“بعباءة الإنقاذ”.. “الجولاني” يستعرض خدميًا في إدلب
ظهر القائد العام لـ”هيئة تحرير الشام”، “أبو محمد الجولاني”، في لقاء مع عدد من الشخصيات العاملة ووجهاء في الشمال السوري، بعيدًا عن الشأن العسكري، خلال الأيام الماضية.
وفي تسجيل مصوّر نشرته مؤسسة “أمجاد” الإعلامية التابعة لـ”تحرير الشام”، في 24 من آذار الحالي، ذكرت أن اللقاء جاء تلبية “الجولاني” لدعوة الأهالي في منطقة أريحا وجبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
وتحدث”الجولاني” عن الخدمات التي نُفذت في مناطق سيطرة “الهيئة”، لجعل المنطقة “قابلة للحياة”، موضحًا أنها أقل ما يمكن تقديمه، وأنها لا تضاهي صمود وبقاء الأهالي في مناطق جبل الزاوية.
وأشار إلى ضرورة الاستفادة من عدة أمور، منها الابتعاد عن الإشاعات كدفع وتحريض أهل جبل الزاوية للخروج من مناطقهم في أثناء القصف، واصفًا أي عملية تهجير بأنها استجابة للعدو.
المعركة في عيون “الجولاني”
يرافق ظهور “الجولاني” الحديث عن قدرات “الهيئة” العسكرية، وعن جهودها في حماية مناطق سيطرتها التي تشمل محافظة إدلب وجزءًا من ريف حلب الغربي وريف اللاذقية وسهل الغاب، شمال غربي حماة.
“تجاوزنا مرحلة الخطر”، بهذه الكلمات وصف “الجولاني” الوضع الأمني في مناطق “الهيئة” وخصوصًا مناطق أريحا وجبل الزاوية، فهي أماكن انسحاب حديثة، وتدشينها وترتيبها أمرًا ليس سهلًا، حسب قوله، وأشاد بالقوة العسكرية في هذه الجبهات، التي وصلت إلى مراحل “جيدة وممتازة”، وأصبحت هناك “قابلية” لهذه الجبهات للدفاع عن المنطقة.
وتحدث قائد “تحرير الشام” موجهًا حديثه للحاضرين بأن “البقاء والتشبث بالأرض يحتاج إلى تضحية، ودون تضحية لا نمسك أرضنا”، ورأى أن المعركة بالمنظور البعيد والقريب ذهبت في إطار ومصلحة “الثورة”، وقال إن القوة العسكرية تنظمت والتحصينات كبيرة وخاصة في مناطق جبل الزاوية، ولا يمكن القول إن المنطقة وصلت إلى الحد الكافي.
وتوقف العمل العسكري من قبل “تحرير الشام” بفتح معارك ضد النظام، منذ تراجع مناطق سيطرة المعارضة على الأرض، وتقلّص المساحات التي تسيطر عليها، وتوقف المعارك ضد النظام السوري وحلفائه، منذ مطلع عام 2020، واقتصر على بعض الردود كإعلانها استهداف عناصر أو مقرات ومراكز تجمّع قوات النظام في المناطق المحيطة.
دعم جميع القطاعات
في إجابته عن العديد من أسئلة الحاضرين في اللقاء، أطلق “الجولاني” العديد من الوعود لتلبية متطلبات الأهالي، التي وصفها بأنها “محقة”، لكنها تحتاج إلى تنظيم ووقت كافٍ.
النظام كان مهملًا للمنطقة، و”الهيئة” بدأت ببناء الطرق وتقديم خدمات كالصرف الصحي وإنارة الطرق، بحسب “الجولاني” الذي تحدث عن دعمه للعديد من القطاعات كالصحة والتعليم وقطاعات خدمية، مشيرًا إلى أن إدارة المنطقة هي عملية متكاملة.
الأسئلة والمطالب كانت موجهة إلى قائد “تحرير الشام” للنظر فيها ودعمها، وإيجاد الحلول للمشكلات التي تقف عائقًا أمام الأهالي، رغم أن “الإنقاذ” المظلة السياسية لـ”الهيئة” هي من تدير المنطقة إداريًا، وتنفي صلتها بالفصيل العسكري.
نوّه “الجولاني” إلى أن “المحرر يقوم على 100 عمود” كلها أساسية ومهمة ومرتبطة ببعضها، وإذا لم تكن هناك نهضة اقتصادية فستكون الحكومة غير قادرة على تلبية ملفات القطاعات المستهلكة.
سجّل “الجولاني” متطلبات الأهالي التي طالبت بتوجيه الوزارات للاهتمام بدعم مؤسسات قانونية، ودينية، ودعم لقطاع التعليم والثروة الحيوانية.
مناخ استثماري مناسب
أكد “الجولاني” أن المنطقة بحاجة إلى نهضة اقتصادية وبنية تحتية حتى ينهض بها الاقتصاد، وهو يعمل على ذلك، وأن المنطقة تسير وفق خطة استراتيجية وحسب نظام محدد وليس بعشوائية، وإذا اتبعت نظام “إطفاء الحريق” ستُنهك وتُستنزف، وتعمل بطاقة محدودة موضوعة ضمن خطة، وتعمل على تنمية جميع الملفات.
وأشار إلى أن البناء الطويل والاستراتيجي ستقطف المنطقة “ثماره” لاحقًا، وأن المؤسسات تُبنى بطريق صحيحة ومنظمة، “نحن لا نخترع شيئًا جديدًا، ما يميزنا أننا نبني في ظل الحرب”، وأضاف أنه يعمل على بناء بنية تحتية لصنع مناخ استثماري مناسب في المنطقة.
وكثر حديث قائد “تحرير الشام” عن الاقتصاد والنهضة الاقتصادية، والاستثمار، ولا يعتبر حديثه أو ظهوره في قضايا اقتصادية الأول من نوعه، إذ عقدت قيادات عسكرية وإدارية في شمال غربي سوريا جلسة “طارئة”، لإطلاق حملة باسم “#دفؤكم_واجبنا”، لدعم الأهالي في المخيمات بالمنطقة، بحضور “أبو محمد الجولاني” في 31 من كانون الثاني الماضي، لتعقبها زيارة قائد “تحرير الشام” إلى مخيمات “دير حسان” شمالي إدلب
وظهر في افتتاح وتدشين طريق حلب- باب الهوى، في 7 من كانون الثاني الماضي، وظهر أيضًا في الاجتماع الذي رعاه “مجلس الشورى” مع وزارة الاقتصاد بحكومة “الإنقاذ”، لمناقشة الوضع الاقتصادي وخصوصًا “أزمة الخبز” بالشمال السوري، في 23 من تشرين الثاني 2021.
وظهر “الجولاني” بصفته من الأشخاص المسؤولين عن موارد وشؤون الناس في الشمال السوري، وتحدث عن مشكلة “الأمن الغذائي في المحرر”، وطرح حلولًا ووعودًا بتحسن الاقتصاد، والانتعاش التدريجي، ودعم مادة الخبز بشكل إسعافي من خلال توفير مبالغ من الإيرادات.
“إنجازات وثمار” سنوات
الخدمات والواقع في مناطق سيطرة “تحرير الشام” هي “تعب سنوات”، بحسب “الجولاني”، الذي أعطى مثالًا بحفاظه سابقًا على محطات الكهرباء خلال السنوات الماضية، “لو لم تكن موجودة لكان تطلب الأمر مليار دولار”.
وقال القيادي، إن “المحرر” يقطف ثمار تعب سنوات من العمل على خلق مناخ استثماري من أمن واستقرار نسبي، وتحدى أي شخص مدني أو تاجر أو أي فئة أن يدفع ضريبة، موضحًا أن الأشخاص يدفعون مقابل خدمة، ولا يوجد ضرائب.
“سوريا ذات حضارة كبيرة، بنيت خلال 700 آلاف سنة، صعب نبنيها بسنوات قليلة، وما يميزه هو العمل في ظل الحرب، وأي شخص يمتلك خبرة بطرق بناء الدول ونهضة الأمم يعلم حجم الجهد المبذول في المنطقة”، بحسب “الجولاني”، الذي يعمل في منطقة “شبه محاصرة سياسيًا”.
وتكرر حديث “هيئة تحرير الشام” عن “إنجازاتها” وتصدير نفسها على أنها كانت سببًا مباشرًا في “استمرار زخم الثورة وصمود أهلها، ووجود واقع ثوري راسخ القيم والمبادئ يستعصي على الأعداء والمتسلقين”، وهذا ما ذكرته في تسجيل مصوّر نشرته مؤخرًا.
وحمل التسجيل عنوان “ثائرون أم بائعون؟”، في الذكرى الـ11 لانطلاقة الثورة السورية، واستعرض مسيرة “الهيئة” من نشاط قالت إنه أسهم في “تشكيل نواة حقيقية للثورة”، على حد تعبيرها.
واقع بعكس “الإنجازات”
وتتعرض “تحرير الشام” لعدة انتقادات واتهامات وانتهاكات، بغياب المعلومات عن المعتقلين في سجونها، وإقصائها لعدة فصائل عسكرية قاتلت ضد النظام، واتهامات بالتضييق على الأهالي، واعتقال “الأحرار”، وأنها كانت وراء خسارة المناطق “المحررة” التي استعادها النظام حتى وصل إلى مدن سراقب وغيرها في 2020، واتهامات بأنها منصاعة لأوامر التحالف وأمريكا.
ورغم أن حكومة “الإنقاذ” المظلة السياسية لـ”تحرير الشام”، أصدرت عدة قرارات إدارية وخدمية في مناطق سيطرتها، بعد أن أحدثت سلسلة من المكاتب الزراعية والتعليمية والاقتصادية، وبدأت بإقامة مشاريع خدمية داخل المدينة، فإنها تعرضت للعديد من الانتقادات والاتهامات بغياب أولوية الإنسان في خططها، ومحاولة إثبات شرعيتها بالمشاريع الخدمية، ومطالبات بتحسين الأوضاع المعيشية للأهالي وخصوصًا النازحين.
ويعاني سكان محافظة إدلب وأرياف حلب، شمال غربي سوريا، من ارتفاع أسعار السلع والمواد التي شهدتها الأسواق في المنطقة بشكل غير مسبوق، الأمر الذي يحول دون تأمينهم حاجاتهم من المواد الرئيسة والثانوية.
كما يعيش أغلب النازحين في الشمال بمخيمات لا تتوفر فيها متطلبات التدفئة، مع قدم الخيام وتلف كثير منها، نتيجة العوامل الجوية المختلفة، ما يزيد المخاوف من إصابة الأطفال وكبار السن بنزلات البرد، وظهور أعراض صدرية وجلدية، كما أن 85% من مخيمات الشمال السوري أقدم من عمرها المتوقع وأكثر عُرضة للتلف، وأقل مقاومة للظروف الجوية.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :