عنب بلدي – لجين مراد
“تعرضنا لظلم كبير خلال السنوات الماضية، وظلّت المرأة في الرقة محكومة بفكر الجهة المسيطرة، وخاضعة لسلطة الرجل وعادات المجتمع”، تصف رغد (30 عامًا) حياة نساء الرقة خلال السنوات الماضية.
بين ماضٍ حكمه تنظيم “الدولة الإسلامية”، وحاضر تتنازع على حكمه محاولة “الإدارة الذاتية” أدلجة المرأة، وقيود الأعراف والتقاليد العشائرية، تكافح نساء في الرقة للحفاظ على كينونتهن، وامتلاك حق اختيار طريقهن، دون أن تسيّرهن القبضة الحاكمة.
وتلعب السلطة الحاكمة دورًا كبيرًا في حماية وتمكين المرأة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي، من خلال تشريع القوانين التي تحميها، ومنع التعدي عليها من قبل السلطة والمجتمع بأكمله، وفق ما قالته الباحثة الاجتماعية المساعدة في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” صبا عبد اللطيف لعنب بلدي.
“الأسود” يحكم المرأة
فرض التنظيم فكره “الأسود” على كل تفاصيل حياة المرأة في الرقة، وعمل على تنميط صورتها، مطلقًا أوصافًا “مهينة”، ليجعل حضورها مقتصرًا على متعة الرجل، بحسب تعبير النساء اللواتي تحدثت إليهن عنب بلدي.
“تحول السير في الشارع إلى رعب، وأمضيت معظم وقتي داخل المنزل، خوفًا من ارتكاب ما يعتبرونه (معصية)، أو أن أخرج إلى الشارع فأعجب نساءهم”، تتحدث رغد عن حياتها في ظل سيطرة التنظيم.
وأوضحت رغد أن الفتاة العزباء يمارَس عليها ضغط كبير، ويعتبر جمال جسدها أو وجهها تهمة تسقط عنها بالزواج من رجال التنظيم.
تعرضت رغد للعديد من الضغوطات لقبول طلب الزواج الذي عرضته نساء من أبناء الرقة باسم رجال من التنظيم، وفق قولها.
ليندا امرأة أخرى تبلغ من العمر 27 عامًا، قالت لعنب بلدي، إن حياتها حُكمت باللون الأسود، الذي طغى على لباسها، وامتد ليطال نظرتها للمستقبل في ذلك الوقت.
“حتى الحذاء الملوّن كان ذنبًا”، أضافت ليندا، في محاولة لتجسيد حجم التحكم الذي فرضه التنظيم على حياة المرأة، بحسب تعبيرها.
من جهتها، قالت الباحثة الاجتماعية إيفا عطفة لعنب بلدي، إن سياسة التنظيم عملت على تنميط دور المرأة بـ”الجنس”، وحصر دورها داخل المنزل، وجرّدتها من حرّيتها وجميع حقوقها الأساسية.
وحُكم على المرأة بنمط حياة ثابت ومقيّد بـ”الشرع”، إذ فرض التنظيم زيًّا معينًا على النساء في الرقة، وحرّم خروجهن من المنزل دون محرم، وحُرمن من معظم النشاطات الاجتماعية، وفق دراسة صادرة عن مركز “حرمون للدراسات المعاصرة”، بعنوان “التغيرات التي طرأت على أدوار المرأة في الحرب السورية”.
كما استخدم التنظيم طرقًا عدة لقمع وترهيب المرأة وذويها، من خلال تدخلهم بأدق التفاصيل من لباسها حتى حالتها الاجتماعية، وفق الباحثة الاجتماعية صبا عبد اللطيف.
تجريد من الحقوق
جرّد التنظيم المرأة في الرقة من جميع حقوقها على صعيد التعليم والطبابة والعمل والحرية، وهدف إلى تجريدها حتى من مكانتها في المجتمع.
“أكبر انتهاك ارتكبه التنظيم بحق النساء، تجريدهن من حريتهن وتحويلهن إلى عبد مأمور”، وفق ما قالته رغد.
وتابعت، “كنت امرأة عاملة ومستقلة، إلى أن سيطر التنظيم وحوّلني إلى إنسان مسيّر من قبل قوانين هدفها الأول تجريدي من حريتي”.
“حتى العلم كان في قاموسهم جريمة، حُرمت من إكمال دراستي الجامعية، وحين حاولت تعليم الأطفال للمساهمة في إنقاذ الجيل من الموت، عاقبني التنظيم بمزيد من تقييد الحرية والخوف”، بهذه الكلمات تحدثت ليندا عن تجريدها وكل نساء المنطقة من حقهن بإكمال تعليمهن.
من جهتها، أُجبرت مريم (39 عامًا)، وهي إحدى المعلمات في الرقة، على ترك عملها، واختارت العزلة في المنزل، هربًا من فكر التنظيم وعقوباته التي يمكن أن تنهي حياتها.
وفي ظل غياب الكفاءات الطبية النسائية في الرقة، تحوّلت الحاجة للعلاج الطبي إلى عذاب بالنسبة لنساء المنطقة، بحسب ما قالته رغد.
وتابعت، “كانت أختي بحاجة لإجراء عملية عند طبيب مختص، ولأن زيارة المرأة لطبيب (رجل) كانت محرمة في شرعهم، اضطرت إلى تحمل الألم لفترة طويلة”.
واعتبرت الباحثة الاجتماعية إيفا عطفة، تزويج المرأة لرجال من عناصر التنظيم، وطرق إجبارها على الإنجاب التي مارسها التنظيم بشكل ممنهج، أكبر انتهاك لحقوق المرأة.
وبحسب دراسة لمركز “حرمون“، فإن 80% من النساء في شمال شرقي سوريا لم يعملن خلال فترة سيطرة التنظيم، كما لم تستطع النساء إكمال تعليمهن خلال الفترة ذاتها.
فكر “الإدارة” وقيود العشائر
يغلب على حياة أهالي الرقة النمط العشائري الذي لم يقبل سياسة “الانفتاح” التي اتبعتها “الإدارة” منذ بدء سيطرتها على المنطقة، ما فرض على المرأة صراعًا جديدًا بين تقاليد العشائر وسياسة “الإدارة”، وفق النساء اللواتي تحدثت إليهن عنب بلدي.
وقالت رغد، إن معظم نساء الرقة يعتبرن سيطرة “الإدارة” ولادة جديدة لهن، ونجاة من “الموت” الذي فرضه التنظيم، لكنهنّ ما زلن محكومات بسلطة العادات والتقاليد.
“رغم أن (الإدارة) منحت النساء الكثير من الامتيازات التي حُرمن منها خلال سيطرة التنظيم، لم تستطع تجنّب النشاطات التي تثير حفيظة العشائر العربية المحافظة”، قالت مريم، منتقدة سياسة “الإدارة”.
ليندا اختارت تجنّب أي نشاط يمكن أن يخالف عادات وتقاليد المنطقة، خوفًا من عواقب تجاهل الفجوة بين العادات وسياسة “الإدارة”، وفق تعبيرها.
كما أكّدت رغد أن “الإدارة” لم تنجح بالتعامل مع طبيعة المجتمع، إذ فرضت قوانين تخالف الدين والتقاليد، أبرزها قانون مناصفة المرأة للرجل بالميراث، الذي خلق أزمة حقيقية في المجتمع، وفق قولها.
يعتبر المجتمع في الرقة محافظًا ومحكومًا بالطبيعة العشائرية، لكنّه لم يعامل المرأة بـ”التطرف” الذي عاملها به التنظيم، ولم يقبل القوانين التي شرّعتها “الإدارة” باعتبارها بعيدة عن الواقع الاجتماعي للمنطقة، بحسب الباحثة الاجتماعية المساعدة في مركز “عمران” صبا عبد اللطيف.
وأثبتت دراسة “التغيرات التي طرأت على أدوار المرأة في الحرب السورية”، أن رفض الفكر والسياسة التي تروّج لها “الإدارة” من قبل المجتمع الذي اعتبرها غريبة عنه، دفع “الإدارة” لارتكاب الانتهاكات، واتباع سياسة الترهيب من خلال الاعتقال وممارسة التعذيب على النساء والرجال دون تمييز بينهم.
“بروباغندا” حرية المرأة
تظهر العديد من الدراسات دور “الإدارة” في تحسين العملية التعليمية للمرأة، والعمل على منحها أدوارًا سياسية، لكن بحسب ما رصدته عنب بلدي، اعتبرت العديد من النساء في المنطقة عمل “الإدارة” ليس إلا “بروباغندا” وشعارات غائبة عن أرض الواقع.
وقالت الباحثة الاجتماعية صبا عبد اللطيف لعنب بلدي، إن سياسة “الإدارة” بالتعاطي مع قضايا المرأة لا تزال مجرد شعارات، كما تعتبر المناصب الممنوحة لها شكلية، إذ إنه لا سلطة حقيقية للنساء في المجالس المحلية أو في “الإدارة الذاتية”.
كما اعتبرت عبد اللطيف أن الانفتاح الذي تدعيه “الإدارة”، هو انفتاح صوري وصُمّم بفكر شمولي يشبه فكر حزب “البعث”، إذ يستخدمه كديكور أو مجال للحقن الأيديولوجي وبالتالي التنميط بفكر قومي “ماركسي”.
ووثّق التقرير الدوري لـ”الشبكة السورية لحقوق الإنسان” ارتكاب “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، الذراع العسكرية لـ”الإدارة”، العديد من الانتهاكات بحق النساء، منذ آذار 2011 حتى آذار 2022.
وتعرضت نحو 19 امرأة عاملة في أنشطة ومراكز دعم المرأة للترهيب من قبل “قسد”، إلى جانب قتل نحو 165 امرأة، واعتقال نحو 522 امرأة، خلال الفترة ذاتها.
ووثّق التقرير العديد من ممارسات التمييز ضد المرأة العربية على خلفية عرقية، تمثّلت بحرمانها من فرص متساوية للعمل، وتقييد حرية تنقلها.
وبحسب دراسة لمركز “حرمون“، لا تؤدي جهود “الإدارة” دورًا في تمكين المرأة بالمعنى الحقيقي للكلمة، إذ إن معظم العاملات في مناصب تابعة لـها يخضعن لسياق أيديولوجي صارم، وتصوّر مسبق للمرأة وأدوارها تعمل “الإدارة” على فرضه عليها.
كما عملت “الإدارة” على إشراك المرأة في مختلف مؤسسات الحكم والمؤسسات الإدارية، لكن جميعها “حقوق وهمية”، والهدف منها ليس تمكين المرأة من نيل حقوقها، بل استغلال تلك المرأة لنشر فكر “الإدارة” وتسيير سياستها، من خلال استقطاب موالين من النساء والرجال، وفق الدراسة.
واعتبرت الدراسة وجود النساء في مناصب سياسية داخل مؤسسات “الإدارة” ليس إلا واجهة إعلامية.
المرأة والرجل.. علاقة تحكمها السلطة
تأثرت علاقة المرأة في الرقة مع أفراد أسرتها، وخاصة مع الرجال منهم، بالسلطة الحاكمة للمنطقة، إذ لعب التنظيم دورًا كبيرًا بتفكيك الأسرة والتلاعب بنظرة الرجل للمرأة، كما حاولت “الإدارة” تحويل العلاقة بينهما إلى ما يتوافق مع سياستها.
تحت عباءة التنظيم
استطاع التنظيم التأثير على دور المرأة في المجتمع، ونجح بتنميط صورتها داخل البيت من خلال سلطة الرجل، إما خوفًا عليها، وإما رغبة بفرض سيطرة أكبر.
وأجمعت النساء اللواتي تحدثت إليهن عنب بلدي على أن معظم الرجال تغيّرت طريقة تعاملهم مع نسائهم خشية تعرضهم للاعتقال من قبل عناصر التنظيم.
“قاد الخوف الذي فرضه التنظيم الكثير من الرجال لممارسة العنف على المرأة، خوفًا عليها وعلى أنفسهم من العقاب، حتى صارت عقوبات التنظيم ذريعة لمحاسبة الرجل للمرأة”، وفق ما قالته ليندا.
كما اختلف تعامل والد رغد معها خلال سيطرة التنظيم، إذ صار يراقب كل تفاصيلها وتحركاتها، خوفًا من أن يراها أحد ويجبرها على الزواج من رجال التنظيم، وفق قولها.
وتابعت، “ردد والدي كثيرًا (بترضي إنجلد؟) لإجباري على الالتزام بقوانين التنظيم التي لم تقتصر عقوباتها على المرأة حين تخطئ، بل طالت الرجل باعتباره الوصي عليها”.
وبررت رغد موقف والدها، معتبرة الذل والعقوبات من قبل التنظيم كفيلة بتغيير طباع أي شخص وزرع الخوف بداخله، بحسب تعبيرها.
واستمرت صور الأنماط التقليدية لأدوار النساء السوريات في النسق الاجتماعي السوري، بل ازدادت قوة في المناطق التي سيطر عليها التنظيم، إذ اتخذ التنظيم موقفًا متحفظًا أو معاديًا لأي دور نسائي، للتأكيد على أن المرأة تحتاج إلى رعاية الرجل وحمايته، وعليها طاعته والخضوع لسلطته، وفق مقال نشره مركز “حرمون”، بعنوان “تصورات سورية متجاورة لأدوار النساء النمطية”.
لكنّ سلطة التنظيم اختلفت بحسب “ولاة الأمر” في المنطقة، إذ اتبع التنظيم سياسة أكثر ليونة في الرقة مقارنة ببقية مناطق السيطرة، وكان هناك نوع من التعاطف من قبل الرجال في الرقة تجاه نسائهم، لكنّ نسبة صغيرة من العائلات تبنّت سياسة التنظيم، وفق دراسة “التغيرات التي طرأت على أدوار المرأة في الحرب السورية”.
وبحسب الدراسة، عمل التنظيم على تكريس السلطة الذكورية في المجتمع حتى من خلال عقاب الرجل عوضًا عن المرأة عند قيامها بفعل مقاوم أو مخالف لسلطته باعتباره الوصي عليها.
وأكّدت الباحثة إيفا عطفة أثر سياسة التنظيم على علاقة المرأة بالرجل ضمن الأسرة الواحدة، إذ إن مخاوف الرجل من أذية المرأة حوّلتها إلى “عبء” عليه.
ورغم زيادة حالات العنف نتيجة طبيعة الرجل السلطوية، أو مخاوفه من التنظيم، لم تجد المرأة قانونًا يحميها، باعتبار العنف الذي يمكن أن يمارسه التنظيم أسوأ من أي عنف يمارسه الرجل، وفق عطفة.
وأضافت عطفة، أن المجتمع تحول إلى دائرة عنف ضحيتها المرأة، مشيرة إلى أن الضغط الممارَس على الرجل خارج المنزل انعكس على تعامله مع المرأة داخل المنزل.
في ظل “الإدارة”
أثّر الصراع بين عادات وتقاليد العشائر في المنطقة وسياسة “الإدارة” بشكل أساسي على علاقة المرأة بالرجل، الذي ما زال يحاول الالتزام بدوره السلطوي الممنوح من التنظيم ومن ثقافة المنطقة نفسها.
وبحسب رغد، عززت سياسة “الإدارة” في كثير من الأحيان عنف الرجل تجاه المرأة، في ظل عجزه عن إظهار رفضه للتحرر الذي تطالب به “الإدارة”.
وأوضحت رغد، “يخشى الرجل خطر رفض سياسة (الإدارة) لكنه ما زال قادرًا على فرض سلطته على المرأة باعتبارها تخاف المجتمع”.
وإلى جانب الشرخ بين التنظيم و”الإدارة”، أثّر حفاظ العديد من الرجال على صورة المرأة التي رسّخها التنظيم، ورفضهم الكامل لأي تغيير يمكن أن يطرأ على مكانة المرأة، برفض أكبر لسياسة “الإدارة” ولحرية المرأة وتمكينها في المجتمع، وفق رغد.
وما زالت السلطة الذكورية تطغى على طبيعة المجتمع، وتحكم المرأة وسط محاولة الرجل الحفاظ على سلطته، وفق الباحثة الاجتماعية إيفا عطفة.
بين الذات والسلطة
تركت السلطات الثلاث أثرًا كبيرًا على حياة النساء في الرقة، وفرضت على العديد منهن حالة اضطراب ورفض لأي شكل من أشكال السلطة، أو رفض للذات في بعض الحالات.
“وصف التنظيم المرأة بـ(السلعة)، و(الفتنة)، و(العورة)، والعديد من الأوصاف التي جرّدتها من قيمتها، وقلّصت دورها في المجتمع، خلال سيطرته، وحتى بعد خروجه من المنطقة”، وفق ما قالته ليندا عن أثر التنظيم على نظرة المرأة لنفسها ونظرة المجتمع إليها.
كما فرضت رؤية “السبايا” اللواتي تعرضن لأشد أنواع العنف النفسي والجنسي سؤالًا على المرأة في الرقة، “ماذا لو كنت مكانها؟”، ما وضعها في إطار العجز والضعف والخوف من أن تكون هي “التالية”، وفق ما قالته رغد، لتبرر حالة العزلة التي استمرت في حياتها لفترة طويلة بعد خروج التنظيم، مشيرة إلى أن جزءًا كبيرًا من الخوف بقي موجودًا جراء بقاء خلايا من التنظيم في المنطقة.
وتابعت رغد، “تمكنت من تجاوز ذلك الشعور من خلال إجراء أنشطة دعم للنساء والأطفال القادمين من مخيم (الهول)، وأشعر الآن أنني استعدت ذاتي، ربما لأنني صرت قادرة على رؤية أثر تطرف التنظيم، دون أن أكون عاجزة عن تغييره”.
ورغم أن رغد استطاعت تجاوز أثر التنظيم على حياتها، ما زالت في الرقة مئات النساء اللواتي توقفت حياتهن عند انتهاكات التنظيم، وفقدن قدرتهن على العيش كجزء من المجتمع، وفق قولها.
من جهتها، قالت الباحثة الاجتماعية صبا عبد اللطيف، إن زوال التنظيم لا يعني زوال أثره، إذ ما زال إقصاء المرأة جزءًا من واقعها الحالي، مشيرة إلى أن العديد من تفاصيل الحياة التي فرضها التنظيم بقيت كما هي خوفًا من خلاياه التي ما زالت تشكّل تهديدًا أمنيًا كبيرًا على المنطقة.
وأثّرت السلطات الثلاث على المرأة حتى بأحقية مقاومتها للعنف الممارَس عليها، باعتبارها عاشت ضمن منظومة متكاملة من “مرتكبي الانتهاكات” بحقها.
وأكّدت الباحثة إيفا عطفة، أن العديد من النساء بقين خاضعات للسلطة المفروضة عليهن حتى بوجود فرصة لحمايتهن، خوفًا من أن تغلبهن السلطة الكبرى، موضحة أن السلطة الكبرى في المجتمع العشائري تبقى لعاداته وتقاليده.
بدوره، قال الطبيب النفسي إسماعيل الزلق لعنب بلدي، إن النظرة السلبية للذات يمكن أن تكون نتيجة ظروف عاشها الإنسان، مثل تعرضه للظلم، أو من الممكن أن تكون النظرة السلبية جزءًا من اضطراب نفسي أكبر مثل الاكتئاب.
وأضاف الزلق، أن عدم تقدير الذات أو النظرة السلبية تجاه الذات، تؤثر على تعامل الإنسان مع حقوقه، إذ إنها تمنعه عن المطالبة بحقوقه باعتباره “أقل” من أن يستطيع ذلك.
على طريق التعافي
يحتاج تجاوز الصراع الذي تعيشه النساء في الرقة إلى العديد من المقومات الأساسية، والخطط المنهجية التي تبدأ بإصلاح مكانة المرأة في المجتمع، وتوضيح دورها لتستعيد نظرتها الحقيقية تجاه نفسها، ومن حولها، وفق ما قالته رغد.
تعمل رغد في تقديم الدعم النفسي للناجيات من مخيم “الهول”، بينما انخرطت ليندا بعمل المنظمات، وتعمل مريم في جمعية لتمكين المرأة.
واعتبرت رغد أن عملها من أجل تحقيق السلام لتجاوز نتائج الحرب التي فكّكت الأسرة والمجتمع، يلعب دورًا أساسيًا بتحقيق سلامها الداخلي.
أسهم دخول المنظمات الإنسانية الدولية إلى المنطقة مجددًا في تشكّل عدد كبير نسبيًا من المنظمات المحلية، التي لعبت المرأة دورًا أساسيًا بأنشطتها، ما ساعد على تعزيز دورها في المجتمع، وفق دراسة “التغيرات التي طرأت على أدوار المرأة في الحرب السورية”.
من جهته، اعتبر الطبيب الزلق أن تجاوز حالة عدم تقدير الذات يعتمد على خطوتين أساسيتين، هما تحسين نظرة المرء لنفسه، وتلقيه رسائل من المحيط تعزز تقديره لذاته.
وقالت الباحثة الاجتماعية في مركز “عمران” صبا عبد اللطيف، إن الخطوات اللازمة لإعادة تأهيل المرأة هي خطوات تعتمد بشكل أساسي على الواقع الأمني، وحماية النساء من أي خطر يهدد حياتهن، والعمل على تمكين المرأة اقتصاديًا لتستطيع توفير احتياجاتها ومتطلباتها الأساسية.
كما حمّلت عبد اللطيف جزءًا من مسؤولية إعادة تمكين المرأة لمنظمات المجتمع المدني الموجودة في المنطقة.