ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية يجمّدان سوق العقارات بالرقة
الرقة – حسام العمر
يقلّب محمود الهاشم (47 عامًا)، من سكان مدينة الرقة شمال شرقي سوريا، دفترًا سجل فيه مواصفات وعناوين عقارات عرضها أصحابها للبيع، ويرغب بإقناع أحد زبائنه بأن المبالغ المطلوبة بتلك العقارات لا تتوافق مع قدرته على الشراء.
يرى محمود، الذي يملك مكتبًا لبيع وشراء العقارات في مدينة الرقة، أن الأسعار المطلوبة لا تتوافق أبدًا مع الوضع المعيشي والأمني الذي تعيشه المدينة، على حد قوله.
وشهدت أسعار العقارات ارتفاعًا يصفه بعض التجار الذين التقتهم عنب بلدي بـ”غير المنطقي”، فأصحاب العقارات المعروضة للبيع يطلبون أسعارًا مرتفعة ومعظمها بالدولار الأمريكي.
أسعار متفاوتة
قال محمود الهاشم لعنب بلدي، إنه كثيرًا ما يحاول إقناع أصحاب العقارات بتخفيض ثمنها للحصول على فرصة بيعها بزمن وسعر معقولين، وهو ما يمنحه بذات الوقت فرصة أخذ عمولته المتفق عليها من الطرفين البائع والشاري.
عبد الحليم الرجب (37 عامًا)، يعمل في محل لصيانة الجوالات، حاول شراء شقة في أحد أحياء المدينة القريبة من عمله في شارع الوادي وسط المدينة، بمبلغ 14 ألف دولار.
واضطر عبد الحليم الرجب إلى شراء منزل في حي الانتفاضة، وهو أحد الأحياء العشوائية في الرقة، بالمبلغ الذي كان بحوزته، بعد تعذر حصوله على شقة تتناسب مع نقوده في حي أفضل، ويتكون المنزل من غرفتين ومنتفعاتهما وبمساحة إجمالية قدرها 125 مترًا مربعًا.
وتختلف أسعار العقارات، خصوصًا الشقق السكنية، بين حي وآخر من أحياء المدينة، ليصل سعر بعض الشقق بمساحة 200 متر مربع إلى ما بين 40 ألفًا و60 ألف دولار في أحياء مثل الثكنة والفردوس، بينما يتراوح سعر الشقة بين الـ20 ألفًا و35 ألف دولار في أحياء مثل القطار و شارع النور والادخار.
وتنخفض الأسعار إلى ما دون ذلك في أحياء أخرى من المدينة، تبعًا لموقع العقار، أو حالته، مع وجود بعض الشقق التي تعاني من الضرر الجزئي، أو أنها لا تزال غير مكسوة (على العظم)، ويتم بيعها على وضعها، ومن ثم إصلاحها أو كسوتها على نفقة الشاري.
وتسيطر “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا و”مجلس الرقة المدني” على الرقة منذ نهاية العام 2017، ويتجاوز عدد سكان المدينة 800 ألف نسمة، يعيش معظمهم ظروفًا معيشية صعبة، نتيجة النزاع الذي مرت به المدينة، والظروف الاقتصادية التي تعيشها أغلب المدن السورية.
لا مؤسسة ولا قانون
لا تُعنى أي مؤسسة من مؤسسات “مجلس الرقة المدني” أو “الإدارة الذاتية” بمتابعة سوق العقارات وأسعارها، وفق ما قاله أحد أعضاء “اللجنة الاقتصادية” بالرقة لعنب بلدي.
ويرى عضو “اللجنة”، الذي تحفظ على ذكر اسمه كونه لا يملك تصريحًا بالتحدث إلى الإعلام، أن “الإدارة” وعبر جميع مؤسساتها لا تملك أي صلاحية للتدخل بسوق العقارات وأسعارها، ويعود ذلك إلى عدم وجود قانون أو تشريع لديها أو للمؤسسات التابعة لها بهذا الخصوص.
بينما أنشأ أشخاص في الرقة صفحات أو مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي تهتم ببيع وشراء العقارات، غايتها تقريب البائع من المشتري، وخلق نوع من المنافسة بين أصحاب العقارات، وفق ما قاله زين الدين الحسن (35 عامًا)، وهو أحد مشرفي تلك المجموعات لعنب بلدي.
وأضاف زين الدين الحسن، أن الأسعار الموجودة على مجموعات ومواقع التواصل الاجتماعي هي أقرب ما تكون للواقع، لكنها لا تزال مرتفعة، ولا تتناسب مع مقدرة السكان المادية.
والعقار من أكثر السلع تأثيرًا على مصاير الناس، كما أنه يفضح الطبيعة السياسية والاقتصادية للسلطة الحاكمة في إقليم معيّن.
وتعاني الرقة كبقية المدن السورية من دمار عدد كبير من الأبنية، بينها البيوت التي تعرضت للقصف خلال المواجهات منذ 2011، كما أنها تعاني جمودًا في عملية إعادة الإعمار.
وبحسب تقرير معهد “الأمم المتحدة للبحث والتدريب” الصادر في آذار 2019، يوجد في محافظة الرقة 3326 مبنى مدمرًا كليًا، و3962 مبنى مدمرًا بشكل بالغ، و5493 بشكل جزئي، ليكون مجموع المباني المتضررة 12781.
وخلال عام 2017، شهدت مدينة الرقة معارك بين عناصر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ومقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية”، استمرت 166 يومًا، وانتهت بسيطرة “قسد” على المدينة منتصف تشرين الأول من نفس العام، مدعومة بقوات “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وأدت تلك المعارك إلى تدمير بعض الأبنية في المدينة إما جزئيًا وإما كليًا.
واستُخدمت الطائرات وراجمات الصواريخ في المعارك داخل أحياء المدينة، وكان لها الدور الأكبر في تدمير الأبنية، بالإضافة إلى التفجيرات التي نتجت عن ألغام خلّفها تنظيم “الدولة الإسلامية” وراءه.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :