يعيش المرضى وعائلاتهم في مخيم “الركبان” في صراعٍ بين الغياب شبه الكامل للرعاية الطبية داخل المخيم، والمخاوف الأمنية من تلقي العلاج في مناطق سيطرة النظام.
طالب أهالي المخيم بإنقاذ رضيعة وإخراجها من المخيم، جرّاء حاجتها لعملية جراحية تفوق قدرة الرعاية الطبية داخل المخيم، وفق بيان نشرته صفحة “الركبان” عبر “فيس بوك” في 4 من آذار الحالي.
ورغم حاجة الرضيعة للعلاج بشكلٍ عاجل، لم تستطع عائلتها تأمين العلاج اللازم لها، حتى الآن، وسط الصمت الذي قوبلت به مطالباتهم.
“الركبان” بلا رعاية طبية
يعتبر مركز “الشام” النقطة الطبية الوحيدة في المخيم، وهو غير مؤهل لإجراء العمليات الجراحية أو التعامل مع الحالات الطبية الحرجة جرّاء نقص الكوادر الطبية وافتقاره لأبسط المعدات الطبية، وفق ما قاله أهالي المخيم الذين تحدّثت إليهم عنب بلدي.
وبحسب ما قالته مصادر مقربة من عائلة الرضيعة، تقتصر الخدمات المقدمة من قبل المركز للرضيعة على جهاز الأكسجين، إذ يستحيل إجراء العملية الجراحية مع غياب الأطباء المختصين والأدوات الطبية اللازمة، ما يشكل خطرًا على حياتها.
كما تُعقم الأدوات الجراحية داخل المركز بطرق بدائية قديمة بواسطة لهب النار، وهي طريقة لا تضمن سلامة المرضى.
بين الخوف والضرورة
رغم تخوّف سكان مخيم “الركبان” من إرسال مرضاهم لمناطق سيطرة النظام، جعلت ضرورة تلقي العلاج هذا الخيار الوحيد أمام الكثيرين منهم.
الناشط عمر الحمصي المقيم في المخيم، قال لعنب بلدي، إن هناك عشرات الحالات بالمخيم بحاجة مشافي ولكنها لم تغامر حتى الآن بالذهاب لمناطق سيطرة النظام، مؤكدًا أن النظام اعتقل العديد من الحالات التي قصدت مناطق سيطرته لتلقي العلاج.
وأضاف الحمصي، أن النظام كان يظهر اهتمامًا بخروج العائلات من المخيم لكنه بعد إفراغ المخيم همّشه بشكلٍ كامل ولم يعد يكترث حتى للحالات الصحية الطارئة، وفق تعبيره.
وتعيش عائلة الطفلة مخاوف مشابهة، إذ ذكرت مصادر مقربة من العائلة أن النظام “لا يؤتمن”، ومن الممكن أن تتعرض حياة الطفلة ومرافقيها لخطر في حال قرروا العودة إلى مناطق سيطرة النظام لعلاجها.
ويجري نقل المرضى من خلال اتفاق مع الهلال الأحمر السوري مقابل مبالغ مالية تتجاوز 1500 دولار أمريكي، ما يضع عقبة كبيرة إلى جانب الخوف في طريق علاج ابنتهم، وفق المصادر.
تسلم الحالات الطبية بالتنسيق بين النقطة الطبية داخل المخيم والهلال الأحمر السوري بمنطقة خارج المخيم إذ تسلم الحالات الحرجة لطاقم إسعاف الهلال لينقلها لمناطق سيطرة النظام، بحسب ناشطين مطّلعين في المخيم.
وقبل عام 2018، كان المخيم يضم حوالي 70 ألف نسمة، إلا أن أغلبية السكان خرجوا باتجاه مناطق النظام السوري ولم يبقَ فيه سوى 8000 نسمة، بحسب الناشطين.
وفي 2 من شباط الماضي، أنشأ “جيش مغاوير الثورة”، بإشراف من التحالف الدولي، نقطة طبية ليوم واحد في مخيم “الركبان”.
وقال أحمد الخضر، مدير المكتب الإعلامي لـ”مغاوير الثورة”، في حديث سابق لعنب بلدي، إن الفصيل يسعى دائمًا لتأمين حياة كريمة لسكان المخيم، مشيرًا إلى وجود دراسة لإنشاء نقطة طبية “دائمة” بالمخيم، بعد دراسات أُجريت للواقع الصحي والحالات المرضية فيه.
وأضاف مدير المكتب أن الفريق الطبي قدّم فحوصات شاملة للمرضى، إضافة إلى العلاج والأدوية، وبعض المساعدات العينية.
وكان الأردن أغلق في آذار 2020، النقطة الطبية الوحيدة التي كانت تقدم سابقًا الإسعافات الأولية وتستقبل حالات الولادة الحرجة، كما أغلق الحدود ضمن إجراءات الأردن للحد من انتشار فيروس “كورونا”.
وأُنشئ المخيم عام 2014، وينحدر معظم القاطنين فيه من أرياف الرقة ودير الزور وحمص وحماة، وتديره فصائل المعارضة المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تتخذ من منطقة التنف المحاذية كبرى قواعدها العسكرية في سوريا.
وسبق أن نفذ العشرات من أبناء المخيم وقفة احتجاجية مطالبين التحالف الدولي في قاعدة التنف القريبة من المخيم، بالوقوف على الاحتياجات الأساسية للسكان من الطبابة والتعليم.
شارك بإعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد