د. أكرم خولاني
تؤثر المخدرات على الجهاز العصبي للشخص المتعاطي فتجعله يشعر بالاسترخاء، والنشوة، والثقة بالنفس، والحيوية، ويصبح مفعمًا بمشاعر الحب، ويميل للضحك، ويرغب بالرقص، وتزداد الشهوة لديه. وبعض الأنواع توقف كلًا من الآلام العاطفية والجسدية، كل ذلك يجعل المتعاطي يعيش في عالم افتراضي خاص به مختلف عن الواقع، وهذا ما يجعله يستمر بالتعاطي حتى يدمن المخدرات، ولكن بعد فترة تبدأ التأثيرات السلبية والضارة بالظهور، والتي تؤثر على جسم المدمن ونفسيته وحياته الاجتماعية، وقد تصل به الحالة إلى الموت في حال عدم العلاج.
ما المقصود بالمخدرات وإدمانها
المخدرات هي مواد طبيعية أو صناعية تحتوي على عناصر منوّمة أو مسكنة أو مفترة، تؤدي إلى حالة من التعود تسمى “الإدمان” مسببة أضرارًا بالغة بالصحة النفسية والبدنية والاجتماعية.
والإدمان هو الحالة الناتجة عن استعمال مادة مخدرة بصورة مستمرة، بحيث يصبح الإنسان معتمدًا عليها نفسيًا وجسديًا، بل ويحتاج إلى زيادة الجرعة من وقت لآخر ليحصل على الأثر نفسه دائما، وهكذا يتناول المدمن جرعات تتضاعف في زمن وجيز حتى تصل إلى درجة تسبب أشد الضرر بالجسم والعقل، وفي حالة التوقف عن استعمالها تظهر عليه أعراض نفسية وجسدية خطيرة تسمى “أعراض الانسحاب”، وقد تؤدي إلى الموت.
ما أنواع المخدرات
تقسم أنواع المخدرات حسب تصنيف وضعته منظمة الصحة العالمية بناء على طريقة تحضيرها، وهي:
المخدرات الطبيعية:
هي المواد المخدرة التي توجد في الطبيعة دون تدخل من الإنسان أو إحداث أي إضافات عليها، والتي عادة ما تكون نوع من النباتات، مثل نبات القات ونبات القنب الذي تستخرج منه الماريجوانا والحشيش.
فالحشيش يُستخرج من نبات القنب الهندي، وتحديدًا السائل المستخلص من مادة الراتينج الصمغية بنبات القنب، حيث يُجمع من على قمة زهرة النبات والجدار العلوي للأوراق في أثناء فترة تزهير النبات، ويعد الحشيش من أكثر أنواع المخدرات الطبيعية انتشارًا في الشرق الأوسط لقلة ثمنه مقارنة ببقية أنواع المخدرات.
والماريجوانا تُستخرج أيضًا من نبات القنب، ولكنها عبارة عن أوراق وسيقان القنب الجافة.
أما القات فهو نبات يحتوي على مواد طبيعية مخدرة شديدة القوة، تخرج عن طريق مضغ الأوراق، وينتشر تعاطي القات بكثرة بين سكان القارة الإفريقية وفي اليمن.
المخدرات الصنعية:
يُقصد بالمخدرات الصنعية تلك المواد المصنعة التي أثر فيها الإنسان وأدخل عليها إضافات أو تعديلات وحوّلها إلى مواد مخدرة تؤثر بصورة واضحة، وتنقسم إلى ثلاثة أنواع هي:
1- المخدرات الصنعية التي تعمل على تحويل المخدرات الطبيعة إلى أنواع أكثر تطويرًا وتأثيرًا على العقل والجسم، وأشهرها:
- الأفيون: واحد من أقوى وأخطر أنواع المخدرات الطبيعية التي تم تحويلها إلى مخدر صنعي، والأفيون هو عصارة مادة زهرة الخشخاش التي لم تنضج بعد، ويمكن تعاطيه عن طريق الفم أو عن طريق الحقن في الجسد بعد إذابته إما بالماء وإما بمحلول سكري، ويعد الأفيون من أخطر أنواع المخدرات لقدرته على إحداث هبوط حاد في الجهاز التنفسي، وإحداث شلل بجزء المخ المسؤول عن الجهاز التنفسي، كما يدفع متعاطيه إلى العنف مع الآخرين.
- الكوكائين: يتم استخراجه من أوراق نبات الكوكا، وبدأ استخدامه خلال العمليات الصغيرة لأنه يقلل فقدان الدم نتيجة لعمله على انقباض الأوعية الدموية، ثم أصبح يُستخدم كأحد المخدرات، ويمكن تعاطيه بواسطة الاستنشاق أو الحقن أو التدخين. مدمن الكوكائين غير قادر على التوقف عن المخدر فتقل جميع مهاراته الحياتية وقدراته العصبية تدريجيًا حتى تقع الوفاة، لذلك يعد من أخطر المخدرات.
2- المخدرات الصنعية الكيماوية، وهي تلك المواد الكيماوية التي أدخل عليها الإنسان بعض التحويلات لتصبح أنواعًا جديدة من المخدرات التي تؤثر على قدرة الإنسان على التركيز والتفكير والسيطرة على جسده، ومنها:
- المورفين: يتم استخلاصه من نبات الخشخاش، ويُصنع على شكل مسحوق أبيض ناعم أو على شكل سائل أبيض شفاف عديم الطعم والرائحة أو على شكل أقراص، ويعتبر من أشهر المخدرات المانعة تمامًا للألم، ويمكن أن يتم تعاطيه فمويًا مخلوطًا مع القهوة أو الشاي أو يتم حقنه تحت الجلد.
- الهيروئين: يُستخرج من المورفين بعد التسخين مع كمية كبيرة من كلور الأستيل، ويمكن تعاطيه عن طريق الحقن أو الشم، ويعتبر من أخطر أنواع المخدرات بسبب قدرته على التفاعل مع المواد الكيماوية الموجودة في مخ الإنسان، وتؤدي بالتبعية إلى تدمير كل وظائف وخلايا المخ تباعًا.
3- المخدرات الصنعية التخليقية: هي تلك العقاقير التي تم استخلاصها بالتفاعلات الكيماوية، وتُصنع على شكل أدوية، ومنها:
- حبوب الهلوسة: ومنها حمض الليسر (LSD)، التسمية المتعارف عليها لحمض الليسر هي “الحمض”، وهو يباع على شكل حبوب أو سوائل تخلو من الرائحة واللون، طعمها مرّ ويتم تناولها فمويًا.
- “ألفا بي في بي” أو ما يعرف بـ“الفلاكا” وأحيانًا يطلق عليه “مخدر الزومبي”، لأن الشخص الذي يتعاطاه تصدر عنه حركات جسدية وسلوكية غير مألوفة.
- المنشطات: مثل الأمفيتامين والكبتاجون.
- المهدئات: كالبنزوديازبينات مثل لوكسوتان وديازيبام.
- الأدوية العصبية: مثل البريغابالين (لاريكا) والغابابنتين.
- المسكنات: مثل ترامادول.
ما أسباب الإدمان
هناك أسباب كثيرة وعوامل مؤدية للإدمان، منها طبي ومنها نفسي على سبيل المثال:
- الاستخدام الزائد للأدوية دون الحاجة إليها.
- وجود حالة نفسية مثل القلق والاكتئاب، تدفع إلى اللجوء للكحول أو المخدرات.
- الرغبة في تقليل التوتر والحصول على السعادة الزائفة أو تحسين المزاج.
- الرغبة في تخطي مشكلة ما أو الهروب من ذكريات أو مواقف مؤلمة.
- قلة الثقة بالنفس والرغبة في إثبات الذات أمام الغير.
- القدوة السيئة في الأسرة أو الأصدقاء ما يؤدي إلى تقليدهم، بالإضافة إلى غياب التوجيه الديني والأسري اللازم.
- حب الاستطلاع والفضول.
ما أعراض إدمان المخدرات
- الشعور بضرورة تعاطي المخدر بشكل منتظم، وقد يكون ذلك على أساس يومي أو حتى عدة مرات في اليوم.
- الحاجة الملحّة إلى المخدر بحيث تحجب التفكير في الأفكار الأخرى.
- الحاجة إلى تعاطي مزيد من المخدر للحصول على التأثير نفسه مع مرور الوقت.
- تعاطي كميات أكبر من المخدر خلال فترة زمنية أطول من المخطط لها.
- ظهور أعراض الانسحاب عند إيقاف المخدر.
ما العلامات التي يمكن أن تظهر على المدمن
تختلف علامات إدمان المخدرات وفقًا للفرد أو نوع المادة المخدرة، وبوجه عام يجب الأخذ بعين الاعتبار تغيّر بعض السلوكيات غير المعتادة التي تشير إلى إدمان المخدرات مثل:
- التقلبات المزاجية.
- العزلة.
- القلق.
- الأرق.
- عدم التركيز وخاصة بتقدير المسافات وحدوث الهلوسات السمعية.
- إنفاق النقود بصورة غير معتادة بسبب شراء المخدرات حتى عند عدم استطاعة تحمل هذه النفقات.
- عدم الوفاء بالالتزامات ومسؤوليات العمل أو تقليل المشاركة في الأنشطة الاجتماعية أو الترفيهية.
ما المخاطر الناتجة عن إدمان المخدرات
هناك أضرار جسدية تنتج عن إدمان المخدرات، وأهمها:
- ضمور كامل في عضلات الجسم.
- ضعف في الذاكرة.
- تسرع القلب وارتفاع الضغط.
- هبوط في الدورة الدموية ما قد يؤدي إلى الوفاة المفاجئة.
- تليّف الكليتين والكبد.
- الإصابة بالأمراض التنفسية مثل الالتهاب الرئوي.
- التهابات الأوردة وإمكانية انسدادها نتيجة للحقن المتكرر واستخدام أدوات ملوثة.
- العدوى ببعض الأمراض نتيجة الاشتراك باستخدام أدوات الحقن مثل التهاب الكبد المزمن والإصابة بمرض الإيدز.
- النوبات والتشنجات والغيبوبة والموت.
وهناك أمراض نفسية يسببها الإدمان، ومنها:
- الاكتئاب.
- القلق.
- الهذيان والهلوسة والبارانويا.
- خلل بالتفكير السويّ وتذكر الأشياء وحل المشكلات.
- عدم القدرة على التحكم بالعواطف.
- مشكلات في النوم.
- الخمول وفقدان الحيوية.
كيف يتم العلاج من إدمان المخدرات
بداية العلاج هي اعتراف المدمن بوجود مشكلة والرغبة في علاجها، وعادة ما يشمل العلاج:
- علاج أعراض الانسحاب دوائيًا، ويتم عن طريق استبدال أدوية أخرى بالمادة المخدرة لتخفيف أعراض إيقافها، ثم إيقاف الأدوية الجديدة بشكل تدريجي.
- العلاج النفسي عن طريق جلسات فردية مع اختصاصي نفسي للتغلب على أعراض الانسحاب وعدم العودة للتعاطي.
- برامج إعادة التأهيل لمنع انتكاس المريض ثانية.