خطيب بدلة
هناك سيدتان عظيمتان توجدان كثيرًا في فضاء “فيسبوك”، الأولى هي الآنسة هلالة، التي “تأهلت” قبل سنتين، فأصبحت تدعى المدام هلالة، والثانية هي جدة الكاتب محمد السلوم، ذات الشخصية الهجومية، التي لا يعجبها شغل حفيدها، ولا أمثاله من المعارضين التعبانين.
محمد يقول لجدته، يا ستي، اكتشفت لكِ أن المخيم الذي قُتل فيه الطفلان، قبل أيام، يدعى “مخيم الوفاء”، فتضحك حتى توشك على الدخول في حالة إغماء، وتقول: أأنت تظن نفسك فهيمًا، مفكرًا، صاحب استنتاجات حلمنتيشية؟ يا سيدي، معظم أصحاب المكاتب العقارية يشتغلون بالـ”جَلا جَلا”، ولعب الكشاتبين، ويعتبرون الزبون خروفًا نطعمه ونسقيه كأسًا من الشاي لكي نسمّنه، و”نشخته” على العتبة، ومع ذلك كنا نقرأ على الآرمات مكتب النزاهة، ومكتب الاستقامة، ومكتب الحق المبين.
ولأن محمدًا مولع بمماحكة جدته، فقد ضحك بطريقة تنطوي على “شَفترة”، وقال لها: مشكلتك الأساسية، يا ستي، هذه العقلية القديمة، ولكنني لا ألومك، فقد بلغتِ من العمر عتيًا، وأحدث شيء تعرفينه يعود إلى ما قبل ربع قرن من الزمان، مثل المكاتب العقارية التي أكل عليها الدهر وشرب. الجدة، بدورها، زجرته، وقالت له إن الإنسان الذي يمتلك جهاز موبايل، وخط إنترنت اليوم، إذا أسكنتَه في خيمة على رأس الجبل، يعرف مثلك، أنت الذي تعيش في باريس عاصمة الدولة الحقيرة التي سمحت بفتح مجلة تسيء لنا نحن أبناء الحضارة التي وَضعت، كما يقول شيخ الأزهر، قدمًا في الصين وأخرى في الأندلس. وبما أنك تشكّك بمقدرتي على تحديث المعلومات، اعلم أن “هيئة تحرير الشام”، مثلًا، لا علاقة لها بـ”تحرير” شيء، ولا حتى “هذه”، وأشارت إلى مؤخرتها، بل استولت على المناطق التي خرجت من تحت سيطرة المجرم بشار الأسد بطريقة أو بأخرى، ولا علاقة لها، كذلك، بالشام، وأقصى طموحها أن تحكم إدلب ومعرتمصرين وحربنوش.
قال محمد: أنت تكيلين بمكيالين يا ستي، بدليل أنك تهاجمين “هيئة تحرير الشام”، من موقع حبك لـ”الجيش الحر”، صح؟ فردت عليه وهي تضحك، لا صح ولا “هذه”، أصلًا تسميته “الجيش الحر” مثل تسمية المخيم الذي يقتل فيه الأولاد “الوفاء”. أتعرف لماذا؟ لأنه أبعد ما يكون عن مفهوم الجيش، يتألف من مجموعة فصائل لا يجمع بينها شيء، وحينما تُترك فترة دون قتال، تقتتل فيما بينها، وهو ليس حرًا في قراراته، والشعب الذي يقع تحت سيطرته أول شيء يخسره هو الحرية.
قال محمد: قصدك الشعب في المناطق المحررة؟ فقالت: أي نعم. وعلى ذكر “المحررة”، والله العظيم، يا محمد، أنا، وعلى الرغم من أن تفكيري عميق، كما تعلم، وعندي مقدرة استثنائية على استشراف المستقبل، يوم دخل “جيش الفتح” مدينة إدلب سنة 2015، انبهرت، وقلت في نفسي إن نظام ابن حافظ الأسد أوهى من خيوط العنكبوت، بدليل أنه لم يصمد أمام ضربات المجاهدين سوى ساعات قليلة. أتاري هالنظام الملعون ما انقلعْ من إدلب لوجه الله، بل من أجل إرسال الناس الذين سيهجرهم من المناطق المحيطة بدمشق. فتأمل!