جوائز ترضية
أحمد الشامي
اهتمت وسائل الإعلام باجتماع أساطين المعارضة السورية في الرياض بأوامر مباشرة من “الجهات المانحة”، في حين يستمر حلف الشر العلوي–الشيعي–الأورثوذوكسي بتغيير الملامح الديموغرافية لسوريا “المفيدة”. اتفاقية خروج المقاتلين وعائلاتهم من حي “الوعر” في حمص باتجاه “قلعة المضيق” تؤكد استمرار التطهير العرقي “لسوريا المفيدة” لصالح أقليات متحالفة مع الشيطان.
مازال الوقت مبكرًا للحكم بنجاح أو فشل المؤتمر العتيد، في هذه الأثناء يستمر تقاسم التراب السوري والجوائز بين القتلة والمتآمرين.
أمام أعيننا يتم تقاسم “البقرة” السورية النازفة، بحيث ينال كل طرف مأربه، كل المجرمين الذين ولغوا في الدم السوري سواء بدعم نظام البراميل أو بالتقصير في حماية السنة العزل ينالون وطرهم من التراب السوري.
الخطاب الوردي للجار التركي لا ينفع سوى في تخدير السوريين، فالتركي لا يرغب الدخول في أي مواجهة من أجلنا، وهو يرعد ويزبد فقط حين يتم قصف “التركمان”، وحينها يكتفي بخطوة محدودة عبر إسقاط قاذفة روسية اخترقت أجواءه.
صحيح أن تركيا بقيادة حزب العدالة هي الدولة الوحيدة التي فتحت أبوابها للسوريين في حين تم صد اللاجئين السوريين في كل دول الجوار، لكن السوريين ما كانوا، ربما، بحاجة للجوء إلى تركيا أو غيرها لو كان الرد التركي على مستوى الغزو والتحدي الذي يواجه السنة في شرق المتوسط.
تركيا تريد في النهاية جائزة ترضية هي “منطقة آمنة”، وهي في الحقيقة حزام آمن يحمي الدولة التركية من التواصل الجغرافي بين أكرادها وعلوييها مع “أشقائهم” في الجنوب، وسيتم تقديم هذا اﻹنجاز، الذي يقل كثيرًا عما حصلت عليه إسرائيل، كأنه انتصار كبير وسدرة المنتهى للسنّة في كل المشرق.
إسرائيل، بيضة القبان، سوف تحتفظ بالجولان إلى اﻷبد مع “حزام آمن” تتشارك فيه مع جارها الهاشمي، بما يكفل أمن وسلامة الاثنين وأصدقائهما من الدروز، بدعم روسي–أمريكي وبضمانة “النصرة” وشركائها، وليذهب سنة سوريا إلى البحر “ليبلطوه” ربما بهدف العبور إلى “أوروبا”.
العدو اﻹيراني سيحتفظ بالمزارات وبمواقعه في وسط سوريا والقلمون بما يحفظ خطوط إمداد زعران “نصر الله” ويؤمّن استمرار النفوذ الفارسي شرق المتوسط.
“بوتين” سوف يحصل على حصة اﻷسد، بما فيها نظام “بشار” وزبانيته. الروس سوف يضمنون قواعدهم البحرية والجوية واستثماراتهم في غرب سوريا ودمشق، إضافة إلى حقول الغاز في شرق المتوسط.
الأشقاء السعوديون والقطريون والإماراتيون سوف يحصلون على ما تمنوه على الدوام، بقاء أنظمتهم واستمرارها ولا شيء غير ذلك، أقله ما دام النظام الدولي راضيًا عن ممارساتهم وما دامت أموالهم تصب في مصارف ومصانع أسلحة الشرق والغرب.
“القاعدة” و “النصرة” سوف تتلهيان بحرب خنادق لا تضر اﻷسد ولا الروس ولا حتى إيران، ﻷنها تستثني جبهة الساحل وخواصر النظام الضعيفة وسيبقى أمراء الحرب من النصرة وغيرها يعيثون فسادًا في المناطق المحررة بحجة تطبيق الشرع.
حتى “داعش” سوف تحصل على حصتها من شرق سوريا وصحرائها ونفطها، وسوف تبقى الخلافة وتزدهر في الصحراء والبادية بما يحوّل هذه اﻷخيرة إلى “محمية”، خارج التاريخ والجغرافيا، مثل محميات الهنود الحمر في أمريكا.
العالم سيستمر، على مهله، بمحاربة داعش التي سوف تنتصر يوميًا على التعساء من السنة الذين يعيشون ظل خلافتها الدونكيشوتية.
معارضة الفنادق لن تتوقف عن اكتشاف محاسن السياحة والسفر، و”معارضة الداخل” ستتعايش، كما فعلت على الدوام، مع نظام البراميل.
بالطبع بشار وزبانيته سوف يبقون بهدف الدخول في “عملية سلام” سورية مطابقة لتلك الفلسطينية وسوف تدوم، مثلها، قرنًا أو اثنين.
هذا بانتظار أن يفنى السنة أو أن تلم بالمنطقة كارثة طبيعية تمحوها وتمحونا معها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :