تتناقص جراء الحرب والجفاف.. إبل الحسكة في خطر
الحسكة- مجد السالم
منذ عشرات السنين، تحرص عائلة صفوك حسين (60 عامًا)، من ريف القامشلي الجنوبي، على تربية الإبل، كعادة تعتز بها رغم الصعاب الكثيرة التي تعترض رعايتها.
يشعر صفوك حسين بالفخر وهو يتحدث لعب بلدي، لأنه حافظ على الإبل التي يمتلكها كل هذه السنوات، خصوصًا في ظروف الجفاف والمخاطر الأمنية التي تعيشها المنطقة في الفترة الحالية.
يمتلك الرجل الستيني عشرة رؤوس من الإبل، تزيد وتنقص من فترة لأخرى، يكابد كثيرًا في تأمين الأعلاف والمرعى لها، وفق ما قاله، مع صعوبة في تأمين سوق تصريف لمنتجاتها أو لبيعها.
لكن ما يهوّن الأمر على الرجل أن هدفه من تربيتها ليس النفع الاقتصادي، بقدر ما هو نوع من المحافظة على العادات العربية الأصيلة في تربية الإبل.
انخفض الاهتمام بها
تربية الإبل قبل عام 2011 كانت “مجزية جدًا، فهي تنتج الحليب تقريبًا طوال العام”، وفق ما يراه مربي الإبل، وكل ناقة تعطي حوالي ثلاثة كيلوغرامات من الحليب يومًيا، بالإضافة إلى لحومها ووبرها.
وهذا ما أكده عدة مربين للماشية من ريف القامشلي في استطلاع أجرته عنب بلدي في المنطقة، وقالوا إن الإبل تناقصت أعدادها في المحافظة بشكل كبير في السنوات العشرة الأخيرة.
كما انخفضت أعداد مربي الإبل لعدم قدرتهم على تأمين متطلبات تربيتها، والمخاطر الأمنية التي جعلت من الصعب رعيها في المراعي التي تنب فيها الأشواك الحولية ونبات الرمثا وغيرها من الشجيرات التي تتغذى عليها الجمال.
وتقطّع طرق تسويق الإبل في المنطقة كان من أبرز الأسباب لانخفاض الاهتمام بتربيتها، خصوصًا في المحافظات الأخرى التي تشكّل سوقًا رئيسة لبيعها، مثل مدينة حماة ومدينة دمشق وريفها.
وعادة ما تكون الإبل في المناطق البعيدة عن تجمع القرى، بالقرب من بادية الحماد شرقي سوريا.
ضعف العرض والطلب
يعمل عبيد عبد الباقي (49 عامًا) سمسارًا لبيع الجمال والخيول العربية الأصيلة في ريف القامشلي الجنوبي، وبحسب ما قاله لعنب بلدي، فإن تربية الجمال في الحسكة مهددة بالزوال، جراء غياب الدعم من المؤسسات المختصة بهذا المجال.
وقدّر عبيد عبد الباقي عدد الجمال في المدينة بحوالي ألف رأس إبل، وأشهر أنواع سلالات الجمال الموجودة في المنطقة هي الإبل “الشامية الوضحة” (البيضاء)، و”الملحة” (بني محمّر)، و”الصفراء”.
وتتراوح أسعارها بين 500 ألف ومليوني ليرة سورية (بين 140 و550 دولارًا)، ويختلف سعر الإبل بحسب عمرها وجنسها ولونها، حيث يزيد الطلب عليها خلال فترة الأضاحي.
ولكن بشكل عام، فإن حركة بيع وشراء الإبل ضعيفة جدًا، وفق ما يراه السمسار، نتيجة غلاء الأعلاف والجفاف، فسعر طن التبن بلغ مليون ليرة (290 دولارًا)، وطن الشعير حوالي مليوني ليرة (550 دولارًا).
ولا يُعرف على وجه الدقة عدد الإبل في الوقت الحالي داخل محافظة الحسكة، وذلك بحسب عدة مربين تواصلت معهم عنب بلدي، إذ لم تجرِ أي عملية إحصائية رسمية في المنطقة منذ 2011، كما أن “الإدارة الذاتية” العاملة في المنطقة أجرت إحصاء لعدد الإبل، لكنها لم تنتهِ منه بعد.
وبحسب ما قاله مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة السورية، أسامة حمود، مطلع كانون الأول 2021، فإن أعداد الجمال بلغت حوالي 40 ألفًا في كامل سوريا، وهي أعداد غير مستقرة تعتمد على معدلات نمو القطيع.
وفي آب 2021، حذرت منظمات إغاثة دولية من أن ملايين الأشخاص في سوريا والعراق معرضون لخطر فقدان الوصول إلى الموارد المائية، وسط مخاوف من حدوث كارثة بسبب الجفاف، وسط ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات المياه بشكل قياسي، جراء قلة هطول الأمطار والجفاف.
وقدرت “الإدارة الذاتية”، في نيسان من العام نفسه، نسبة انخفاض نهر “الفرات” بأكثر من خمسة أمتار من منسوب النهر، وأكثر من أربعة أمتار في بحيرة “سد تشرين”، وفي بحيرة “سد الفرات” (الأسد) تزيد نسبة الانخفاض على ثلاثة أمتار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :