، فهي تعوّض السوائل، وتليّن المعدة، وتحضّر الجهاز الهضمي لاستقبال الوجبة الرئيسة.
- ثم تناول السلطة، فطبق السلطة يحوي نصف العناصر الغذائية التي يحتاج إليها الجسم، ولا يسبب التخمة، ويساعد على الشبع بطريقة صحية، لذلك يجب عدم إهماله.
- ثم يأتي دور الطبق الرئيس، الذي يجب أن يحتوي على نوع من النشويات كالأرز أو المعكرونة أو البطاطا أو البرغل، وكذلك يجب أن يحتوي على نوع من اللحوم كاللحم الأحمر أو لحم الدجاج أو السمك، أو على الحبوب والبقوليات واللبن والحليب المنخفض الدسم.
ما أهم التوصيات لجعل وجبة السحور صحية
تعد وجبة السحور ذات أهمية كبيرة للصائم توازي بأهميتها وجبة الإفطار، فهي التي تمد الجسم بالطاقة خلال النهار، لذلك يجب أن تكون صحية ومتكاملة، لذلك ينصح بما يأتي:
- تجنب الإكثار من الأطعمة والمشروبات ذات المحتوى العالي من السكريات والنشويات المكررة كالأرز الأبيض والمعجنات والخبز الأبيض، لأنها سريعة الهضم والامتصاص وترفع سكر الدم بشكل سريع ثم تخفضه بشكل سريع أيضًا، ما يعجل الشعور بالشبع ثم الشعور بالجوع.
- تناول الأطعمة العالية المحتوى بالألياف الغذائية، كالحبوب الكاملة والخضراوات والفواكه والبقوليات، لأنها تبطئ عملية الهضم والامتصاص وترفع سكر الدم، ما يؤدي إلى زيادة الشعور بالشبع، ولأنها تحوي كميات عالية من الماء، ما يسهم في تعويض سوائل الجسم وتقليل الشعور بالعطش.
- يفضّل أن تحوي الوجبة أغذية عالية المحتوى بالماء والبروتين لأنها تعمل على إطالة مدة الشعور بالشبع، ومن أعلى الأغذية في تحقيق شعور الشبع البطاطا المسلوقة والبرتقال والتفاح.
- تجنب الأطعمة المالحة كالمكسرات المملحة والمخللات لتجنب فقدان السوائل والشعور بالعطش.
- تجنب تناول المنبهات في وقت السحور حتى لا تزيد من فقدان السوائل.
- الابتعاد عن الأغذية الحاوية على نسبة كبيرة من البهارات والتوابل والإكثار من الأغذية الغنية بالبوتاسيوم كالموز والحليب والتمر والمشمش المجفف.
- شرب الماء بكميات مناسبة وعدم الإفراط في شربه قبيل الفجر مباشرة لأن ذلك يحفز الكلى على التخلص من الكمية الزائدة، ما يسبب اضطراب النوم والشعور بالتعب والإرهاق خلال الصيام، ويجب شرب الماء بعد السحور بفترة قليلة لأن شربه خلال تناول السحور يقلل من تركيز العصارات الهاضمة، ويجب تجنب المشروبات الغازية لأنها تحد من كفاءة الهضم وتملأ المعدة.
- تأخير وجبة السحور إلى ما قبل الفجر بفترة قصيرة، والوقت الأمثل هو قبيل أذان الفجر بساعة واحدة على الأكثر، ومن الخطأ تناولها بعد منتصف الليل بقليل ثم النوم.
- عدم النوم بعد وجبة السحور مباشرة.
أخيرًا، ننوه إلى أن هناك بعض الأعراض التي قد تظهر على الصائم رغم التزامه بكل النصائح التي ذكرناها، وخاصة في الأيام الأولى من رمضان، مثل الصداع وسرعة التعب والشعور بالإعياء آخر النهار، إلا أن هذه الأعراض بسيطة وعابرة ولا تسبب أي مشكلات للجسم طالما أن الصائم لا يعاني من أي مرض سابق.