الرقة.. 1200 مصاب بالسرطان يواجهون خطر عجز القطاع الطبي عن علاجهم
أرسل علي الحسن (40 عامًا) من سكان مدينة الرقة، ولده (11 عامًا) إلى القامشلي لإجراء فحوصات طبيه، بعد أن اشتبه أحد الأطباء بوجود ورم سرطاني خبيث أسفل كتفه الأيمن.
وقال علي الحسن، إنه اضطر لإرسال ابنه برفقة أمه خشية دخول مناطق سيطرة النظام في مدينة القامشلي، بحكم أن إجراء الفحوصات يتطلب الدخول إلى المستشفى “الوطني” وسط المدينة.
وسجلت مدينة الرقة ارتفاعًا في تسجيل الإصابات بمرض السرطان على اختلاف أنواع الإصابات، إلى جانب تكبد المرضى تكاليف باهظة للعلاج، إذ يضطر بعضهم لإجراء “لمّات” من معارفهم وأصدقائهم لتأمينها.
وأشار علي الحسن لعنب بلدي، إلى أنه اضطر أخيرًا لإرسال ابنه إلى مدينة دمشق لتلقي أولى جرعاته الكيماوية، إذ ثبتت إصابته بالسرطان بعد فحص خزعة أجراه له مستشفى “القامشلي الوطني”.
ويوجد في مدينة الرقة حاليًا حوالي 1200 إصابة، تتوزع على أنواع إصابات السرطان، لكن معظمها تندرج ضمن سرطاني الأطفال والثدي، وفقًا لإحصائيات رسمية صادرة عن جمعية خيرية تُعنى بمرضى السرطان في مدينة الرقة.
وأجرت الجمعية جولات ميدانية على منازل المدينة وأحيائها ومناطق من الريف، أحصت خلالها عدد الإصابات وعناوين أصحابها وأعمارهم، والاحتياجات الضرورية التي من الممكن تقديمها.
ولم يستبعد طبيب من مدينة الرقة، تواصلت معه عنب بلدي، مساهمة المعارك التي مرت بها المنطقة، وعمليات القصف واستخدام الأسلحة العنقودية والفوسفورية، وحتى عمليات تكرير النفط، بزيادة معدل تسجيل الإصابات بمرض السرطان.
واعتبر الطبيب، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن آثار المعارك على الصحة الجسدية للإنسان لا تزال غير واضحة بالشكل المناسب، وربما تحتاج إلى أعوام ودراسات تحليلية عميقة ومتتابعة للكشف عنها بشكل يتناسب مع حجم مخاطرها المستقبلية.
دمشق الوجهة الوحيدة
لا يوجد في مدينة الرقة مركز تخصصي لعلاج السرطان، أو حتى الكشف عنه، ويضطر المرضى بعد ثبوت إصابتهم للسفر إلى مدينة دمشق كوجهة وحيدة للعلاج، وفقًا لما رصدته عنب بلدي.
وتحمل رحلة السفر إلى دمشق مخاطر أمنية ومتاعب وتكاليف باهظة لا تتوفر لمعظم المصابين، ما استدعى إطلاق عدة مبادرات للتبرع لمرضى السرطان في المدينة، على حد قول الناشط المدني فتاح عجيل.
وعادة ما يرافق المريض في رحلة سفره رجل أو امرأة كبيرة في السن، خوفًا من الإجراءات الأمنية للنظام السوري، وخوفًا من الاعتقال على حواجز النظام.
وقال الناشط عجيل، إن رحلة العلاج باهظة الثمن، وتتطلّب تضافر جهود ميسوري الحال من أبناء الرقة، لأن هذا الأمر يندرج ضمن المسؤوليات الأخلاقية والدينية، على حد تعبيره.
تجاهل من “الإدارة الذاتية”
طوال سنوات سيطرتها على مناطق شمال شرقي سوريا بما فيها الرقة، لم تقدم “الإدارة الذاتية” أي خدمات طبية لمرضى السرطان، وأقر عضو في “لجنة الصحة” بـ”مجلس الرقة المدني” أن “الإدارة” تجاهلت هذه الشريحة المجتمعية رغم ما تتكبده من عناء، على حد تعبيره.
وأضاف عضو “لجنة الصحة”، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأنه غير مصرح له بالحديث للإعلام، أن الإحصائيات التي تتحدث عن عدد مصابي مرضى السرطان “مرعبة”، ويتطلب ذلك دعمًا دوليًا لـ”الإدارة” لافتتاح مركز لعلاج الأورام السرطانية خاص بالمنطقة.
واعتبر العضو أن الظروف الاقتصادية التي تعيشها مناطق “الإدارة الذاتية”، والإمكانيات المحدودة لها، تحول دون أدائها العديد من الالتزامات تجاه سكان المناطق التي تسيطر عليها، بمن فيهم أصحاب الأمراض المزمنة.
ويتجاوز عدد سكان الرقة ثمانمئة ألف شخص، يعيش معظمهم ظروفًا معيشية سيئة، وأزمات اقتصادية مُتلاحقة، يرافقها انخفاض مصادر الدخل ومحدوديتها، وسوء إدارة للأزمات من قبل “الإدارة الذاتية” التي تسيطر على المدينة ومعظم جغرافيا الجزيرة السورية ووادي الفرات.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :