قال المدير العام لـ”الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، رافاييل ماريانو غروسي، إن التقارير التي تفيد بأن أكبر محطة للطاقة النووية في أوكرانيا وأوروبا تخضع لسيطرة القوات الروسية تشكل “مصدر قلق بالغ”.
وبحسب بيان صادر عن الوكالة، في 6 من آذار، نقل غروسي عن السلطات الأوكرانية أنه رغم استمرار الموظفين النظاميين في تشغيل محطة “زابوريجيا” للطاقة النووية، فإن أي إجراء لإدارة المحطة، بما في ذلك التدابير المتعلقة بالتشغيل التقني لوحدات المفاعلات الست، تتطلب موافقة مسبقة من القائد الروسي للقوات الروسية التي سيطرت على الموقع الأسبوع الماضي.
وأضاف أن هذا التطور يتعارض مع إحدى الركائز السبع للأمان والأمن النوويين التي كان قد حددها في اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2 من آذار.
وتنص الركيزة الثالثة على أنه “يجب أن يتمكن الموظفون القائمون على التشغيل من الوفاء بواجباتهم المتعلقة بالأمان والأمن، وأن يكون بوسعهم اتخاذ القرارات دون التعرض لضغوط لا لزوم لها”.
وأبلغت “الهيئة الرقابية النووية الأوكرانية”، “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” أنها تواجه مشاكل كبيرة في التواصل مع الموظفين العاملين في “زابوريجيا”، بسبب إغلاق القوات الروسية في الموقع بعض شبكات الهاتف المحمول وحجب الإنترنت، إذ من بعض الاتصالات عبر الهاتف المحمول ما زالت ممكنة، وإن كانت بجودة رديئة، ولكن يقال إن خطوط الهاتف الثابت، وكذلك رسائل البريد الإلكتروني والفاكس، لم تعد تعمل.
ولاحظت الوكالة أن هذا الوضع يتعارض مع ركيزة أخرى من ركائزها السبع التي لا غنى عنها للسلامة النووية، وهي الركيزة السابعة التي تنص على أنه “يجب أن تتوفر وسائل اتصال موثوقة مع الهيئة الرقابية وغيرها”، وفق ما نقله البيان.
وأعرب غروسي عن قلقه بشأن هذه التطورات التي أُبلغ بها بعد أيام قليلة فقط من تقديمه للعناصر السبعة الرئيسية للأمان والأمن النوويين إلى مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي “بدأ تقويض العديد منها بالفعل”، حسب قوله.
وتابع، “من أجل التمكن من تشغيل المحطة على نحو آمن ومأمون، يجب السماح للإدارة والموظفين بأداء واجباتهم الحيوية في ظروف مستقرة دون تدخل أو ضغط خارجي لا داعي له، وإن الوضع الآخذ في التدهور بشأن الاتصالات الحيوية بين الهيئة الرقابية ومحطة (زابوريجيا) للقوى النووية هو أيضًا مصدر قلق عميق، لا سيما أثناء نزاع مسلح يمكن أن يعرض المرافق النووية في البلد للخطر في أي وقت. والاتصالات الموثوقة بين الهيئة الرقابية والجهة المشغلة تشكل جزءًا حاسم الأهمية من الأمان والأمن النوويين بوجه عام”.
لا خوف مبدئيًا من مستويات الإشعاع
ذكر بيان “الوكالة الدولية” أنه على الرغم من مشاكل الاتصال كانت الهيئة الرقابية قادرة على تقديم معلومات محدثة حول الحالة التشغيلية لمحطة “زابوريجيا” للقوى النووية إلى “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، وتأكيد أن الإشعاعات بقيت عند مستوياتها الطبيعية.
وتتناوب فرق التشغيل في المحطة الآن على ثلاث نوبات، لكن الهيئة الرقابية أفادت أن توافر الغذاء وإمداداته محدود، مما يؤثر سلبًا على معنويات الموظفين.
التواصل مع “تشرنوبيل” على البريد الإلكتروني
ردًا على التقارير التي تفيد بأن الموظفين التقنيين والحراس في موقع حادث “تشرنوبيل” النووي لم يتمكنوا بعد من التناوب مع غيرهم منذ 23 من شباط الماضي، دعا غروسي القوات الروسية التي تسيطر على الموقع السماح فورًا للموظفين الموجودين في المحطة بالتناوب مع غيرهم حرصًا على الأمان والأمن.
وأبلغت “هيئة الرقابة الأوكرانية” الوكالة أن التواصل مع محطة “تشرنوبيل” يقتصر حاليًا على رسائل البريد الإلكتروني.
وفي تطور آخر مثير للقلق، قالت الهيئة إن جميع الاتصالات انقطعت مع الشركات والمؤسسات في مدينة ماريوبول الساحلية التي تستخدم مصادر مشعة من الفئة 1 إلى 3 ، ولا تتوفر معلومات عن حالة هذه المصادر، وحذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن مثل هذه المواد المشعة يمكن أن تسبب أضرارًا جسيمة للأشخاص إذا لم يتم تأمينها وإدارتها بشكل صحيح.
وأعلنت خدمة الطوارئ الحكومية الأوكرانية، في 4 من آذار، عن إخماد الحريق الذي اندلع في مبنى تدريب بالقرب من أكبر محطة للطاقة النووية في أوكرانيا خلال قتال بين القوات الروسية والأوكرانية.
وقالت وكالة تفتيش المواقع النووية الأوكرانية، إن القوات الروسية سيطرت على أراضي المنشأة الواقعة في جنوبي البلاد.
كما سيطرت القوات الروسية الأسبوع الماضي على محطة “تشرنوبل” المهجورة، وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية في ذلك الوقت، إن مثل هذه الكارثة يمكن أن “تحدث مرة أخرى في عام 2022” إذا استمرت الحرب.
وقبل الغزو الروسي، كانت المفاعلات الأوكرانية الـ15 تؤمّن نصف الطاقة الكهربائية في البلاد، ولا يزال مفاعل واحد فقط من المفاعلات الستة من محطة “زابوريجيا” يولّد الطاقة للشبكة، بحسب المتحدث باسم المحطة.
وعلى النقيض من الحرب التقليدية، تعد الحرب النووية صراعًا عسكريًا أو استراتيجية سياسية تُستخدم فيها الأسلحة النووية لإلحاق الضرر بالعدو.
والسلاح النووي ذو قوة خطيرة، من شأنه أن يغيّر كل الظروف المستقبلية لأي حرب تغييرًا تامًا، والتنافس في امتلاكه لا ينهي المخاوف من نشوب حرب كارثية تودي بحياة الملايين.
اقرأ أيضًا: كيف يشكّل “غزو أوكرانيا” خطرًا كارثيًا على المنشآت النووية؟