تعرضت للتشويه في أغلب المدن السورية.. ما الهوية العمرانية
خلال تاريخ سوريا، صنعت السياسة مشكلاتها المرتبطة بعمران المدن لتحقيق أهداف السلطة، مع تزايد الضغط السكاني على أحيائها، دون اكتراث من المؤسسات الإدارية بمعالجة انفجار عمراني حدث في جميع الاتجاهات، مع تعامي المسؤولين عن حجم الكارثة.
تعرضت المدن السورية، خصوصًا دمشق وحلب، لتشويه في هويتها العمرانية، يبدو متعمدًا في بعض مراحله، الأمر الذي كلّف خسارتها جانبًا من قيمتها الثقافية والفنية الجمالية.
في أدبيات التخطيط العمراني المعاصر، ثمة مساحة واسعة للاهتمام بمفهوم “الهوية العمرانية” للمدن، بعد فقدانها الشخصيات الوطنية التي ترمز لثقافة المجتمع، فلا يبقى إلا المكان بروحه وتفرده، خصوصًا تلك المدن التي تحتضن بحاراتها وشوارعها تركة تراثية وثقافية وتاريخية، فتكون عمارتها فهرسًا، يشكّل ذاكرة مكانية لما عاشته من أحداث وتطورات.
ما الهوية العمرانية
تتشكّل المدن كتعبير عن الظروف الروحية والمادية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والتغيرات في هذه الظروف من مدينة إلى أخرى تجعل كل واحدة ظاهرة مميزة يصعب تكرارها، ولأن المدينة هي إنتاج إنساني، فهي في حالة تغير دائم بتغير احتياجات الناس وظروفهم المعيشية بمرور الوقت.
وبحسب مجلة “Twenty Two Group” السورية غير الحكومية والمتخصصة في مجال العمارة، فإن المدينة لديها ذاكرة ثلاثية الأبعاد، تغوص إلى المستقبل كما تغوص إلى الماضي وتعكس دائمًا الواقع الحقيقي بشكل فريد للشكل العمراني، يجعل التسلسل الزمني للأحداث التي تعيشها المدن ملموسًا ومفهومًا من خلال شكل المدينة العمراني والاجتماعي والفيزيائي، ويجعل من تكوين هوية المدينة عملية ترتبط بشكل مباشر وأساسي بعامل الزمن.
عمران المدينة هو واقع تراكمي في المكان والزمان، يعكس هوية مجتمعها وثقافته، فهوية المدينة هي تعبير حقيقي عن ماهيتها وشخصيتها.
في المدن السورية الرئيسة تنتشر المناطق السكنية العشوائية، نتيجة عدم قدرة الجهات الحكومية على إنشاء مخططات تنظيمية تساعد في توسعة منتظمة للمدن، وتستوعب التزايد السكاني فيها، واحتياجات الأفراد اليومية فيها.
اقرأ المزيد: دمشق.. كيف دمّرت السلطة والعشوائيات ذاكرتها العمرانية
وبعد عام 2011، أنشأت حكومة النظام السوري مناطق تنظيمية جديدة بموجب مراسيم تشريعية، أبرزها “ماروتا ستي” و”باسيليا ستي”، وهي ضمن نماذج الاستثمار العقاري التي تركز عليها حكومة النظام قبل انتهاء النزاع المسلح.
لكن هذه المشاريع تتجاهل أنظمة الملكية غير المسجلة في السجل العقاري، ومبنية على إبراز وثائق إثبات معيّنة، وبذلك فإن ملايين المالكين يخسرون حقوقهم في عملية إعمار عادلة ومستدامة وشاملة.
وتدفع الشركات العقارية بهذه المشاريع إلى التركيز على المظاهر الخارجية دون تطوير خيارات الإسكان الجديدة لأصحاب الأملاك العقارية، بما يتناسب مع متطلبات القاطنين في هذه المنطقة واحترام ذاكرتهم وارتباطهم بأحيائهم التي سكنوها منذ أعوام.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :