قال المعلّق الرياضي السوري ياسر علي ديب، إن التعليق السوري ينقصه دوري قوي، ولاعبون كبار، ووجود نقل لدوريات عالمية، حتى يبرز من خلالها المعلّق قدراته، حيث تجد فيها الأخبار والتقارير والإحصائيات، وهي من أهم أدوات المعلّق حتى يبدع.
ويرى ديب أن مستوى التعليق في سوريا متوازن حاليًا، رغم وجود سلبيات لدى البعض، إلا أن هناك من يتألق تدريجيًا.
وفي حديثه لموقع “كووورة“، في 31 من آذار الماضي، قال إنه ليس شرطًا في كل دول العالم أن يكون كل المعلّقين من نجوم المهنة، فـ”القمة لا تتسع للجميع، وعلينا ألا نجلد أنفسنا ونحبط المعلّقين”، على حد تعبيره.
تعليق “مزعج وصاخب”
وأعرب المعلّق السوري عن أسفه بشأن التعليق العربي بشكل عام، الذي وصفه بأنه يسير في “منحدر شديد السقوط، أمام عصابة الصراخ والعويل وقاتلي اللغة العربية (…) الذين لا يُلامون”.
وحمّل المسؤولية للإدارات التي رضيت باستمرار هذا الإزعاج، لكنه أصر على عدم التعميم في ظل وجود عدد من الأصوات الجميلة واللكنات اللطيفة والخبرات المقبولة.
وأشار ديب إلى وجود عبارات أجنبية مفككة وغير مترابطة، ويصعب تحمّل ذلك، و”هو أمر معيب. للأسف التعليق العربي بات مخجلًا ومزعجًا ومنتهي الصلاحية في الوقت الراهن”.
ويميل العرب، بحسب المعلّق ديب، للتعليق الحماسي، ومما زاد من جيل المعلّقين “الصارخين” الحالي، أن الجمهور الأكبر الذي يتابع المباريات يكون في المقاهي، حيث لا أحد يسمع أحدًا، لذلك “اكتشف معلّقو اليوم أنهم معلّقو مقاهٍ، فاختلط الحابل بالنابل في كلماتهم ووصفهم وتعليقهم حتى وصلنا إلى الوضع المزري الحالي”، بحسب ديب.
ويتفق ياسر ديب مع التعليق باللهجة المغاربية، ومع المفردات الجميلة والمصطلحات والتعبيرات الرائعة، لكن بعيدًا عن النشاز والصراخ والعويل والتهويل، فهو ضد خلط خمس لغات في جملة واحدة.
المعلم عدنان بوظو
“لا خليفة له، هناك من أكمل مسيرته، ولعب دورًا مهمًا في تطوير التعليق السوري والعربي“، بهذه الكلمات وصف ياسر ديب المعلّق الراحل عدنان بوظو، موضحًا أنه كان فريدًا بين المعلّقين العرب، وأن كثيرًا من المصطلحات التي تستخدمها نخبة المعلّقين العرب حاليًا هي بالأساس لعدنان بوظو، وأنه ليس للمبدعين خليفة في الفنون، وهذا الأمر ينطبق على الراحل بوظو.
https://www.youtube.com/watch?v=NYnCfqoatb0
عزا المعلّق ديب الفضل وراء شهرته لاجتهاده، ثم للراحل عدنان بوظو، فقد تعلم منه كيف يكون “معلّقًا لطيفًا”، كما تعلم منه كيف يكون معدًا ومذيعًا، على حد قوله، وكذلك عمل معه في الإعلام المكتوب.
وخلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، صعد عدد من المعلّقين السوريين، ولمع اسمهم، كالراحل عدنان بوظو، إذ لا يوجد سوري عاصر تلك الحقبة، ولم يسمع بجملته المشهورة: “جووول لــــــــــــسوريا!”، خلال دورة ألعاب المتوسط الأولمبية، التي أصبحت تميمة التعليق السوري.
وعطفًا على بوظو، كحجر أساس لمدرسة التعليق السوري، وجد عندليب الكرة، كما وصفته صحيفة “العرب” ومقرها لندن، ياسر علي ديب، الذي نافس يومًا كوكبة الشرق، أم كلثوم، وعندليب مصر عبد الوهاب، بمعدل الاستماع المسائي، مطربًا الجمهور في سهرات مسائية كروية.
سر نجاح المعلّق
ذكر ياسر ديب بعض الصفات التي تجعل المعلّق الرياضي ناجحًا، منها احترام الذات، وإتقان اللغة السليمة والصوت المقبول ومخارج الحروف الصحيحة، إضافة إلى معلوماته الشاملة عن الرياضة التي يعلّق عليها، وقوانين التحكيم، مع المعرفة بلغة النقد.
كما يجب على المعلّق أن يكون سريع الاستيعاب لمجريات المباراة وتحولاتها، وبيّن ديب الفرق بين المعلّق الناجح والمعلّق المشهور، وفي “عالمنا العربي المضطرب في كل جوانب الحياة لا نستغرب انحدار الذوق العام”.
يرى ديب أن التعليق الناجح يجمع بين الحماسة والاتزان، ليواكب روح اللعبة التي يحتد وطيسها في بعض الفترات، وتميل للحذر والهدوء أحيانًا.
أكد المعلّق السوري أنه سيكون منفتحًا لقبول فرصة جديدة لكن بشروط: “إن لم تكن القناة محترمة وكذلك إدارتها، فالأفضل أن أحترم تاريخي، وأقتنع أن الزمن تغير، وحينها سأجلس بين الجمهور متحملًا صراخ معلّقي المقاهي!”.
بدأ ياسر علي ديب، من مواليد حي كفرسوسة الدمشقي عام 1959، طريقه في التعليق خلال دورة المعلّقين الرياضيين الهواة التي نظمها الاتحاد الرياضي السوري عام 1977، ليبدأ مسيرته الحقيقية في مونديال 1978 في الأرجنتين عندما علّق على المباريات بدلًا من عدنان بوظو.
وعمل علي ديب محررًا ومراسلًا لعدد من الصحف الرياضية العربية والعالمية، قبل أن يلتحق بفريق العربي الموحد لاتحاد إذاعات الدول العربية (أوربت)، وتمكّن من تغطية مونديال أمريكا 1994، وعلّق على مباراة الافتتاح بين ألمانيا وبوليفيا ليصل صوته إلى العالم العربي، وعمل في قنوات “أوربت” 26 عامًا.
–