مأمون البستاني | ديانا رحيمة | خالد الجرعتلي | أمل رنتيسي
بعد مرور أكثر من شهر على بدء “الغزو” الروسي لأوكرانيا، شهدت الساحة السورية تحركات سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية لمختلف الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة في سوريا، بهدف تحقيق مكاسب من الانشغال الروسي في أوكرانيا.
وبينما تحدثت الولايات المتحدة عن “شهر المحاسبة” في سوريا، أعطت روسيا الإذن لتجنيد “مرتزقة” من منطقة الشرق الأوسط بما فيها سوريا، للقتال في أوكرانيا.
كما شهد الشهر الماضي نشاطًا إيرانيًا في سوريا، قابله حذر إسرائيلي من التعامل مع روسيا، بهدف ضمان مواصلة القصف الإسرائيلي لمواقع تابعة لإيران ووكلائها في سوريا.
تستعرض عنب بلدي في هذا الملف أبرز تحركات الجهات الفاعلة على الأرض السورية بعد “الغزو” الروسي لأوكرانيا، وتسلّط الضوء من خلال مناقشات مع باحثين ومحللين سياسيين على مدى تأثير “الغزو” بتغيير قواعد الاشتباك في سوريا، وأوراق الضغط التي يستخدمها اللاعبون الدوليون والإقليميون لتحقيق أهدافهم في سوريا.
هل تغيّر واشنطن من سياستها في سوريا تبعًا للمتغيرات في أوكرانيا
بعد مرور ما يقرب العام والنصف على تسلّم الإدارة الأمريكية الحالية تحت حكم الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قامت الحكومة الأمريكية بعدة خطوات في سوريا، وصفها البعض بأنها مؤشرات على تغيّر في تعامل الإدارة مع الملف السوري.
كانت أولاها ما تم تداوله عن قرار إعفاء مناطق شمال شرقي وشمال غربي سوريا من عقوبات قانون “قيصر”.
وكانت مصادر مطلعة تحدثت لعدة وكالات إعلامية، عن أن الإدارة ستقوم بإنهاء الصيغة النهائية للقرار، وسيُقر من قبل المسؤول عن الملف السوري، إيثان غولدريتش، وهو ما كان مفترضًا أن يتم الإعلان عنه خلال منتصف آذار الحالي.
وفي مقابلة أجرتها عنب بلدي مع غولدريتش، في مقر القنصلية الأمريكية باسطنبول، في 8 من آذار الحالي، لم يؤكد المسؤول الأمريكي أو ينفِ صحة هذه الادعاءات، مكتفيًا بالقول إنه “ليس لديه أي شيء للمشاركة في هذا الشأن بالوقت الحالي”.
وحول ماهية القرار وارتباطه بالمناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، قال كاتب قانون “قيصر” ماثيو زويغ، عبر مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي، إن العلاقة مع حكومة النظام السوري أو المناطق الواقعة تحت سيطرته بشكل مباشر أو غير مباشر، تشكّل أساس العقوبات في قانون “قيصر”، الذي لا يعفي تلقائيًا المعاملات المهمة من الجهات الفاعلة في المناطق التي لا تسيطر عليها حكومة النظام من العقوبات.
وتابع أنه يمكن للإدارة الأمريكية أن تستثني مناطق معيّنة من العقوبات باستخدام سلطتها، كما ينطبق ذلك على الأشخاص الأجانب.
كما أن الإدارة لديها أيضًا إعفاءات أوسع بكثير في مجال الأنشطة الإنسانية، وكل هذا يتوقف على ما تريد الإدارة القيام به، وما إذا سيكون هناك تراجع كبير من “الكونجرس”، بحسب زويغ.
دون تأكيد
من جهته، قال المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جويل ريبورن، في حديث إلى عنب بلدي، “لا توجد معلومات كاملة حتى الآن حول خطط الإدارة الأمريكية فيما يخص الإعفاءات، لذلك من الصعب الحكم على ما يفكرون في القيام به”.
وإذا كانت الإدارة تخطط لإصدار إعفاء من العقوبات لشمالي سوريا ككل، أو ربما “لشمال شرقي سوريا فقط”، فسيتعيّن عليها التغلب على بعض الصعوبات الكبيرة.
يملك كل من “نظام الأسد” والروس وجودًا في شمال سوريا الشرقي، وستكون هناك حاجة إلى خطة أمريكية قوية لضمان عدم تمكّن النظام وحلفائه من الاستفادة من التنازل، الذي قد يؤدي إلى توليد الإيرادات والعملات الأجنبية، بحسب المبعوث السابق.
“لا توجد معلومات كاملة حتى الآن حول خطط الإدارة الأمريكية فيما يخص الإعفاءات، لذلك من الصعب الحكم على ما يفكرون في القيام به”.
المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جويل ريبورن |
إحدى الأوراق لا أهمها
الأكاديمي السوري- الكندي فيصل عباس محمد، الحاصل على دكتوراه في الدراسات الشرق أوسطية من كندا، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن الولايات المتحدة تستخدم في الوقت الحالي كل الأوراق التي بيدها للضغط على روسيا وإجبارها على الانسحاب من أوكرانيا.
تركّز أمريكا بالدرجة الأولى على دفع أوروبا لتعميق اصطفافها تحت قيادتها لمواجهة روسيا، والورقة الثانية المهمة لأمريكا هي الورقة الصينية، إذ تكثّف إدارة بايدن الضغوطات على الصين لكي تخفّف من دعمها لروسيا قدر الإمكان.
وعليه اعتبر عباس أن الورقة السورية ليست من الأوراق الرئيسة بيد أمريكا، ولكنها، في الوقت نفسه، ليست عديمة الفائدة في الجهود الأمريكية لمحاصرة روسيا وإحراجها وجعلها تدفع أكبر ثمن ممكن لمغامرتها العسكرية في أوكرانيا.
“الورقة السورية ليست من الأوراق الرئيسة بيد أمريكا، ولكنها ليست عديمة الفائدة في الجهود الأمريكية لمحاصرة روسيا وإحراجها وجعلها تدفع أكبر ثمن ممكن لمغامرتها العسكرية في أوكرانيا”.
فيصل عباس محمد، أكاديمي سوري- كندي، دكتوراه في الدراسات الشرق أوسطية |
وضمن هذا السياق، سوف تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا بدرجة ما على النظام السوري لكي تفاقم ورطة روسيا في أوكرانيا، ولكن ثمة حدود لهذا التصعيد الأمريكي في سوريا، وإعفاء المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية (مناطق سيطرة “قسد” ومناطق سيطرة الفصائل المدعومة من تركيا) من عقوبات قانون “قيصر”، إضافة إلى الضغط الشكلي على النظام السوري لتطبيق القرار “2254”، وهي خطوات تندرج في هذا السياق، ولكن من غير المرجَّح أن يعقب ذلك خطوات أمريكية أشد حزمًا وأكثر فاعلية، بحسب عباس.
من جهته، أوضح مدير المناصرة لحملة “من أجل سوريا”، كنان رحماني، في حديث إلى عنب بلدي، أن الوضع في سوريا ليس أولوية للإدارة الأمريكية، وأن الإعفاءات هي مهمة لاقتصاد المناطق الشمالية، ولكنها لا تشكّل ضغطًا على النظام، وقطعًا هي ليست مرتبطة بالوضع في أوكرانيا.
ولا يرى رحماني أن هناك أي علاقة بين التحركات الأمريكية والوضع في سوريا، وتطرح الإدارة أحيانًا أمورًا كالإعفاءات لتجس نبض رد الفعل كيف سيكون، حتى إن تسريب مشروع قرار الإعفاءات أحدث تحركًا مضادًا من “الكونجرس” الأمريكي.
وكان كل من الحزبين “الجمهوري” و”الديمقراطي” قدما مشروع قرار يشدّد الخناق على النظام السوري بهدف محاسبته، في الذكرى الـ11 للثورة السورية، واصفًا النظام بـ”المجرم المدعوم من روسيا وإيران” على جرائمه ضد الإنسانية.
وبحسب مشروع القرار الذي نشره النائب “الجمهوري” جو ويلسون، في 15 من آذار الحالي، حصلت الانتهاكات التي نفذها النظام منذ بداية الثورة في عام 2011، التي قوبل فيها المتظاهرون السلميون حينها برصاص رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ووحشيته.
وعدّد مشروع القرار السمات العامة التي طغت على سوريا، إذ توافدت أجهزة الأمن السورية ومنظمات “الشبيبة” التابعة لها بالكتابة على جدران العديد من المدن السورية “الأسد أو نحرق البلد”.
وبحسب مشروع القرار، فإن النظام، بمساعدة إيران وروسيا، استخدم العنف تجاه العاملين في المجال الإغاثي والحيوي، عدا عن المجازر بالسلاح الكيماوي في عدة مناسبات.
تلويح بعقوبات دون تنفيذها
حاولت عنب بلدي الاستفسار من غولدريتش عن مقاصد ونيات إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، من التغريدات التي نشرتها السفارة الأمريكية في دمشق منذ مطلع آذار الحالي، والتي تتحدث فيها عن أنه “شهر المحاسبة”، وأن الإفلات من العقاب “سينتهي” في سوريا.
الولايات المتحدة لديها آليات دولية موجودة لمحاسبة النظام السوري، مثل جهود “الآلية الدولية المحايدة والمستقلة” (IIIM)، للمساعدة في التحقيق بشأن الأشخاص المسؤولين عن الجرائم، بحسب المسؤول الأمريكي.
وأضاف غولدريتش، “نحن نؤيد هذه الآلية بقوة، كما ندعم الجهود التي تبذلها بعض الدول لملاحقة الأشخاص في المحاكم الدولية، وبالطبع لدينا عقوباتنا التي تستهدف منتهكي حقوق الإنسان وغيرهم من المقربين من النظام، لمحاسبتهم على الأشياء التي فعلوها”، وفق قوله.
وردًا على التوقعات بمزيد من العقوبات في سوريا، أكد غولدريتش أن الولايات المتحدة منفتحة على فرض عقوبات إضافية، “نبحث دائمًا عن الأشخاص المتورطين مع النظام السوري الذين يستحقون معاقبتهم، فهذه بالتأكيد طريقة ضمن الطرق المبذولة من المجتمع الدولي، سواء في الأمم المتحدة أو لجنة حقوق الإنسان الدولية، فهذه هي الأماكن التي تُناقش فيها سلوكيات النظام”، وفق تعبيره.
كما أكد غولدريتش أن العقوبات ستبقى سارية على النظام حتى يكون هناك طريق لحل سياسي دائم في سوريا، وقال، “عقوباتنا هي أداة مهمة لإجبار النظام على تغيير سلوكه، وهي لا تهدف إلى التدخل في شحنات المساعدات التي لا ينبغي أن تتأثر بسبب العقوبات”.
فيما يتعلق بالوضع الحالي لعقوبات “قيصر”، وجميع العقوبات الأخرى المتعلقة بسوريا، يرى المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جويل ريبورن، أن الحكومة الأمريكية لم تحافظ على الضغط عبر العقوبات بشكل كافٍ خلال الأشهر الـ14 الماضية.
تراجعت وتيرة العقوبات التي كانت وزارة الخزانة الأمريكية ووزارة الخارجية تفرضها في عامي 2019 و2020، وسجلت انخفاضًا حادًا في عام 2021، ما أعطى النظام السوري والمراقبين الآخرين انطباعًا بأن الولايات المتحدة لم تعد جادة في فرض العقوبات.
ويعتقد ريبورن أن هذا الانخفاض كان محاولة للتوصل إلى اتفاقات مع الروس بشأن تسليم المساعدات الإنسانية وبعض القضايا الأخرى من هذا النوع، ولكن مع الوضع في أوروبا، لم يعد هناك أي احتمال للعمل مع الروس بشأن هذه الأمور، وهذا يعني أنه لا ينبغي أن يكون هناك ما يعوق الإدارة الأمريكية عن التنفيذ الكامل للعقوبات الآن.
بينها تجنيد “المرتزقة”..
أوراق الضغط الروسي في سوريا تنعكس ميدانيًا
ظهرت خطة واشنطن في استضافة مبعوثي الدول الحليفة لها في الملف السوري على أنها فرصة لاختبار مدى انعكاس الحرب الأوكرانية والتصعيد العسكري الروسي- الغربي هناك، على الساحة السورية، بحسب معلومات نقلتها صحيفة “الشرق الأوسط“.
تمخض الاجتماع، الذي عُقد في 3 من آذار الحالي، عن بيان مشترك لممثلي جامعة الدول العربية ومصر والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والعراق والأردن والنرويج وقطر والمملكة العربية السعودية وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
أكّد البيان الترحيب بالإحاطة التي قدمها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، خلال الاجتماع، “بما في ذلك عملية خطوة بخطوة”، على الرغم من موقف معترض أبدته المعارضة السياسية في سوريا حيال هذه الاستراتيجية.
وأضاف، “سنواصل الضغط من أجل المساءلة، خاصة بالنسبة لأخطر الجرائم التي ارتُكبت في سوريا، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيماوية، وكذلك الضغط من أجل إطلاق سراح المعتقلين تعسفيًا والمحاسبة الكاملة”.
الأمر الذي ظهر على أنه بداية حشد أمريكي لحلفائها في الملف السوري ضد روسيا والنظام ردًا على “الغزو” الروسي لأوكرانيا.
دوريات روسية بشعار “الغزو”
أظهرت صور تناقلتها وسائل إعلام روسية جنودًا وآليات عسكرية تابعة للجيش الروسي، إضافة إلى نقاط مراقبة على تلال ومناطق مرتفعة من المناطق الحدودية بين سوريا وإسرائيل، وما كان لافتًا في الصور أن بعض الجنود التقطوا لأنفسهم صورًا وهم يضعون رمز “Z” (شعار الحملة العسكرية الروسية على أوكرانيا).
وتزامنت الدورية الروسية مع حالة من التأهب التي شهدتها الحدود السورية- الإسرائيلية، إثر تهديدات إيرانية بالرد على مقتل اثنين من عناصر “الحرس الثوري الإيراني” جراء ضربة جوية إسرائيلية في سوريا.
وكانت تحذيرات من ضربة إيرانية متوقعة لإسرائيل بدأت بعد قصف إسرائيلي لبعض النقاط في محيط مدينة دمشق، نُفّذ من اتجاه جنوب بيروت وأدى إلى مقتل شخصين، وفق ما قاله مصدر عسكري لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في 7 من آذار الحالي.
