تكريمات “تحرير الشام” تلفت الأنظار.. رفع معنويات أم كسب ولاء

  • 2022/03/06
  • 10:12 ص

قيادات في "هيئة تحرير الشام" أثناء تكريم الأوائل في دورة "قادة الكتائب" _2 شباط 2022 (أمجاد)

عنب بلدي – حسن إبراهيم

أجرت “هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في محافظة إدلب وجزء من ريف حلب الغربي وريف اللاذقية وسهل الغاب، شمال غربي حماة، عمليات تكريم لمقاتليها في مختلف الأقسام والمسميات.

وتكررت عمليات التكريم، حتى رأى البعض أنها صارت سلوكًا لـ”الهيئة”، وطالتها انتقادات بكسب رضا الحاضنة والعناصر، ما طرح تساؤلات عن الأسباب والآثار الناتجة.

تكريم بوتيرة مرتفعة

في 5 من شباط الماضي، كرّمت “تحرير الشام” مقاتليها الأوائل في أثناء تخريج دورة “قادة الكتائب” العسكرية، ونشرت مؤسسة “أمجاد” الإعلامية التابعة لـ”الهيئة” تسجيلًا مصوّرًا لحفل التكريم، الذي شهد حضور القائد العام لـ”تحرير الشام”، “أبو محمد الجولاني”، وقيادات عاملة في صفوفها.

وفي 13 من شباط الماضي، كرمت “تحرير الشام” المتفوقين ضمن دورة “قادة السرايا” لألوية الجناح العسكري، بحضور قائد الجناح العسكري “أبو الحسن الحموي”.

وكرّم الفصيل مقاتلين ضمن صفوفه في قسم “التحصين الآلي والتدشيم اليدوي”، في 20 من شباط الماضي، بحضور قيادات الجناح العسكري.

وفي 22 من الشهر نفسه، كرّمت “الهيئة” المتفوقين في دورة “رفع الجاهزية”، لمقاتلي “لواء عمر بن الخطاب” التابع لها.

وكرّمت “الهيئة” المتفوقين من مقاتليها في الدورات الشرعية ضمن “لواء المدفعية الرديف”، في 28 من شباط الماضي، بحضور قيادات في الفصيل.

سلوك مقصود لخلق حاضنة

رئيس مركز “رصد للدراسات الاستراتيجية”، الدكتور عبد الله الأسعد، اعتبر في حديث إلى عنب بلدي أن عمليات التكريم هي خطوة من ضمن مشاريع نفذتها “الهيئة”، كإنشاء كيانات لها مثل مؤسسات عسكرية وتدشين منشآت خدمية.

في أيار 2021، أعلنت “الهيئة” عن تأسيس “إدارة التجنيد العسكري”، التي تتبع لها ثماني شُعب تجنيد، تتوزع ضمن مناطق سيطرتها على المدن والمناطق الكبيرة.

وفي 7 من كانون الثاني الماضي، افتتحت حكومة “الإنقاذ”، المظلة السياسية لـ”تحرير الشام”، طريق حلب- باب الهوى، بحضور القائد العام لـ”الهيئة”، “أبو محمد الجولاني”.

واعتبر الأسعد، أن “تحرير الشام” عملت على تكريم المقاتلين لأجل أن تأخذ الصدارة، وأن يلمع اسمها بالمنطقة، وتلفت الأنظار إلى أنها موجودة، ولكي تصبح أكبر من جميع الفصائل.

وأجرت “الهيئة” عمليات التكريم لكسب شعبية كبيرة، وتقوية الروح المعنوية للفصيل العسكري وعناصره وأعضائه، بحسب الدكتور الأسعد، الذي يرى أن هذا السلوك ليس عبثيًا، وإنما هو سلوك يعتمد على الأساليب النفسية المؤثرة على العسكريين والمدنيين، من أجل أن يكون لـ”الهيئة” وقع كبير في نفوسهم.

كيان واحد وتأثير معنوي

رئيس مركز “رصد”، أوضح أن التكريم يهدف أيضًا لفسح مجال للتمييز بين “تحرير الشام” وبقية الفصائل، كـ”الجيش الوطني”، لإظهار “الهيئة” بأنها متميزة و”انضباطية”، وأنها صارت على شكل كيان منظم ومنسّق يقوم بما يترتب عليه، وكيان قادر على أن يكون في المنطقة كشكل حكومي.

وطالت الفصائل الأخرى، وخصوصًا “الجيش الوطني” المسيطر على ريف حلب الخاضع لسيطرة المعارضة، إضافة إلى مدينتي رأس العين شمال غربي الحسكة وتل أبيض شمالي الرقة، انتقادات عديدة، من غياب المركزية في الأمور والقرارات العسكرية، وتعدد الفصائل والمسميات، وكثرة الاندماجات والتشكيلات العسكرية تحت مظلته.

السلوك الظاهر لـ”الهيئة”، يسمى التأثير الإعلامي الجماهيري على المواطنين، بحسب الأسعد، الذي يرى أن “تحرير الشام” تتبعه، وهو جانب من التوجيه المعنوي الذي له علاقة بالمعنويات، ولكي يغطي ما تحته من سلبيات، وسلوكيات “مخفية” تتبعها “الهيئة”.

استمرار الولاء والتماسك الداخلي

من جهته، الباحث والمحلل السياسي حسن النيفي، قال لعنب بلدي، إن التكريمات التي تشهدها صفوف “تحرير الشام”، تجري ضمن توظيف آخر غير معتاد، إذ عادة ما يكون أي تكريم ضمن صفوف العسكر، يعني مكافأة على إنجاز ما، إنما جاء التكريم بمعنى استمرار الولاء، بحسب الباحث.

وزادت عمليات التكريم عقب بسط “الهيئة” سيطرتها العسكرية، بعد خلافات عديدة مع الفصائل الأخرى، بدأت عام 2014 بخلاف بين “تحرير الشام” (جبهة النصرة آنذاك) و”جبهة ثوار سوريا” وبعض فصائل “الجيش الحر”.

وأدت هذه الخلافات الداخلية إلى حلّ العديد من التشكيلات المنضوية تحت لواء “الجيش السوري الحر”، إذ اعتقلت “الهيئة” عددًا كبيرًا من مقاتلي هذه الفصائل، وصادرت أسلحتهم حينها، واستمرت الخلافات تدريجيًا حتى تمكّنت من بسط نفوذها على المنطقة، لتكون الجسد العسكري الوحيد المسيطر وصاحب النفوذ.

لم يقتصر نشاط “تحرير الشام” على إزاحة أو إبعاد الفصائل الأخرى المعارضة، أو إدماجها ضمن صفوف “الهيئة”، بل عملت على تدريب عناصر ضمن دورات للتدريبات العسكرية، وتخريج دفعات عديدة من هذه الدورات، وتكريم أوائل المقاتلين فيها.

وأوضح المحلل النيفي أن القائد في صفوف “الهيئة” عندما يلجأ إلى تكريم شخص ما، هذا يعني مكافأة له على ولائه وليس على منجزه، وخاصة أن “الجولاني” يبدو في هذه الأيام أحوج ما يكون كيانه العسكري إلى مسألة التماسك الداخلي، وهذا لا يُترجم إلا من خلال اشتداد التلاحم التنظيمي القائم على مقدار الولاءات الشخصية، وليس التجانس المؤسساتي.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا