الرقة – حسام العمر
تفاجأ صبحي النجم (40 عامًا)، وهو صاحب معمل قساطل أسمنتية بمدينة الرقة شمال شرقي سوريا، عندما طلب منه موظف في “اللجنة الاقتصادية” بـ”مجلس الرقة المدني” مبلغ ثلاثة ملايين و200 ألف ليرة سورية (الدولار يساوي حوالي 3900 ليرة سورية)، ضريبة سنوية لتجديد الرخصة الصناعية التي تقدمها “اللجنة” للمعامل والمنشآت الصناعية العاملة في المدينة.
قال صاحب المعمل لعنب بلدي، إنه طلب بداية الأمر من الموظف تدقيق المبلغ والتأكد من صحته، إلا أن موظف “اللجنة الاقتصادية” قال له، إن المبلغ موثق رقمًا وكتابة في لائحة قيم الضرائب التي تتقاضاها “اللجنة” من المعامل المرخصة لديها.
ويقول أصحاب معامل ومنشآت وورشات صناعية في مدينة الرقة التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية”، إن مؤسسات “الإدارة” تتقاضى ضرائب طائلة لا يقابلها أي خدمات من الواجب تقديمها كبديل لتلك الضرائب التي تُدفع.
وأشار صبحي خلال حديثه إلى أن الضرائب التي تفرضها “الإدارة الذاتية” لا تقتصر على الضريبة السنوية التي تتقاضاها “اللجنة الاقتصادية”، والتي زادتها بمعدل 100% خلال هذا العام.
وتفرض “اللجنة الاقتصادية” شروطًا وإجراءات معقدة للحصول على الترخيص الصناعي، من بينها مواصفات صحية وبيئية قد لا تستطيع بعض المعامل توفيرها، وفق ما قاله أصحاب معامل في استطلاع للرأي أجرته عنب بلدي في المدينة.
ويضطر أصحاب المعامل والورشات والمنشآت الصناعية إلى دفع اشتراكات سنوية وشهرية لـ”اتحاد العمال” و”غرفة الصناعة” وفواتير ماء وكهرباء ونظافة.
ولا تقتصر الضرائب على المعامل والورشات والمنشآت الصناعية في الرقة، وإنما تتقاضى “الإدارة” الضرائب من أي مجال للعمل في المدينة، وترتفع الضريبة كلما زاد دخل العمل أو ارتفع رأسماله أو مردوده المادي.
الضرائب مقابل المازوت
سعيد عاشور، وهو صاحب معمل لصناعة البسكويت ومقبلات الأطفال الغذائية في الرقة ويبلغ من العمر 38 عامًا، قال إن معظم أصحاب المعامل والورشات والمنشآت الصناعية يضطرون لدفع الضرائب ليتمكنوا من الحصول على مادة المازوت بالسعر المدعوم.
وأشار سعيد لعنب بلدي إلى أن “مديرية المحروقات” في الرقة تحرم أي معمل أو منشأة صناعية من مادة المازوت، في حال لم يكن مرخصًا لدى “اللجنة الاقتصادية” و”غرفة الصناعة”، وحاصلًا على السجل الصناعي المصدّق من دوائر “الإدارة الذاتية”.
وأنشأت “الإدارة الذاتية” بعد سيطرتها على الرقة، نهاية عام 2017، العديد من المؤسسات المدنية التي شملت معظم القطاعات، وأجبرت الفعاليات الاقتصادية والصناعية في المدينة وريفها على الترخيص لديها.
وأقر عضو في “اللجنة الاقتصادية” بالرقة، بأن الضرائب التي تتقاضاها “الإدارة الذاتية” مرتفعة، لكنها تأتي ضمن سياسة عمل تتبعها “الإدارة” في المدينة، والتي تضررت كثيرًا بفعل المعارك التي شهدتها.
مساهمة في الإعمار
قال عضو “اللجنة الاقتصادية”، تحفظ على ذكر اسمه كونه لا يملك تصريحًا بالتحدث إلى الإعلام، إن الضرائب التي تتقاضاها “الإدارة الذاتية” تُستخدم في إعادة تأهيل المؤسسات الحكومية التي دُمرت كليًا أو جزئيًا بفعل النزاع، إلى جانب إنشاء منطقة صناعية تابعة لـ”الإدارة” شمالي الرقة بنحو 20 كيلومترًا.
وذكر عضو “اللجنة” لعنب بلدي، أنه ليس من الضروري أن يظهر أثر أو نفع الضرائب بشكل مباشر، وإنما تعتبر “الإدارة الذاتية” هذه المبالغ بمنزلة مساهمة من أصحاب المعامل والورشات والمنشآت الصناعية في إعادة إعمار المدينة.
وتقدم “مديرية المحروقات” في الرقة مادة المازوت المدعوم، عبر محطات الوقود التابعة لها، للصناعيين وأصحاب المعامل المسجلين لدى “غرفة صناعة الرقة” و”اللجنة الاقتصادية” في “مجلس الرقة المدني”، وبلغ عدد المعامل المرخصة 240 معملًا ومنشأة صناعية.
لكن منذ نهاية عام 2021، أوقفت “مديرية المحروقات” في الرقة توزيع المازوت على المعامل والمنشآت الصناعية في المدينة، ما نتج عنه تضرر الكثير من المنشآت وتجميد عمل بعضها.