تعا تفرج
إيضاحات خالد العبود
خطيب بدلة
نعم، سيدتي، أنا موافق على القول الذي نقلتِه، حضرتُكِ، عن الصديق “أيمن قَبّ الدَنَب” من قرية ضهر الكر. بالمناسبة، أنا لا أشك لحظة في أن أيمن متابع ذكي، ولماح، وأن بيني وبينه قاسمًا مشتركًا يتلخص في تجنبنا النظرَ إلى الأمور بسطحية.
ولا أكتمك، عزيزتي، لقد لفتني تعليق أيمن على حديثي المتعلق بالحرب الأوكرانية، فهو، مثلي، يرى أن زيارة وزير الدفاع الروسي لدمشق قبيل بدء الهجوم لم تكن لأجل السياحة، وإنما لتحقيق معادلة “واحد تنين تلاتة.. توكلوا على الله”، لذا، سرعان ما وضعتُ اسم أيمن قَبّ الدَنَب على محرك البحث “جوجل”، وهالني أني وجدتُ له آراء غاية في الحصافة والإصابة، وبالأخص نظرته الثاقبة باتجاه السيد الرئيس بشار الأسد، وسرده تلك الحادثة التاريخية التي تعود إلى سنة 1989.
قبل أن أسرد على حضرتك تفاصيل حادثة الـ89، كما أوردها الصديق أيمن، اسمحي لي أن أخبرك بأن هناك أشياء لا تعرفها شريحة واسعة من شعبنا، وهذا أمر طبيعي، فليس بالضرورة أن يكون الجميع متساوين في الذكاء، على الرغم من أن السيارة التي تمشي في شوارع دمشق، والسيارة التي تمشي في شوارع موسكو، خارجتان من نفس المعمل، ولكن إحداهما زجاجها فيميه، والثانية زجاجها أبيض شفاف، الأولى تضع على زجاجها الخلفي عبارة “هكذا تنظر الأسود”، والثانية تكتب “هكذا ينظر البواتنة”، وعلى كل حال، هذا بحث يطول، وأنا لا أريد أن أستهلك وقت برنامجك بالتفاصيل الهامشية.
إذًا، هناك، في مجتمعنا، شريحة من الناس الذين لا يعرفون شيئًا، ولا يهمهم أن يعرفوا، وهناك شريحة أخرى خطيرة للغاية، أعني الذين يعرفون كل شيء، ويزعمون أنهم منحازون لقول المعري:
فلما رأيت الجهلَ في الناس فاشيًا- تجاهلتُ حتى قيلَ إني جاهلُ
اعلمي، سيدتي، أن هؤلاء كاذبون، بينما يروي أيمن قَبّ الدنب، بكل شفافية، حكايةَ المرحوم آية الله الخميني، عندما جاء إلى ريف اللاذقية، سنة 1989، في زيارة خاطفة، ووسائل الإعلام الدولية كلها ركزت على أن زيارته كانت لأجل استنشاق الهواء العليل، باعتباره مصابًا بربو قصبي مزمن، ولكن ما حدث في الكواليس أنه التقى، سرًا، ببشار الأسد، وكان عمره يومذاك ثلاث عشرة سنة، وقال له: أربعة خمسة ستة، فرد عليه بشار: على خيرة الله! وبعد أيام اندلعت الثورة الإيرانية. وعندما كان الخميني على فراش الموت، طرح عليه أحد المقربين منه سؤالًا ذكيًا جدًا، قال له: ليش سألت بشار وما سألت الباسل؟ فقال لهم: لأن… ولم يكمل حديثه فقد امتدت يد ملك الموت إلى روحه الطاهرة في تلك اللحظة، ومات.
وفي سنة 1991، حضر الرئيس الأمريكي، جورج بوش الأب، إلى لندن، حيث الرئيس بشار يدرس الطب، ليس لأجل السياحة طبعًا، ولكن بسبب الحرب على العراق، وتكرر نفس السيناريو في سنة 2003، مع جورج دبليو، وأنا هنا لا أذيع أسرار الدولة السورية، كما زعم المخرج السوري جمال داود، فسوريا دولة عظمى، يستشار رئيسها في السياسات الدولية، وهذا الأمر أصبح معروفًا للقاصي والداني.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :