نساء إدلب يتحدثن في يومهنّ.. الإصرار رغم المأساة
إدلب – هاديا منصور
“يوم المرأة العالمي مجرد يوم عادي بالنسبة لي، ومناسبة لا تعني شيئًا، وخصوصًا ضمن حياتي البائسة التي أعيشها في مخيمات النزوح”.
هكذا تصف النازحة من مدينة معرة النعمان روان الصافي (35 عامًا)، والمقيمة في مخيمات تل الكرامة شمالي إدلب، يوم المرأة الذي يصادف اليوم، الثلاثاء 8 من آذار.
وقالت روان لعنب بلدي، إن ما تعرفه عن هذا اليوم، هو الاحتفال حول العالم بمنجزات المرأة على كافة الأصعدة، غير أن المرأة السورية من وجهة نظرها خلقت حياة من عدم، وحاولت ومازالت تحاول الصمود والتأقلم، وهو بحد ذاته إنجاز عظيم، وسط قلة الدعم والرعاية والتمكين والتوعية.
وفي يوم المرأة العالمي من كل عام، تسترجع المرأة السورية في إدلب وشمال غربي سوريا، سلسلة المعاناة التي عاشتها وما زالت تعيشها على مدى أحد عشر عامًا من الحرب، وما أفرزته من الظلم والقهر والإهمال، لكنها ما زالت تكافح على الرغم من كل الظروف الصعبة التي واجهتها ماضية.
تعمل روان ضمن خيمتها المتواضعة ببيع الألبسة المستعملة (البالة)، التي اتخذتها مهنة لها تعيلها وأسرتها المؤلفة من زوج مريض بالسكري وخمسة أبناء، في مواجهة ظروفها الصعبة وسط الفقر والغلاء وقلة الفرص.
وهي فخورة بعملها واعتمادها على نفسها، وإنجازها الذي بالرغم من بساطته مكنها من العيش الكريم، بعيداً عن العوز وطلب المساعدة من أحد، وفق ما قالته لعنب بلدي.
من جهتها تعتبر سهام حاج عمر (٢٥ عامًا)، أن يوم المرأة العالمي هو رمز لصمود النساء في العالم، والمرأة السورية ليست استثناء، خصوصًا بعد كل ما أظهرته من شجاعة وقوة على مدى عقد من الحرب المدمرة، التي أتت على البشر والحجر، ولم يسلم منها أحد، فهي تمتلك شجاعة على مواجهة الأوضاع الاقتصادية والأمنية، وحتى على كسر قيود العادات والتقاليد، التي لطالما كانت مراقبة لتحركاتها.
“في هذا اليوم تبرز عظمة النساء المؤثرات في العالم، الملهمات، الصابرات، وليس كالمرأة السورية من يمثل قصص نجاح وتحد وقدرة على التحمل”، حسب سهام.
تستذكر سهام ما مرت به في قريتها حاس، جنوبي إدلب، قبل نزوحها مع عائلتها إلى مخيمات قاح، حين تعرض منزلها لصواريخ الطائرات الحربية الروسية، ما أدى لتهدمه فوق رؤوس أسرتها، إذ خرجوا من تحت الأنقاض.
تقول لعنب بلدي، “نعم كتبت لنا النجاة من موت محقق، إصابتي في قدمي جراء هذا الحادث لم تمنعني من مواصلة حياتي، والعناية بأبنائي، وهو ما أعتبره بحد ذاته إنجازًا.
أما عن رولا السلوم الأربعينية، فهي ترى أن يوم المرأة العالمي لا يكفي أن يكون يومًا رمزيًا، وإنما يجب العمل من خلال هذا اليوم المميز على تحسين أوضاع النساء عبر العالم، خصوصًا المرأة السورية، التي ما زالت تقاسي النزوح والفقر والتشرد وانعدام الأمان والخصوصية والاستقرار، والأهم من ذلك كله، الأخذ بيدها لتتمكن من الوقوف على قدميها من جديد، والاعتماد على نفسها، وتحدي واقعها بخلق فرص عمل لها تساعدها على تجاوز ماتمر به من محن، على حد تعبيرها.
في حين تسترجع سهير العبدو (٣٨ عامًا) في هذا اليوم ذكرياتها المؤلمة في سجون النظام السوري، حيث قضت فيها سبعة أشهر كانت كفيلة بأن لا تمحى من ذاكرتها مدى الحياة، جراء ما لاقته من انتهاكات وتعذيب وإجرام في تلك السجون.
وتدعو في هذا اليوم، أن يعمل المجتمع الدولي على أخذ ملف المعتقلات السوريات ممن غيبتهن السجون حتى اللحظة بعين الاعتبار، والعمل على إنهاء معاناتهن “التي طالت في مسالخ الأسد البشرية، وإلّا لن يكون لهذا اليوم أي معنى، ما دامت النساء في سوريا يعانين الأمرين”، على حد قولها.
وما زالت تحلم النساء بإدلب في يوم المرأة العالمي بقادم أفضل ينهي ما يعانين من فقد وفقر وخوف، ويعزز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، ويعطي المرأة حقها في المساواة والتمكين في كافة مجالات الحياة.
وأشارت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في تقريرها السنوي لعام 2021 المعنون بـ”انهيار الدولة وتفتيت المجتمع” إلى تعرض المرأة في سوريا إلى أنماط متعددة من الانتهاكات الجسيمة التي استهدفتهن بشكل مباشر، وكن متأثرات على نحوٍ مضاعف من تداعيات الانتهاكات التي طالت المجتمع السوري ككل.
وأضاف التقرير، أن العنف ضد الإناث تصاعد بشكل متزايد ووصل في العديد من أنماطه، وخصوصًا القتل والتعذيب والإخفاء القسري والعنف الجنسي إلى حدود قياسية، ومعدلات هي الأسوأ في العالم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :