النار في كييف.. الحصاد في دمشق

  • 2022/03/06
  • 9:53 ص

الرئيسان الروسي فلادمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي (تعديل عنب بلدي)

زينب مصري | ديانا رحيمة | أمل رنتيسي | حسن إبراهيم

يؤثر “الغزو” الروسي لأوكرانيا الذي أعلنه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وأيّده رئيس النظام السوري، بشار الأسد، على الوضع في سوريا على عدة أصعدة سياسية واقتصادية وعسكرية.

وترتبط العديد من الملفات التي تُفتح في أوكرانيا بين الدول الكبرى والملف السوري تبعًا لارتباط علاقات هذه الدول ومصالحها التي تلعب دورًا أساسيًا في الساحة السورية، وهي أمريكا وروسيا وتركيا وإسرائيل.

كما يؤثر هذا الغزو على الوضع الاقتصادي في سوريا بسبب التداعيات الاقتصادية للحرب عالميًا وارتفاع التضخم وتكاليف الشحن، بالإضافة إلى الدعم الاقتصادي الذي تقدمه روسيا لحكومة النظام، والعقوبات الاقتصادية التي تواجهها من الدول الغربية وانعكاسها على سوريا، وكون أوكرانيا بلدًا مصدّرًا لمنتج استراتيجي، القمح.

تناقش عنب بلدي في هذا الملف مع خبراء سياسيين واقتصاديين تداعيات “الغزو” الروسي لأوكرانيا على سير العملية السياسية المتعلقة بالملف السوري، وعلى الوضع الاقتصادي في سوريا على اعتبار روسيا حليفًا أساسيًا للنظام، وطرفًا فاعلًا في القضية السورية.

“شعرة معاوية انقطعت”

انعكاسات سياسية في سوريا

قامت مقاربة المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، “خطوة بخطوة” التي طُرحت لإيجاد حل سياسي لسير العملية السياسية في سوريا على أساس توافق روسي- أمريكي.

وفي كانون الثاني 2022، قال بيدرسون في حديث لصحيفة “الشرق الأوسط”، إنه حصل على دعم من مجلس الأمن للتقدم في مقاربة “خطوة بخطوة” بين الأطراف المعنية، لتحديد خطوات تدريجية ومتبادلة وواقعية محددة بدقة، وقابلة للتحقق لتطبق بالتوازي بين الأطراف المعنية وصولًا إلى القرار الدولي “2254”.

ولكن التصعيد بين الدولتين العظميين الذي أعقب الغزو الروسي لأوكرانيا، لا يوحي باستمرار هذا التوافق على نحو جيد، حتى إن بيدرسون نفسه أعرب، في 23 من شباط الماضي، عن قلقه من أن يؤثر الصراع الروسي- الأوكراني سلبًا على حل الأزمة السورية.

وقال بيدرسون خلال لقائه مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، “بصفتي مبعوثًا خاصًا إلى سوريا، أشعر بالقلق من أن يكون لهذا الصراع حول أوكرانيا، تأثير سلبي على حل الصراع السوري، لكنني آمل ألا يحدث هذا”، بحسب وكالة “سبوتنيك” الروسية.

مدينة الباب في ريف حلب الشرقي – 25 كانون الأول 2021 (عنب بلدي / سراج محمد )

 

تصعيد لا تقارب

كان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قال في بيان بعد مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إنه ندد بـ”الهجوم غير المبرر للقوات العسكرية الروسية”، مؤكدًا أن الولايات المتحدة وحلفاءها وشركاءها سوف يردون بطريقة موحدة وحاسمة، و”سيحاسب العالم روسيا (…) المسؤولة عن الموت والدمار الذي سيحدثه هذا الهجوم”.

من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن موسكو ستقدم ردًا قويًا على العقوبات الأمريكية الجديدة على روسيا.

وجاء في بيان صادر عن الخارجية الروسية، أنه “يجب ألا تكون هناك شكوك من أنه سيكون هناك رد قوي على العقوبات، ليس بالضرورة مماثلًا، ولكنه سيكون محسوسًا بالنسبة للجانب الأمريكي”، بحسب ما نقلته وكالة “سبوتنيك”.

ويرى الباحث في الشأن الروسي الدكتور نصر اليوسف، أن التسوية السورية صارت أمرًا مؤجلًا حاليًا لـ”انقطاع شعرة معاوية” التي كانت تربط بين الروس والغرب الجمعي، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

وإذا كانت روسيا سابقًا أرادت أن تقدم تنازلات مقابل الحصول على أشياء أخرى في الملفات الخلافية، فالأمر صار مؤجلًا تمامًا، نظرًا إلى العداء الذي انفجر بين عشية وضحاها بين روسيا والغرب.

وبالتالي فإن الأزمة السورية ستطول، وانعكاسات الأزمة الأوكرانية سيئة جدًا على سوريا، بحسب الباحث.

وكثّفت روسيا من وجودها على الأرض السورية كمًا ونوعًا بجلبها للطائرات الاستراتيجية والطائرات القاذفة الحاملة للصواريخ، إلى جانب المناورات البحرية لفتح جبهة تشمل أوروبا والشرق الأوسط.

ويرى اليوسف أن روسيا لن تتخلى عن سوريا كلها لأنها عبارة عن نقطة انطلاق لها، إضافة إلى أنها صارت قاعدة روسية يمكن أن تُستخدم في مواجهة الغرب.

ومن ناحية أخرى، لن يضحي بوتين بالأسد الذي يستجيب مع أوامر بوتين مباشرة، و”ليس من المعقول أن يستبدله بوتين في هذه الفترة العصيبة الحساسة، وهو يعرف مدى إخلاصه وطاعته لروسيا”.

وبحسب اليوسف، دخلت “الأزمة السورية” في نفق إن لم يكن مظلمًا فعلى الأقل ليس فيه ما يبشر.

أوراق لا تريد تركيا أن تخسرها

اتخذت تركيا، صاحبة التأثير والتي تقف على طرف نقيض من روسيا في سوريا، دور الوسيط قبل بدء “الغزو” الروسي، وأبدت تعاطفها مع أوكرانيا، مع المحافظة على علاقاتها الدبلوماسية مع روسيا.

وفي 22 من شباط الماضي، أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لنظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، موقف تركيا الرافض للاعتراف بكل من دونيتسك ولوغانسك، بحسب بيان لـ”الرئاسة التركية”.

ولفت أردوغان إلى أن تركيا أعلنت عن موقفها من خلال بيان وزارة خارجيتها، مؤكدًا أن اعتراف بوتين بالجمهوريتين المزعومتين “غير مقبول”.

من جهته، أعرب بوتين عن “خيبة أمله” من رد أمريكا وحلف شمال الأطلسي، خلال مكالمة هاتفية أجراها مع أردوغان.

وفي أعقاب الهجمات الروسية على أوكرانيا، طلب السفير الأوكراني في أنقرة، فاسيل بودنار، من تركيا إغلاق مضايقها البحرية أمام السفن الروسية لمصلحة أوكرانيا.

وبعد إنكار تركي حكومي لتأكيد قرار إغلاق المضايق أمام الروس أو نفيه، أعلنت تركيا، في 28 من شباط الماضي، أن أنها أخطرت جميع الدول بعدم إرسال سفنها الحربية عبر المضايق التركية.

وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قال في وقت سابق، إن روسيا ستظل قادرة على إرسال سفنها (إلى قواعدها في البحر الأسود) عبر المضايق حتى لو قامت تركيا بإغلاقها.

الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان (رويترز)

ما الذي تملكه روسيا

تعتمد تركيا في استيرادها للغاز على روسيا بشكل كبير، واستوردت ما يقارب 33.6 مليار متر مكعب لعام 2020 فقط.

وأدى توقف تدفق الغاز من إيران إلى تعطل بالقطاع الصناعي في تركيا، وشلل الصناعة التركية لعدة أيام.

المدير التنفيذي لشركة الغاز التركية “غاز داي”، محمد دوغان، قال، “إذا نظرنا إلى أسوأ الاحتمالات، وتصاعد الصراع الروسي- الأوكراني خلال الصيف، وقامت روسيا بوقف تصدير الغاز لنا، فإن أسعار الغاز ستقفز بشكل كبير، ولكن إذا وقع ذلك خلال الشتاء، فإنه لن تكون أمام تركيا أي فرصة. سنكون قد انتهينا”.

رأت تركيا منذ اللحظة الأولى في الأزمة أضرارًا بالغة عليها، وعليه سعت منذ البداية لمحاولة تجنب تفاقم الوضع، بما في ذلك عرضها الوساطة بين موسكو وكييف، بحسب ما قاله الباحث والمختص بالشأن التركي الدكتور سعيد الحاج، في حديث إلى عنب بلدي.

وتوجد انعكاسات متوقعة لأي تصعيد عسكري على الاقتصاد العالمي وخصوصًا على الاقتصادات النامية، ظهر بعضها في عمل البورصات وأسعار الصرف وغيرها من المؤشرات منذ بدء الغزو، وهي انعكاسات مقلقة لتركيا في ظل ظروف الاقتصاد التركي حاليًا ومحاولات الحكومة الخروج منها.

كما أن الارتدادات على موسم السياحة مع بداية الصيف ستكون كبيرة، فهو موسم تعوّل عليه تركيا كثيرًا في تشغيل اليد العاملة والحصول على عملة صعبة وتنشيط الاقتصاد، خصوصًا أن روسيا تحتل عادة المرتبة الأولى أو الثانية من حيث عدد السياح القادمين إلى تركيا.

ترغب تركيا في تجنب الاضطرار لاتخاذ مواقف حادة ومنحازة في أزمة كهذه قد تكون لها تبعات، وتخشى أنقرة من ارتدادات أي موقف لها على صعيد العلاقة مع موسكو أو في ملفات إقليمية مثل سوريا وليبيا وجنوب القوقاز كخطوات روسية “انتقامية”.

وحاولت قدر الإمكان تجنب تحول الأزمة الأوكرانية إلى صراع عسكري، وحين وقع الأخير فقد رفضته ونددت به، لكن دون أن تستعدي روسيا أو تقف في مواجهتها، لإدراكها أن أمريكا (والغرب عمومًا) ستعود غالبًا للجلوس مع بوتين للتفاوض في وقت لاحق بعد هدوء الأزمة.

ولا يرى الحاج أن تركيا رفضت بشكل أساسي الحرب الروسية ضد أوكرانيا، واعتبر إدانتها لاعتراف روسيا باستقلال الجمهوريتين في إقليم دونباس في شرق أوكرانيا قريبة جدًا من موقف “الناتو” وموقف معظم دول العالم.

وبالتالي هي ليست على الحياد تمامًا، ولكنها تحاول قدر الإمكان تجنب الانخراط المباشر في هذه الأزمة، كما حاولت تركيا عدم الصدام مع روسيا، مثل الامتناع عن التصويت في مجلس أوروبا لتجميد عضوية روسيا.

ويرى الحاج أن روسيا في ظل هذه اللحظة ستسعى إلى تجنيب سوريا أي تداعيات لهذه الأزمة، لكن إذا ذهبت أزمة أوكرانيا أو الحرب إلى محتوى ومرحلة استنزاف روسيا على المدى البعيد، فإن كلًا من الغرب من جهة وروسيا من جهة أخرى، سيعملان على التصعيد في سوريا، كمحاولة لتضييق الخناق على بعضهما فيها، وفتح جبهة في سوريا.

وعليه لا يعتقد الحاج أن تركيا ستقدم شيئًا لروسيا في سوريا، وإنما هي متخوفة من تحركات معيّنة ربما في الملف السوري، وتريد أن يبقى الوضع القائم على أقل تقدير على حاله في هذه اللحظة.

توتر روسي- إسرائيلي

تربط كلًّا من إسرائيل وموسكو علاقة ودية متبادلة في الفترة التي سبقت “الغزو” الروسي لأوكرانيا، لوجود مصالح للطرفين في سوريا.

ويتخوّف مسؤولون إسرائيليون من أن تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا قد تعطل جهود إسرائيل لدرء النفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة.

وتحاول إسرائيل تجنب أي تصريحات أو أفعال قد تزعج روسيا، لدرجة أنه طُلب من كبار مسؤولي الدفاع عدم التعليق علنًا على الوضع في أوكرانيا، خوفًا من أن تكون لذلك تداعيات خطيرة على جهود إسرائيل لإبقاء إيران ووكلائها الإقليميين تحت السيطرة، بحسب ما قاله مسؤولون إسرائيليون لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية.

كما عبر مسؤولون إسرائيليون عن قلقهم من أن فرض عقوبات أمريكية على روسيا ردًا على غزو محتمل لأوكرانيا، يمكن أن يضر بالمصالح الأمنية لإسرائيل في سوريا.

وفي سياق منفصل، دانت إسرائيل “الغزو” الروسي لأوكرانيا، في 24 من شباط الماضي، ووصفته بأنه “انتهاك خطير للنظام الدولي”.

وأفادت صحيفة “Times Of Israel” أن روسيا استدعت السفير الإسرائيلي لدى موسكو، ألكسندر بن تسفي، لتوضيح موقف إسرائيل بشأن “غزو” أوكرانيا.

وبحسب ما نشرته الصحيفة، في 25 من شباط الماضي، عن تقارير عبرية، سأل نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، السفير الإسرائيلي: “لماذا تدعم إسرائيل النازيين في أوكرانيا؟”.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في “المركز الدولي للجيوبوليتيك” في باريس خطار أبو دياب، أنه ليس هنالك أدلة بشأن وجود توتر إسرائيلي- روسي، حول قضية أوكرانيا، لأن إسرائيل لا يمكن أن تقف أمام أمريكا، ولكنها تبدو في موقف أقرب إلى الحياد، والأقرب حتى إلى روسيا في الموضوع الأوكراني.

ويعتقد أبو دياب أنه بالنسبة لسوريا فإن الاتفاقيات الحاصلة تُحترم بين الطرفين حتى اللحظة، ولا تدل على إمكانية حصول أي صدام بينهما.

وعلى العكس من ذلك، فإذا تم الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، سيحدث تقارب إيراني- أمريكي، وسينعكس ليصبح تقاربًا إسرائيليًا- روسيًا.

واعتبر أبو دياب أن إسرائيل تأكل كل ما هو في الصحن، أي أن لديها استراتيجيتها مع واشنطن، ولكنها أنشات صلة استراتيجية مع بوتين أيضًا، ولذا فهي غير محرجة، بل استفادت من الحرب الأوكرانية في استقبال الآلاف من اليهود الذين فروا من أوكرانيا.

كما أن إسرائيل أنشأت علاقة استراتيجية وتكنولوجية عظيمة مع الصين، ومن ثم مع بوتين، وهذا كله نراه في كثير من المحافل على الأرض.

أين تقف إيران من المعادلة؟

يرى أستاذ العلوم السياسية خطار أبو دياب أن الروس منزعجون من عدم وفاء إيران بتعهدات كانت قطعتها بعدم الاقتراب من الجنوب السوري.

وعندما تقوم إسرائيل بغارة معيّنة، فإن روسيا تعهدت بحماية النظام، فكل ما يهم الروس ألا تقترب إسرائيل من النظام ورأسه.

ولا يعتقد أبو دياب أن هناك خروجًا عن الاتفاق الروسي التكتيكي بين هذه الأطراف.

وإن ما يظهر من دعم إيران لروسيا في قضية “غزو” أوكرانيا، هو موقف الإعلام فقط، ولكن في حقيقية الأمر فإن بلدًا مثل باكستان هو من وقف إلى جانب روسيا.

وإذا بدأ الاتفاق النووي مع أمريكا، فستكون إيران أقرب عمليًا لأمريكا منها إلى روسيا.

وكانت إيران هي القوة البرية لسلاح الجو الروسي في سوريا، ولكن منذ فترة بدأ التباعد في المصالح يظهر على العلن، لأن كل طرف يعمل على تعزيز مواقعه على حساب الطرف الآخر داخل سوريا، وكأنها جزء من أمنه الاستراتيجي وتتمة لنفوذه.

بائع خضرة جالس على عربته في سوق مدينة إدلب- 7 من نيسان (عنب بلدي)

معركة بطون خاوية يخوضها السوريون

من الأوضاع الاقتصادية المتردية مسبقًا والغلاء وانخفاض القدرة الشرائية، إلى سياسة رفع الدعم واقتراب شهر رمضان، ثم الأزمة الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية عالميًا والمتوقع امتدادها إلى الشرق الأوسط، تتوالى الأزمات الاقتصادية على السوريين في مختلف الجغرافيا السورية على اختلاف الجهة التي تسيطر عليها.

وتدور معظم التوقعات حول ارتفاع معظم أسعار السلع والواردات من القمح وارتفاع تكاليف الاستيراد، خاصة المشتقات النفطية التي يواجه السوريون صعوبات في شرائها، بينما يتجهون إلى طرق “سلبية” للتكيف مع تدهور الوضع المعيشي في البلاد، من خلال عمالة الأطفال وزواجهم وبيع الأصول الإنتاجية، وفق تقارير الأمم المتحدة.

النظام يستبق التداعيات:

تدهور الاقتصاد السوري مرتبط بالتدهور العالمي

ما إن أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بدء ما وصفها بـ”عملية عسكرية خاصة” في إقليم دونباس، في 24 من شباط الماضي، حتى ربط مسؤولو النظام السوري تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا بتبعات الأزمة.

سارعت حكومة النظام إلى عقد اجتماع قالت إنه استجابة للتطورات في أوكرانيا، وأعلنت عقبه قرارات “تقشفية” لإدارة المخزونات المتوفرة من المواد الأساسية خلال الشهرين المقبلين.

خرج بعده وزير الاقتصاد، محمد سامر الخليل، وأعلن أن اقتصاد سوريا ليس بمنأى عن تأثير الأزمات العالمية، وأكد أن حكومة النظام تستورد من القمح شهريًا بالعملة الصعبة أكثر من 180 ألف طن، بينما يكلف استيراد النفط سنويًا أكثر من مليارين ونصف المليار يورو.

ومع فرض الدول الغربية عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب عمليتها العسكرية في أوكرانيا، تعهدت مستشارة رئيس النظام السوري، لونا الشبل، بدعم روسيا في وجه هذه العقوبات كما فعلت موسكو مع دمشق، بينما تطبق حكومتها سياسة رفع الدعم عن المواطنين في مناطق سيطرتها بذريعة عدم القدرة على الاستمرار فيه.

وبدأ السوريون يرون انعكاسات “الغزو” الروسي لأوكرانيا، من خلال القرارات التي اتخذتها حكومة النظام السوري مع بداية الحرب، بشد الحزام وسياسة التقشف وتخفيض النفقات لمواجهة أيام مقبلة، بحسب ما قاله الدكتور في العلوم المالية والمصرفية والباحث في الاقتصاد فراس شعبو، في حديث إلى عنب بلدي.

وأضاف شعبو أن حكومة النظام منعت تصدير العديد من المواد الغذائية في الفترة المقبلة، كما أوعزت للوزارات في ضبط النفقات بشكل كبير، وهذا مؤشر على أن الأيام المقبلة ستكون صعبة اقتصاديًا على النظام وعلى المواطنين الذين يعانون بشكل مسبق من ارتفاع الأسعار.

ارتفاع الطاقة وانخفاض الدعم الذي يحصل عليه النظام من روسيا بشكل مباشر أوغير مباشر سيلقي بظلاله على تكاليف المعيشة، وسيفاقم المشكلات الاقتصادية، بحسب شعبو، إذ كانت روسيا تسهم بإمداد النظام ببعض القمح والطاقة والتجهيزات.

وكان السفير الروسي لدى سوريا، ألكسندر يفيموف، أعلن، في 9 من شباط الماضي، خلال مقابلة مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، ازدياد حجم التبادل التجاري بين روسيا وحكومة النظام ثلاثة أضعاف في عام 2021، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020.

وأوضح شعبو أن ارتفاع الأسعار عالميًا نتيجة الحرب سيلقي بظلاله على الواقع الاقتصادي السوري، لأن حكومة النظام اعتبرت نفسها طرفًا في هذه الحرب.

صرح رئيس النظام، بشار الأسد، أن سوريا وروسيا يقاتلان العالم و”الحرب كونية”، ووضع نفسه في خندق روسيا، وبالتالي العقوبات التي ستُفرض على روسيا ستفرض أيضًا على النظام السوري، وفقًا للباحث.

وقال شعبو، إن روسيا اليوم تعاني من مشكلات اقتصادية جمّة، ونظام الأسد لم يكن ذا أولوية لها على قدر الأولوية الممنوحة للوضع الداخلي في روسيا، ولذلك سيعاني النظام وهو مدرك لذلك، ويحاول إبقاء الاتصال المباشر مع الإيرانيين خشية التغيير الجذري في المنظومة وتوقف الحرب ورضوخ روسيا للشروط الأوروبية.

وبناء على ذلك، توقع الباحث أن تصل الليرة السورية إلى مستويات قياسية مجددًا، إذ انخفضت هذه الفترة إلى 3900 ليرة للدولار الواحد في السوق السوداء، ومرشحة بقوة لأن تصل في الأيام المقبلة إلى 4000 و5000 ليرة للدولار، لأن النظام بالأساس ليست لديه القدرة على ضبطها بالموارد، ولكن يضبطها بالأساليب الأمنية.

وأشار شعبو إلى أن الحالة الاقتصادية العامة وتدهور قيمة الليرة السورية وارتفاع الأسعار عالميًا، بالإضافة إلى التضخم الحاصل وسوء الخدمات المقدمة بالداخل السوري وتخفيض الدعم عن جزء كبير من الشعب، وكذلك العقوبات الاقتصادية وتشديد النظام سياسة الإنفاق، ستنعكس بشكل مباشر على حياة المواطن السوري ولن تكون لديه القدرة على التكيف السلبي، مؤكدًا التقارير الأممية التي تحدثت عن ذلك.

وبيّن أن المشكلات الاقتصادية التي سيواجهها السوريون من الممكن أن تتحول إلى مشكلة اجتماعية ومشكلة أخلاقية، مشيرًا إلى أن كثيرًا من التقاريرالاقتصادية قالت إن سوريا متجهة لمجاعة والواقع يوحي بذلك، مع غياب التدخل الحكومي.

بسطات الخضار في أحد أسواق إدلب – 13 كانون الثاني 2018 (عنب بلدي)

شمال شرق.. حرب ترسخ الأزمة الاقتصادية

لا تكاد تبدأ أي أزمة حتى تظهر بوادرها بوضوح في أسواق شمال شرقي سوريا، إذ تتوفر معظم البضائع في المنطقة في الأوقات العادية، لكن هذه الحال تختلف عند إغلاق أي معبر أو أزمة سياسية أو عسكرية، لتختفي تلك البضائع أو ترتفع أسعارها بشكل مفاجئ.

وانعكست تداعيات الأزمة الأوكرانية بعد “الغزو” الروسي على أسعار المحروقات عالميًا بشكل واضح، بسبب فرض عقوبات أمريكية وأوروبية على روسيا، بينما يتخوّف الأهالي من انخفاض قيمة العملات المتداولة وانقطاع المواد الغذائية الأساسية، منها القمح والشعير، بحسب ما رصدته عنب بلدي من تجار عاملين في المنطقة.

ارتفاع في الأسعار

شهدت أسواق شمال شرقي سوريا أزمات متلاحقة خلال الأعوام الماضية لتأمين الاحتياجات الأساسية، كان أشدها أزمات السكر والخبز وتأمين المحروقات للسكان في المناطق التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية”.

ومنذ بدء الأزمة الأوكرانية والحديث عن أثرها الاقتصادي المحتمل على سوريا، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في المنطقة، رغم أن مصدر معظم المواد الموجودة في مناطق سيطرة “الإدارة” العراق أو تركيا أو إيران.

ومن هذه المواد المستوردة، الزيوت النباتية والسمن النباتي وبعض أنواع المعلبات من مصدر أجنبي بنسب تتراوح بين 20 و25% من السعر الأصلي للمادة قبل بدء الحرب في أوكرانيا.

بينما أقر مسؤول في “الإدارة الذاتية” (طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخوّل بالحديث إلى الإعلام)، بأن السياسة المالية لـ”الإدارة” وغياب دور فعّال للمؤسسات التابعة لها بالتدخل المباشر في الأسواق، يترك تلك الأسواق عرضة لتصرفات التجار الذين يستغلون الأزمات ويحتكرون المواد ويرفعون أسعارها.

وذكر المسؤول أن “الإدارة” لا تملك أي مخزونات استراتيجية كبيرة للمواد المهمة، ومعظم المواد التي يتم استيرادها هي للاحتياجات اليومية، ولا تكفي لسد أي احتياج مفاجئ في غير الأوقات العادية.

واعتبر أن غياب دور البنوك وعدم وجود مؤسسة نقدية لدى “الإدارة” هو السبب الرئيس للأزمات الاقتصادية، إلى جانب حجم الفساد والبيروقراطية الكبير المتفشي في مؤسسات “الإدارة”، وأن أي أزمة قد تحدث تحتاج إلى كثير من التخطيط والاجتماعات لتتفاقم الأزمة قبل أن تتمكّن “الإدارة” من التدخل أو الحد منها.

مدنيون ينتظرون دورهم للحصول على مادة السكر في منطقة الشدادي بريف الحسكة (نورث برس)

“الإدارة الذاتية” تتجه إلى الاكتفاء الذاتي

الرئيس المشترك لهيئة الاقتصاد في “الإدارة الذاتية”، سليمان بارودو، قال في مراسلة إلكترونية مع عنب بلدي، إن المنطقة بشكل عام تتجه نحو أزمة حقيقية، وذلك بسبب أن معظم الدول والحكومات العربية، وليس مناطق شمال شرقي سوريا فقط، تستورد بعض المواد الضرورية من روسيا أو أوكرانيا أو من الاثنتين معًا، خاصة مواد مثل القمح والزيوت النباتية والمعدنية والطحين وغيرها.

وأضاف أنه بعد وقوع الحرب بين الطرفين قفزت أسعار كثير من المواد، وخاصة المحاصيل الزراعية التي شهدت ارتفاعا ملحوظًا، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي وحتى الاستقرار السياسي في المنطقة.

وحول سؤاله عن الخطة التي ستعمل بها “الإدارة الذاتية” للتقليل من التداعيات الاقتصادية وارتفاع المواد، أجاب بارودو أن الخطة هي الاعتماد على الاكتفاء الذاتي.

وقال بارودو، “من خلال خططنا التي سنعتمدها في المستقبل القريب، كدعمنا لإنشاء المعامل والمصانع من خلال الموارد الأولية المتوفرة لدينا، وخاصة ربط مخرجات العملية الزراعية بمدخلات العملية الصناعية، ودعم المشاريع الزراعية للوصول إلى الاكتفاء الذاتي”.

بدوره، يرى الباحث في الشؤون الكردية والمقيم في القامشلي شفان إبراهيم، أنه وفقًا لتكلفة الحرب والتضخم في أسعار النفط العالمي وتأثيره على أسعار الشحن، فإن استيراد القمح على سبيل المثال من روسيا أو أوكرانيا إلى مناطق “الإدارة” سيعني المزيد من الأعباء في هذه المنطقة بسبب ارتفاع تكلفته.

وأشار إبراهيم إلى وجود أراضٍ زراعية كثيرة ومساحات شاسعة في مناطق شمال شرقي سوريا، إلا أنه لا يوجد اهتمام بهذه الزراعة، وليس هناك خطط تكفل تطوير الزراعة بما يتناسب مع الاحتياج الشعبي.

فبالدرجة الأولى سيكون هناك تأثير بأسعار الشحن وأسعار السلع الواردة، إضافة إلى قلة القمح الموجود نتيجة الجفاف في العام الحالي وفي السنوات السابقة، وفق إبراهيم.

لا تخطيط استراتيجيًا

عزا إبراهيم أسباب التأثر السريع في الأزمات بمناطق “الإدارة” إلى غياب التخطيط الاستراتيجي الذي دفع بالمنطقة إلى استيراد المواد التي يمكن أن تحقق اكتفاء ذاتيًا.

ولمؤسسة التخطيط الاستراتيجي أهمية كبيرة، حسب إبراهيم، إذ سيكون من شأنها وضع الخطط الكفيلة بالتنمية والزراعة والتجارة والصناعة، وهذا التخطيط سيلزم “الإدارة” بفتح علاقات سياسية مع جوار كل من يمكن له أن يشكّل ضاغطًا أو مانعًا لإمكانية التطوير الاقتصادي في المنطقة.

وطالب الباحث “الإدارة الذاتية” بدعم القطاع الزراعي فورًا عبر إعطاء قروض مالية وتوفير الكهرباء والمازوت، فاستمرار الوضع الدولي بضعة أسابيع أخرى على هذا المنوال سيهدد محصول القمح، وحتى استيراد القمح بكميات يعني ارتفاع سعر ربطة الخبز.

ولم تنتبه “الإدارة” إلى هذه المواضيع منذ البداية، ولم تولِها أي اهتمام، فأسعار البذار والمواد الداخلة إلى “الإدارة” هي بالدولار وبأسعار عالية جدًا.

وأضاف إلى ذلك غياب التيار الكهربائي الذي تسبب بعدم تمكّن المزارعين من زراعة القطن، وهو مورد اقتصادي مهم ويسهم في التصدير والصناعة وتشغيل محلج ومعمل الغزل والنسيج الموجود في الحسكة وتوفير فرص عمل كثيرة وموارد اقتصادية محلية جيدة.

انعكاس سياسي على المنطقة

ولفت الباحث شفان إبراهيم إلى عدم إمكانية الحديث عن أثر اقتصادي دون الحديث عن أثر سياسي، وبالتأكيد فإن تأثير الحرب الروسية ضد أوكرانيا سينعكس على المنطقة ليس اقتصاديًا فحسب، بل حتى سياسيًا اليوم مع ازدياد وتيرة التهديدات والعقوبات الأوروبية والأمريكية على روسيا.

وتنتشر قواعد أمريكية في شمال شرقي سوريا، والتي تدعم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مع وجود قواعد روسية، واشتداد سعير الحرب في أوكرانيا سيعني اعتماد الروس على تلك الحرب في أكثر من منطقة، ومنها سوريا، حسب الباحث، الذي يرى إمكانية أن تلجأ روسيا إلى ابتزاز هياكل الحكم المحلية أو السلطة في شمال شرقي سوريا بعدم انجرارها إلى أي موقف سياسي أو سيتم التلويح بعصا المناطق التي تحميها روسيا بالشراكة مع “الإدارة الذاتية”، وهي مناطق تحت التهديد التركي بطبيعة الحال.

صهريج نفط يدخل مدينة القامشلي (اقتصاد مال وأعمال السوريين)

شمال غرب.. ليس بمنأى عن آثار الغزو

تعتمد مناطق شمال غربي سوريا، التي تسيطر عليها حكومتا أمر واقع هما “الإنقاذ” و”السورية المؤقتة”، في أغلبية اقتصادها على بعض الموارد والمنتجات والبضائع المحلية من المزروعات والمصنوعات المحلية.

وتستورد السلع والبضائع من تركيا عبر المعابر الرسمية، وتتضمن بشكل رئيس مواد غذائية ومواد بناء، ومحروقات وغيرها، كما تمر السلع المستوردة من دول أخرى إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة عبر المعابر مع تركيا.

“الغزو” الروسي لأوكرانيا أثّر على اقتصاد العديد من الدول وعلى الاقتصاد العالمي بشكل عام، وأثّر بشكل مباشر وغير مباشر على هذه المناطق حاليًا وعلى المدى البعيد، خاصة أن السكان في مناطق الشمال السوري يعانون من سوء وتردي الأحوال المعيشية، ومن الفقر وعدم قدرة العائلات على تأمين قوت يومها ومستلزماتها.

تأثير غير مباشر

الباحث في الاقتصاد السياسي الدكتور يحيى السيد عمر، أوضح لعنب بلدي أن “الغزو” الروسي لأوكرانيا أثّر على الاقتصاد العالمي برمته، ولا توجد دولة بمنأى عن هذا التأثير، وفيما يتعلق بمناطق شمال غربي سوريا، فهي ستتأثر بشكل غير مباشر.

ومن هذه التأثيرات، بحسب السيد عمر، ارتفاع نسبة التضخم، إضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة كالغاز المنزلي والمحروقات، خاصة أن أغلبيتها مستوردة من الخارج، إضافة إلى احتمال وجود صعوبة في التوريدات في ظل ارتفاع الأسعار.

وعلى المدى البعيد، من المتوقع أن تتأثر المنطقة سلبًا من خلال ارتفاع نسبة الفقر كنتيجة مباشرة لارتفاع معدل التضخم، إضافة إلى تراجع بعض المؤشرات الاقتصادية وتراجع مؤشرات التعافي الاقتصادي المبكر في المنطقة، بحسب الباحث.

بائع خضرة وفواكه في سوق مدينة إدلب- 7 من نيسان (عنب بلدي)

“المؤقتة” ستتأثر على المدى الطويل

وزير الاقتصاد في “الحكومة المؤقتة”، التي تسيطر على ريف حلب إلى جانب مدينتي رأس العين شمال غربي الحسكة وتل أبيض شمالي الرقة، عبد الحكيم المصري، قال لعنب بلدي، إن وجود حرب أو نزاع بين دولتين تنتجان مواد مهمة ورئيسة كالقمح والغاز سيؤثر على الجميع، وستتأثر أغلب القطاعات بشكل عام لكن بالأخص قطاعات النفط والمحروقات بالإضافة إلى القمح.

ورجح المصري ارتفاع أسعار هذه المواد لارتفاعها في كل مناطق العالم، نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز، وارتفاع أسعار النقل البحري، وبيّن أن هذه المواد ستتوفر ولن تؤثر على مناطق نفوذ “الحكومة المؤقتة”، لكن سيطرأ ارتفاع على أسعارها.

وتأثير “الغزو” لن يكون كبيرًا على مناطق نفوذ “الحكومة المؤقتة”، لوجود مخزون من هذه المواد، لكن في حال استمر “الغزو” سيظهر التأثير، بحسب الوزير المصري.

تأثير مباشر في مناطق “الإنقاذ”

مدير العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد والموارد بحكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، حمدو الجاسم، قال لعنب بلدي، إن “الغزو” الروسي لأوكرانيا له تأثير كبير وانعكاسات “خطيرة” على الاقتصاد العالمي، الذي لا يزال يعاني من تبعات فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وله أثر على مناطق شمال غربي سوريا، التي تعتمد على الاستيراد إذ تقدر نسبة الاستيراد 80%.

الجاسم أوضح أن أي ارتفاع عالمي بأسعار السلع يؤدي إلى ارتفاعها في المناطق الأخرى بشكل مباشر، وخصوصًا الطاقة، إذ تعد روسيا وأوكرانيا من أكبر مصدّري الغاز والنفط حول العالم، ونتيجة “الغزو” والعقوبات الاقتصادية، ترتفع أسعار الطاقة بشكل كبير، إذ تجاوزت أسعار “خام برنت” (وهو التصنيف التجاري الرئيس للنفط الخام الخفيف الحلو الذي يُستخدم كمعيار رئيس لأسعار شراء النفط عالميًا) 110 دولارات للبرميل.

وبعد الغزو الروسي واصلت أسعار النفط صعودها، واتجه “خام برنت” نحو تسجيل 120 دولارًا للبرميل، وهو أعلى مستوى له منذ نحو عشرة أعوام، نتيجة عقوبات أمريكية على شركات تكرير روسية، واضطراب الشحن وانخفاض مخزونات الخام الأمريكية إلى أقل مستوى في أعوام.

طحين “الإنقاذ” أوكراني

بالنسبة لمناطق نفوذ “الإنقاذ”، فهي بحسب الجاسم تستورد الطحين من تركيا، التي بدورها تستورده من أوكرانيا، و90% من القمح أو الطحين الذي يدخل مناطق نفوذ “الإنقاذ” هو أوكراني.

الجاسم بيّن أن سعر القمح في مناطق سيطرة “الإنقاذ” ارتفع من 370 دولارًا للطن الواحد إلى 400 دولار، خلال الأيام الأولى من “الغزو”، ومن المتوقع أن يصل إلى مستويات 460 دولارًا للطن.

ويعاني سكان شمال غربي سوريا من ارتفاع أسعار السلع والمواد الذي شهدته الأسواق في المنطقة بشكل غير مسبوق، الأمر الذي يحول دون تأمينهم حاجاتهم من المواد الرئيسة والثانوية.

ولا يقتصر الأمر على السلع والمواد الغذائية، إذ وصل الغلاء إلى مادة الخبز الأساسية، التي رصدت عنب بلدي صعوبة تأمين الناس حاجتهم منها، إذ لجأ الناس إلى خبز التنور الأقل ثمنًا من خبز الأفران.

جهود حسب الإمكانيات

الجاسم توقّع أن يصل الإنتاج المحلي للقمح إلى حوالي 80 ألف طن للعام الحالي، وتحقيق أكثر من 60% من الأمن الغذائي لتخفيف المعاناة عن الأهالي في مناطق نفوذ “الإنقاذ”.

وفيما يتعلق بالمشتقات النفطية، فإن حكومة “الإنقاذ” ستضخ من مخزونها الاستراتيجي، بحسب الجاسم، لتغطية الفعاليات في مناطق سيطرتها من أفران ومحطات مياه ومستشفيات ومشاريع اقتصادية إنتاجية.

ويعاني الشمال السوري من سوء وتردي الأحوال المعيشية، ومن الفقر وعدم قدرة العائلات على تأمين قوت يومها ومستلزماتها، وأظهر استبيان أجراه “برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية” (HNAP)، بالاشتراك مع “الأمم المتحدة للتنمية”، ومجموعة التعافي المبكر وسبل العيش في شمال غربي سوريا، “الحرمان الاقتصادي” الذي يعيشه الناس في سوريا، بحسب تقرير صدر في 14 من أيلول 2021.

مقالات متعلقة

تحقيقات

المزيد من تحقيقات