جريدة عنب بلدي – العدد 46 – الأحد – 6-1-2013
صباح اليوم الخمسين من الحملة الحالية على داريا لا يختلف عن سابقه، وسابقه هذا لا يختلف عن معظم الصباحات الأخرى خلال الحملة.
أكثر هذه الأيام العصيبة لها السيناريو نفسه؛ يبدأ اليوم بقصف صباحي مكثّف على المدينة من راجمات الصواريخ والمدافع الثقيلة المتمركزة على المشارف والتلال المحيطة، وكثيرًا ما تؤازر بالقصف الآثم طائرات الميغ والسوخوي الحربية.
يتبع ذلك محاولة لاقتحام المدينة بتعزيزات من الدبابات والمدرعات وناقلات الجند..
وربما اشتدت حرارة إحدى الجبهات الأربعة أو الخمسة أكثر من الأخرى دون أن تنطفئ أي منها.
كلّ يوم، ورغم إمكاناتهم المحدودة، يتمكّن أبطال الجيش الحر من تدمير آليات وإعطاب أخرى أثناء صدّ الهجوم الهمجي على مدينتهم.
وفي غياب إحصاء دقيق لأعداد القتلى من جيش النظام، يؤكّد المتحدثون باسم الجيش الحر أنهم بالمئات وأن العدد الإجمالي فاق الثلاثة آلاف خلال هذه الحملة.
مساءًا يجرّ جيش النظام ما تبقى من عرباته ودباباته، وينسحب من المدينة غالبًا باتجاه جار السوء (مطار المزة العسكري).
لا شكّ أن لهذه البسالة ثمن غال جدًا؛ فكل يوم أيضًا يرتقي عدد من خيرة شباب البلد. بالإضافة إلى نساء وأطفال وكبار في السنّ. (أي أن ليس كل الشهداء مقاتلين).
في هذا السياق، لا داعي لذكر عدد الأبنية والبيوت والممتلكات المدمرة كليًا أو جزئيًا، فكل شيء يفقد قيمته عندما يتجاوز وسطي الشهداء اليومي خلال الخمسين يوم سبعة شهداء!
سبعة شهداء في اليوم، يغيبون عنّا إلى الأبد.
سبعة شهداء! توقفون عن التفكير في الدفاع عن المدينة وتأمين الذخيرة أو تأمين قوت النازحين وتدفئتهم. لم يعودو بحاجة لتحمّل التفكير في (حلّ سياسي) لـ(الأزمة) السورية ومقترح جديد للإبراهيمي. يرتاحون من عقوبة سماع خطاب جديد للرئيس الأكثر سماجة في القرن الواحد والعشرين.
سبعة شهداء كل يوم!
يقفون (هناك) مع من سبقهم، يراقبوننا كيف سنكمل مشوارهم، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون.