كشف تحقيق لصحيفة “The Guardian” البريطانية عن إنشاء النظام السوري شركات وهمية لتجنب العقوبات المفروضة عليه، وفقًا لوثائق رسمية.
وجاء في التحقيق الذي نشرته الصحيفة اليوم، الثلاثاء 22 من آذار، أن الوثائق الرسمية توضح أن ما لا يقل عن ثلاث شركات تم تأسيسها في سوريا في نفس اليوم بغرض صريح يتمثل في العمل على شراء الأسهم وإدارة شركات أخرى.
وتظهر الوثائق الواردة في التحقيق، الذي أعده الباحث السوري كرم شعار والصحفية تيسا فوكس، صلات واضحة بين مالكي الشركات الوهمية الجديدة، ورئيس النظام السوري، بشار الأسد، والنخبة القوية اقتصاديًا في سوريا، بمن في ذلك الأفراد الخاضعون للعقوبات، بحسب ما ترجمته عنب بلدي.
يزيد تعقيد هيكل ملكية الشركات في سوريا من التعقيد في فكّ تشابك الدور الذي تلعبه الشركات في تعزيز مالية النظام، ويجعل من الصعب على القوى الأجنبية فرض عقوبات بشكل فعال على الدائرة الداخلية للحكومة.
ونصح وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة النظام، محمد سامر الخليل، المستثمرين الأجانب بعدم الظهور بأسمائهم الحقيقية في السوق المحلية.
وفي تشرين الأول 2021، قال الخليل خلال مؤتمر صحفي، إن الالتفاف على العقوبات المفروضة على النظام السوري أصبح “حرفة سورية”، مشيرًا إلى أن الشركة التي تخشى من العقوبات يُمكنها أن تظهر بغير اسمها الحقيقي، وأن هناك شركات لا تخشى موضوع العقوبات كونها لا تتعامل مع الغرب.
ما الشركات الوهمية؟
وحددت الصحيفة الشركات الوهمية الجديدة، التي أُسست في تشرين الأول 2021، وأبرزها “Trappist” و”Generous” و”Super Brandy”، وهي مملوكة في الأغلب لشخص مرتبط بالنظام السوري من خلال شبكة معقدة من الاتصالات.
وقال الباحث في “البرنامج السوري للتطوير القانوني”، ومقره لندن، إياد حميد، “من المهم مواصلة تعقب الشركات الوهمية، لأنها جزء من تجميد الأصول وتجفيف الموارد التي يستخدمها النظام لانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا”.
كما قالت رئيسة قسم العقوبات العالمية في رابطة المتخصصين المعتمدين في مكافحة غسل الأموال، جوستين والكر، إن الحكومات لا يتعيّن عليها انتظار الشركات الوهمية لبدء شراء الأسهم أو نقل الأموال قبل فرض عقوبات عليها.
وأضافت أن “جزءًا من العقوبات هو ضمان عدم استمرار الشركة في عملياتها وعدم قدرتها على التأسيس في المقام الأول”.
ويعتبر علي نجيب إبراهيم أحد المالكين الثلاثة للشركات الوهمية الجديدة، وهو شريك في ملكية شركة “Tele Space”، وهي شركة مملوكة جزئيًا لـ”Wafa JSC” التي تم ترخيصها في أوائل العام الحالي لتصبح ثالث مشغل اتصالات في البلاد.
كما يشار في التحقيق إلى يسار حسين إبراهيم، وهو أحد مالكي شركة “وفا”، وهو مستشار الأسد ورئيس المكتب الاقتصادي والمالي للرئاسة، ويخضع للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
والشخصيتان الأخريان اللتان تملكان الشركات الوهمية الجديدة هما رنا أحمد خليل (20 عامًا)، وريتا أحمد خليل (21 عامًا)، وهما ابنتا أحمد خليل، الذي يمتلك نصف شركة “Tele Space”، بالشراكة مع علي نجيب إبراهيم.
كما أن أحمد خليل هو شريك أيضًا في ملكية شركة “سند” لخدمات الحماية والأمن، المسؤولة عن حماية شحنات الفوسفات الروسية من وسط سوريا إلى ميناء “طرطوس”.
ويعتبر ناصر ديب شريكه في شركة “سند” للحماية، وهو المالك المشارك لشركة “Ella Services”، ومدرج في العقوبات التي فرضتها أمريكا مع خضر علي طاهر، رجل الأعمال البارز الداعم للنظام السوري.
ويُقال إن طاهر، الذي فُرضت عليه أيضًا عقوبات من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لتمويل النظام وتورطه في التهريب والتربح، ضالع في تهريب “الكبتاجون”.
أين الاتحاد الأوروبي وواشنطن؟
يرى الباحث في “البرنامج السوري للتطوير القانوني” ومقره لندن، إياد حميد، أن عقوبات الإدارة الأمريكية الجديدة محدودة للغاية، وبطريقة ما، ليست لديها “الشهية السابقة التي كانت لدى الإدارة السابقة لفرض عقوبات على الأفراد في سوريا”.
الأمر نفسه ينطبق أيضًا على حكومة المملكة المتحدة، التي لم تعلن سوى موجة واحدة جديدة من العقوبات منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي.
واستهدفت العقوبات حلفاء مقربين من الأسد، بمن فيهم يسار حسين إبراهيم عام 2021، ووزير الخارجية السوري، فيصل المقداد.
كما فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، وهو وكالة الإنفاذ التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية، عقوبات على إبراهيم وطاهر.
وقال بيتر ستانو، من وزارة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إن التطورات في سوريا تظل قيد المراجعة المستمرة.
وأضاف أن “الاتحاد الأوروبي أظهر أنه يستجيب في قرار تجديد العقوبات أو تعديل قائمة الكيانات أو الأشخاص المستهدفين بناء على التطورات على الأرض”.
وقالت مفوضية الاتحاد الأوروبي، إنها ستنقل المعلومات التي نشرتها صحيفة “The Guardian” إلى “السلطة المختصة ذات الصلة للتقييم، وإذا لزم الأمر، لمزيد من التحقيقات”.
ويسمح قانون “قيصر” الأمريكي بفرض عقوبات ثانوية على الأفراد والشركات المرتبطة بالنظام حتى لو لم يرتكبوا سلوكًا خاضعًا للعقوبات، ومع ذلك، لم يتم تطبيق هذه العقوبات منذ دخول القانون حيز التنفيذ في منتصف عام 2020.
قالت رئيسة قسم العقوبات العالمية في رابطة المتخصصين المعتمدين في مكافحة غسل الأموال، جوستين والكر، “إذا كان بإمكانك تخيل عدد الشركات التي تم تأسيسها في سوريا، فهي خارج النطاق الترددي للحكومات (…) لذلك يلعب المتخصصون في التحقيق وموفرو العناية الواجبة (…) دورًا حاسمًا للغاية”.
–