تبعه إعلان “الحرس الثوري الإيراني” في اليوم التالي (8 من آذار)، مقتل اثنين من مقاتليه في الضربة الإسرائيلية، مهددًا إسرائيل “بدفع الثمن”، بحسب ما نقلته وكالة “فارس” الإيرانية.
وظهر هذا النوع من المدرعات والدوريات الروسية التي تحمل الشعار العسكري الروسي في مناسبات ومناطق مختلفة من سوريا، إذ ظهر في ريف حلب الشرقي للمرة الأولى بعد أيام من بدء “الغزو” الروسي لأوكرانيا، لكن ظهوره على مقربة من الأراضي الإسرائيلية خلّف تساؤلات عن رسائل قد يحملها.
ويعتقد المحلل والباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان، خلال حديث إلى عنب بلدي، أن التعليمات الروسية للنظام السوري واضحة من خلال عدة مؤشرات، منها المسيرات الداعمة لروسيا، واعتراف النظام الفوري بالإقليمَين الأوكرانيَّين التي اعترفت روسيا باستقلالهما مؤخرًا.
وتتعامل روسيا مع الساحة السورية على أنها قاعدة عسكرية روسية، إذ جاءت زيارة وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، إلى سوريا ولقائه بشار الأسد في اللاذقية قبيل الهجوم الروسي على أوكرانيا ضمن ترتيب روسيا لجميع جبهاتها، التي تعتبر جبهة الساحل السوري مهمة فيها.
من جهته، قال المحلل السياسي الروسي ديميتري بريجع، في حديث إلى عنب بلدي، إن الشعارات الروسية التي ظهرت خلال حربها على أوكرانيا، حملت العديد من الأبعاد والتحليلات، إلا أن الرواية الروسية تتحدث عن كونها شعارًا معنويًا.
وعن ظهورها في سوريا قال بريجع، إن روسيا تعمل على توحيد شعاراتها ورموزها العسكرية في مختلف مناطق نفوذها العسكري، وهو ما ظهر في سوريا مؤخرًا.
واستبعد أن يكون الظهور الروسي بشعاراته العسكرية على مقربة من الحدود الإسرائيلية يحمل أي أبعاد، إنما يقتصر على كونه “شبيهًا بالشعارات الفاشية التي استعملها هتلر في قواعده العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية”.
وسبق أن تداولت شبكات محلية، في 3 من آذار الحالي، تسجيلًا مصوّرًا أظهر مدرعات وعربات عسكرية روسية في ريف حلب الشرقي، تحمل الشعار العسكري الروسي ذاته على خطوط التماس مع مناطق نفوذ المعارضة المدعومة من تركيا.
“المرتزقة” سلاح سوري لروسيا
أعطى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في 11 من آذار الحالي، الإذن لوزارة الدفاع الروسية بنقل آلاف “المرتزقة” من منطقة الشرق الأوسط، لمشاركة القوات الروسية في “غزو” أوكرانيا.
ونشرت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تقريرًا يتحدث عن مشاركة سوريين في الحرب بين روسيا وأوكرانيا المستمرة منذ إعلان “الغزو” الروسي عليها، في 24 من شباط الماضي.
وبحسب تقرير أعدّته عنب بلدي، فإن مدينة حلب شهدت منذ منتصف آذار الحالي، عمليات نقل لعناصر من الفرقتين “25” و”30″ التابعتين لـ”الفيلق الخامس” المُشكّل من قبل روسيا في سوريا، باتجاه قاعدة “حميميم” العسكرية بريف اللاذقية، تمهيدًا لنقلهم باتجاه أوكرانيا لدعم الجيش الروسي في “غزوه” للبلاد.
بدورها، قالت مديرية المخابرات في وزارة الدفاع الأوكرانية في بيان، إن قسمًا من “المرتزقة” السوريين الذين طلبت منهم روسيا المحاربة في أوكرانيا، يعتبرون المشاركة في الحرب إلى جانب روسيا فرصة لمزيد من الفرار والهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وعن مدى تأثير سحب “المرتزقة” السوريين إلى الخارج، قال الباحث والمختص بالشأن الروسي محمود الحمزة، إن روسيا ليست بحاجة إلى هذا الوجود الكبير للقوات في سوريا، معتبرًا أن الأمر لن يكون ذا تأثير عميق على هذا الصعيد.
وعلى الرغم من أن الحرب الأوكرانية ستؤثر على الملف السوري بشكل أو بآخر، فإنها لن تؤثر على السياسة الروسية في سوريا أو طريقة تعاطي روسيا مع الملف السوري، وفق ما قاله الباحث لعنب بلدي.
وبحسب الحمزة، فإن سوريا بالنسبة للروس هي قاعدة عسكرية وسياسية واقتصادية وجيوسياسية ينطلقون منها إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، أي أن لسوريا اليوم أهمية استراتيجية بالنسبة للروس.
وأشار إلى أن نتائج الحرب الأوكرانية التي ستظهر مستقبلًا ستنعكس حتمًا في سوريا، إلا أن أصحاب اليد العليا في الملف السوري هم الأمريكيون الذين لا توجد لديهم رغبة حتى اليوم بإنهاء الملف السوري.
واعتبر الحمزة أن “دخول روسيا الساحة السورية كان ورطة دفعتها إليها أمريكا، كما هي الحال في أوكرانيا مؤخرًا”.
“دخول روسيا الساحة السورية كان ورطة دفعتها إليها أمريكا، كما هي الحال في أوكرانيا مؤخرًا”
محمود الحمزة، باحث مختص بالشأن الروسي |
بعد انخفاض.. تصاعد الطلعات الجوية الروسية
تزامن إعلان روسيا عن بدء “غزوها” البري لجارتها أوكرانيا مع تحليق الطائرات الحربية الروسية فوق مناطق نفوذ “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، شرقي محافظة حلب، وإلقاء قنابل مضيئة فوقها.
وسبق الإعلان انخفاض وتيرة الطلعات الجوية الروسية، بحسب ما رصدته عنب بلدي وما أكده “المرصد 80” المُختص برصد حركة الطيران الحربي في سوريا، إلا أنها عادت للتصاعد بعدها.
وأكد المرصد العسكري لعنب بلدي، أن طيران الاستطلاع الروسي بطبيعة الحال لا يفارق السماء السورية، إلا أن وتيرة الطلعات الجوية للطيران الحربي انخفضت بشكل كبير قبل إعلان بدء “الغزو” الروسي لأوكرانيا، إلا أنها عادت للتصاعد بعدها مباشرة.
وخلال الأسبوع الأخير بين 17 و21 من آذار الحالي، حلّق الطيران الحربي الروسي حوالي 75 مرة في الأجواء السورية، إلا أن أغلبية نشاطه تركّزت في المناطق الشرقية التي تشهد وجودًا لخلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”، وقواعد عسكرية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بحسب المرصد العسكري.
بينما اقتصرت الطلعات الجوية الروسية قبل بدء “الغزو” الروسي على ثلاث أو أربع طلعات جوية يوميًا باتجاه مناطق البادية السورية، وغابت عن مناطق شمال غربي سوريا.
وأعلنت فرق “الدفاع المدني السوري”، في 24 من شباط الماضي، عن عثورها على شظايا على أسطح المنازل، دون وجود آثار لقصف جوي أو دمار على الأرض، بحسب ما نشرته عبر “تلجرام”، بعد تحليق للطيران الحربي الروسي وإلقائه قنابل مضيئة في سماء مدينة الباب شرقي حلب.
ورصد مرصد “سوريا” التابع لـ”الدفاع المدني”، والمختص برصد حركة الطيران في سوريا، خلال اليوم ذاته، تحركات مستمرة للطيران الحربي وطيران الاستطلاع الروسي منذ الليلة التي سبقت “غزو” أوكرانيا حتى اليوم التالي.
في ظل الانشغال الروسي بأوكرانيا..
“الصراع الأصغر” في سوريا.. نشاط إيراني وحذر إسرائيلي
منذ بدء “الغزو” الروسي لأوكرانيا، كانت إيران من بين الجهات الفاعلة في سوريا التي عملت على زيادة وتيرة أنشطتها، سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو الأمنية، مستغلة انشغال روسيا في أوكرانيا.
وقامت روسيا منذ إعلان تدخلها العسكري في سوريا، نهاية أيلول 2015، لدعم النظام السوري، بدور بارز إلى جانب إيران التي دعمته عسكريًا، ما مكّن النظام من استعادة مساحات واسعة من الأراضي السورية التي كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة حينها، وذلك في موازاة دعم سياسي روسي عزز بقاء النظام في السلطة رغم كل الجرائم التي اقترفها بحق الشعب السوري منذ انطلاق الثورة السورية في آذار 2011.
وعقب التدخل الروسي في سوريا، أضعف التحكّم الروسي عسكريًا وسياسيًا في الملف السوري من مكاسب إيران في سوريا، وطفا على السطح التنافس الإيراني– الروسي للسيطرة على موارد سوريا في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية وغيرها.
“صراع أصغر” تحت الصراع الأكبر
في وقت يتواصل “الصراع الأكبر” بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا، دفع “غزو” أوكرانيا إلى بروز “الصراع الأصغر” بين إيران وإسرائيل مجددًا على الأراضي السورية، إذ تزايد القلق الإسرائيلي من إعادة التموضع الإيراني في سوريا.
وبينما عملت إيران على تفعيل أنشطتها العسكرية والاقتصادية في سوريا، كانت هناك تحركات إسرائيلية لضمان استمرار آلية التنسيق مع روسيا، التي بموجبها يمكن أن تواصل قصفها لمواقع إيران ووكلائها في سوريا.
وشكّل “الغزو” الروسي لأوكرانيا فرصة أمام إيران في سوريا، إذ كثفت من تحركاتها في سوريا، وسط الحديث عن تحقيق تقدم في المفاوضات بين إيران والقوى الغربية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.
وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، وصل مع وفد رفيع المستوى إلى دمشق، في 23 من آذار الحالي، وبحث مع وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، الأمور التي تهمّ إيران وسوريا والتطورات في المنطقة، والمواقف المشتركة لما يشهده العالم بعد “الغزو” الروسي لأوكرانيا، وفق ما نقلته “سانا”.
وأكد المقداد وقوف النظام السوري إلى جانب إيران “في تعاملها الذكي والمبدع مع الملف النووي”، حسب تعبيره.
وجاءت الزيارة في ظل التطورات المتسارعة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ولتبادل الرؤى بين البلدين الحليفين، خاصة بعد زيارة الأسد الأخيرة إلى الإمارات في 18 من آذار الحالي، إضافة إلى الحديث عن أعمال اللجنة الدستورية في جنيف، وما يجري في أوكرانيا والتطورات المرتبطة بالملف النووي الإيراني، بحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية.
وخلال لقاء الأسد وعبد اللهيان، تم تبادل الآراء والرؤى حول عدد من القضايا السياسية، من بينها الحرب في أوكرانيا.
فرصة إيرانية خلال الانشغال الروسي
الباحث في مركز “جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي، قال في حديث إلى عنب بلدي، “في الواقع، إن استمرار الصراع في أوكرانيا قد يؤدي إلى تراجُع اهتمام روسيا بالقضية السورية، ولن تُفوِّت إيران هذه الفرصة لتعزيز وتوسيع نفوذها في قطاعات مختلفة، مستفيدة من حاجة النظام للحصول على المساعدة والدعم، لا سيما في حال توقيع الاتفاق النووي بين إيران والغرب، وما قد يترتب عليه من تخفيف للقيود الاقتصادية عنها”.
ووفق ما قاله عاصي، “يبدو أن أمام إيران فرصة كبيرة للاستفادة من انشغال روسيا في الصراع بأوكرانيا، فتوقيع الاتفاق النووي يضمن لها الإفراج عن جزء من أموالها المجمّدة والاستفادة منها في الإنفاق على ميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، عدا أنها ستكون قادرة على أن تحلّ مكان روسيا في بعض القطاعات الاقتصادية”.
“هذا ما يُفسّر حرص إيران على نجاح جهود تطبيع العلاقات العربية مع النظام السوري، لأنها الطريقة المثلى لضمان تعويض النفقات التي صرفتها في سوريا وتثبيت نفوذها، بما في ذلك إمكانية تحديد قواعد الاشتباك مع إسرائيل على الجبهة الشمالية بشكل مباشر أو بوساطة غير روسية، بذلك ستفقد روسيا أحد أبرز الملفات التي كانت تضغط فيها على إيران”، بحسب عاصي.
“استمرار الصراع في أوكرانيا قد يؤدي إلى تراجع اهتمام روسيا بالقضية السورية، ولن تُفوِّت إيران هذه الفرصة لتعزيز وتوسيع نفوذها في قطاعات مختلفة”.
عبد الوهاب عاصي، باحث في مركز “جسور للدراسات” |
“مؤشرات” على إعادة التموضع الإيراني
ارتفعت وتيرة الأنشطة الإيرانية في سوريا على مختلف الأصعدة عقب “الغزو” الروسي لأوكرانيا، ويمكن تلخيصها بحسب ما رصده مركز “جسور للدراسات” وعنب بلدي بما يأتي:
1- زيارة مدير مكتب “الأمن الوطني” التابع للنظام السوري، علي مملوك، إلى طهران، في 27 من شباط الماضي، التي التقى خلالها الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني.
2- زيارة كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر خاجي، إلى دمشق، في 1 من آذار الحالي، التي التقى خلالها مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
3- زيارة رئيس “هيئة الحشد الشعبي” العراقي، المقرب من إيران، فالح الفياض، إلى دمشق، في 2 من آذار الحالي، التي التقى خلالها بشار الأسد.
4- زيارة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إلى دمشق، في 23 من آذار الحالي، التي التقى خلالها بشار الأسد ووزير الخارجية، فيصل المقداد.
5- زيادة معدل نشاط الخلايا الأمنيّة التابعة للميليشيات الإيرانية في مناطق الوجود الأمريكي شمال شرقي سوريا، ففي 3 من آذار الحالي، شهدت مدينة القامشلي اشتباكات بين مجموعة من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وأُخرى تابعة لقوات “الدفاع الوطني” الرديفة لقوات النظام السوري والمدعومة إيرانيًا.
6- توسيع عمليات نقل الأسلحة ومنظومات الاستطلاع والدفاع الجوي والطيران المسيّر من العراق إلى سوريا ولبنان خلال الشهر الماضي.
7- نشاط عسكري وأمني للميليشيات الإيرانية في درعا والسويداء جنوبي سوريا، لا سيما بما يخصّ عمليات تهريب المخدرات إلى الأردن.
8- تكثيف اللقاءات بين الوفود الاقتصادية والتجارية الإيرانية والسورية بشكل غير مسبوق منذ تدخّل إيران في سوريا.
موقف إسرائيلي حذر
اتخذت إسرائيل منذ بدء التصريحات الغربية عن نيّة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، شنّ حملة عسكرية في أوكرانيا، موقفًا حذرًا بتعاملها مع كل من روسيا والولايات المتحدة، القوتين الفاعلتين في الملف السوري.
وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، في 20 من شباط الماضي، أن “إسرائيل ستكون إلى جانب حليفتها التقليدية الولايات المتحدة، إذا اندلعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بالرغم من مصلحة الحفاظ على العلاقات الجيدة مع روسيا”.
وعقب إعلان بوتين بدء “غزو” أوكرانيا، أفادت وسائل إعلام عبرية، في 25 من شباط الماضي، أن إسرائيل تتعامل مع “الحرب” بين روسيا وأوكرانيا من زاوية ما يحدث في سوريا.
صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، ذكرت حينها أنه على المدى القريب، فإن “الزاوية الإسرائيلية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا هي ما يحدث في سوريا، وكيف سيكون رد فعل الروس في مواجهة هجمات القوات الجوية ضد أهداف إيرانية وشحنات أسلحة متجهة إلى سوريا و(حزب الله) اللبناني”.
وفي 2 من آذار الحالي، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بأغلبية ساحقة، طالب روسيا بوقف الحرب فورًا في أوكرانيا وسحب قواتها العسكرية.
وصوّتت إسرائيل لمصلحة القرار إلى جانب 141 دولة، وامتنعت 35 دولة عن التصويت ومنها إيران التي تفاوض لإحياء اتفاقها النووي، فيما عارضت خمس دول بينها سوريا.
ورغم استمرار استهدافها المواقع الإيرانية في سوريا، عبر استخدام الصواريخ الأرضية بدل الضربات الجوية خلال الأسابيع الماضية، خففت إسرائيل من حدة التصعيد مع إيران.
وأفادت صحيفة “معاريف” العبرية، في 10 من آذار الحالي، أن إسرائيل لم تكن تنوي من القصف الأخير في سوريا تصفية ضباط في “الحرس الثوري الإيراني”، وإنما الهدف يتعلق ببرنامج إيران للصواريخ الدقيقة في سوريا.
وقالت إن إيران ووكلاءها في المنطقة يواصلون التهديد بالرد بقوة على إسرائيل، بعد مقتل ضابطين من “الحرس الثوري” في الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف ضواحي دمشق، في 7 من آذار الحالي.
وفي إطار الحديث عن عودة قريبة للاتفاق النووي الإيراني، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، التأكيد على الموقف الإسرائيلي الرافض لنيّة الولايات المتحدة إلغاء تصنيف “الحرس الثوري الإيراني” كـ”منظمة إرهابية”.
وقال بينيت عبر “تويتر”، في 20 من آذار الحالي، إن “(الحرس الثوري) أكبر منظمة إرهابية، والأكثر دموية في العالم”، معربًا عن أسفه لما اعتبره “تصميمًا على توقيع الاتفاق النووي مع إيران بأي ثمن”.
ونقل موقع “أكسيوس” الأمريكي، في 24 من آذار الحالي، عن مسؤولَين إسرائيليَّين اثنين، ومصدرَين أمريكيَّين وصَفهما بأنهما “على دراية مباشرة بالموضوع”، أن واشنطن متمسكة بموقفها من “الحرس الثوري”.
الباحث عبد الوهاب عاصي، قال لعنب بلدي، “طالما أن الاتفاق النووي المرتقب لا يحوي ضمانات لأمن إسرائيل تحد من أخطار السياسة الخارجية الإيرانية في الجبهة الشمالية، أي سوريا ولبنان، بما في ذلك برنامج الصواريخ والطائرات المسيّرة، فإن أمام تل أبيب خيارات محدودة في ظل انشغال روسيا في أوكرانيا والتي كانت أحد الضامنين لها”.
وتتمثل هذه الخيارات، بحسب عاصي، إما بـ”المواجهة والانخراط بشكل أكبر في سوريا لتحديد قواعد الاشتباك بين الطرفين عبر مفاوضات دبلوماسية، وإما بالقفز على الخيار العسكري نحو الدبلوماسية عبر وساطة إحدى الدول العربية، كالإمارات مثلًا طالما أنّها ستقوم بدور متقدم في سوريا خلال المرحلة المقبلة”.
لا تغيّر بقواعد الاشتباك في سوريا
تطرح المعطيات السياسية والميدانية في ظل تطورات الوضع الدولي جرّاء “الغزو” الروسي لأوكرانيا تساؤلات حول التأثير على سوريا، التي يتشارك فيها لاعبون دوليون كروسيا وأمريكا وتركيا وإيران وسط تداخل وتضارب في مصالح هذه البلدان.
رئيس وحدة المعلومات في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، الباحث نوار شعبان، أوضح في حديث إلى عنب بلدي، أن القوى المحلية التي تُشرف عليها الجهات الفاعلة الدولية، والنظام السوري ليس لديها هامش للتصرف.
ونفى شعبان أن تُغيّر روسيا وأمريكا قواعد الاشتباك، لافتًا إلى أن تركيا أيضًا اتخذت مبدأ الحياد الإيجابي فيما يتعلق بموضوع الحرب الروسية على أوكرانيا، وذلك عبر وساطتها بين الطرفين، ولن تتخذ أي موقف أو تغيير يعرّض العلاقة بينها وبين روسيا للتهديد.
أما بالنسبة للتهديد الإسرائيلي من قبل إيران الذي تخوّفت منه تل أبيب، إذ نقلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، في 25 من شباط الماضي، عن مسؤولين قالوا إنه قد يؤدي التطور الأخير في أوكرانيا إلى تقريب روسيا من إيران، فاعتبر شعبان أن إيران ليست لديها رغبة للعب على الهوامش، فهي تخطو خطوات إلى الأمام فيما يتعلق بمفاوضات الملف النووي.
كما أكد الباحث لعنب بلدي، أنه ليست هناك أصلًا حاجة لتغيّر قواعد الاشتباك في سوريا، أي أن الملف السوري ليس مرتبطًا كثيرًا بالتطورات في أوكرانيا.
وحتى فيما يتعلق بالروس وتموضعهم، فإنهم إلى الآن لم يعلنوا عن تموضع قوات بشكل كبير، بل على العكس، ما زالوا يجرون تحركات روتينية بين النقاط، ولم يعلنوا عن سحب أو إعادة تموضع أي أسلحة، وليس هناك وضوح بعد بأن الروس من الممكن أن يجروا تغييرًا تكتيكيًا جديدًا بالمنطقة، بحسب شعبان.
استطلاع رأي
أجرت عنب بلدي استطلاعًا للرأي عبر موقعها الإلكتروني، حول تأثير تطور الصراع في أوكرانيا على قواعد الاشتباك في سوريا.
وجاءت النتائج متقاربة، إذ صوّت 54% من المشاركين في الاستطلاع أن التأثير مرتبط باستخدام الأطراف الفاعلة في سوريا أوراق ضغط فقط، بينما 46% من المصوّتين اعتبروا أن التأثير يتمثل في إحداث تغييرات على الأرض.
خيارات مستقبلية تُدرَس
يرى الباحث شعبان أن ما يجري حاليًا هو دراسة خيارات إعادة تمركز للقوى من كفة إلى مصلحة أخرى.
وضرب مثالًا على ذلك زيارة مدير مكتب “الأمن الوطني”، علي مملوك، للقاء الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في طهران، في 28 من شباط الماضي، إضافة إلى تزامن هذه الزيارة مع لقاء رئيس النظام، بشار الأسد، وفدًا إيرانيًا ترأسه كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر خاجي، في دمشق وكانت حينها الزيارتان بعد أيام من “غزو” روسيا لأوكرانيا في 24 من الشهر نفسه.
وفسّر شعبان هذه الزيارات أنها لمناقشة مواضيع أمنية ضخمة، منها قد يكون إعادة تموضع الروس.
وإذا صار الأمر في أوكرانيا شبيهًا بالملف السوري من حيث الاستنزاف بالنسبة لروسيا وللدول الأخرى في ظل تعطّل التصدير بسبب فرض العقوبات، فمن الممكن أن نرى إعادة تموضع للقوى الروسية، وتغيّرًا في حجم وشكل سيطرتها بسوريا.
وهذا التغيّر لا تتم دراسته بشكل يضر النظام الحالي، فخارطة السيطرة الحالية وخارطة الفوائد الحالية أصبح هناك تأقلم عليها إقليميًا، فمثلًا يمكن أن تتم دراسة كيف يمكن لإيران أن تغطي الفراغ الذي قد تخلقه روسيا دون أن تثير أي مشكلات، وفق ما قاله شعبان لعنب بلدي.
بدورها، لن ترغب الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بأن تضغط على روسيا في سوريا، وعلّل شعبان ذلك بأن أمريكا تستخدم الضغوط الخفيفة والناعمة في إدارتها الأزمات عبر تلويحها بورقة العقوبات.
وهذه العقوبات على دولة مثل روسيا ستؤثر على الاقتصاد العالمي، وهذه النقطة تحاول إدارة بايدن تجاهلها.
وأشار شعبان إلى أن الأمر الآن لا يتعلق فقط بالقوة العسكرية، بل إن المنظومة العامة سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية تتعلق بـ”الغزو” الروسي لأوكرانيا، وسط مراهنات على الوقت من قبل جميع الأطراف الفاعلة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :