برز اسم وزير الإدارة المحلية والبيئة في النظام السوري، حسين جميل مخلوف، كإحدى الشخصيات الموثوقة والمتعددة الأدوار في النظام السوري.
وفي 26 من شباط الماضي، استقبل الوزير السوري وزير المهجرين اللبناني، عصام شرف الدين، لبحث إجراءات تسريع عودة اللاجئين السوريين في لبنان، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وأشار مخلوف حينها إلى “التسهيلات” التي أجرتها السلطات لعودة اللاجئين إلى سوريا.
واعتبر أن العقوبات الخارجية المفروضة على النظام السوري، “وسيطرة تركيا وأمريكا على الموارد الطبيعية في سوريا، أسهم في تأخر عودة اللاجئين”، على حد قوله.
من حسين مخلوف؟
أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مرسومًا يقضي بتشكيل الحكومة السورية برئاسة عماد خميس، وضمت في تشكيلتها حسين مخلوف وزيرًا للإدارة المحلية، في تموز 2016.
كما أصدر الأسد، في الشهر ذاته، مرسومًا يقضي بدمج وزارتي الإدارة المحلية والدولة لشؤون البيئة، لتزيد من صلاحيات مخلوف، ابن خال رئيس النظام.
وشغل مخلوف سابقًا منصب محافظ ريف دمشق في 2011، خلال تطور أحداث الحراك الثوري، ومن المعلوم أن محافظة ريف دمشق احتضنت أكبر الاحتجاجات المناوئة للنظام، ما يدل على مدى ثقة رأس النظام بحسين مخلوف حينها.
كما تسلّم مخلوف مناصب، مدير عام الهيئة العامة للموارد المائية بين 2006 و2011، ومدير عام حوض الساحل عامي 2004 و2005، ومدير فرع اللاذقية للشركة العامة للبناء والتعمير عامي 2003 و2004، ومدير فرع دمشق لشركة الساحل للإنشاء والتعمير بين 2001 و2003.
وعمل مديرًا لعدة مشاريع بين 1992 و2001 (مشروع شبكات ومفيض سد الثورة، مشروع مبنى المراسم وساحة وقوف الطائرات بمطار الباسل، مشروع تعلية سد الحويز)، بحسب “سانا“.
وبالنظر إلى المناصب الحكومية التي شغلها منذ تخرّجه في كلية الهندسة المدنية بجامعة “تشرين” عام 1987 حتى الآن، يُلاحَظ أنها تندرج ضمن قطاع الإنشاءات والإعمار والبنية التحتية، فيما كان ينشط لحسابه الخاص، إذ أسس شركة في لبنان منذ العام 2005، حملت اسم “سوريانا”، تعمل في مجال المقاولات بسوريا.
ويشير سجل الشركات اللبنانية عبر الإنترنت إلى أن حسين مخلوف يمتلك 99.99% من أسهم الشركة، ويشغل منصب رئيس مجلس الإدارة، وفق ما كشف عنه موقع “أخبار الآن“، في 1 من أيلول 2020.
ويعتبر مخلوف شريكًا مؤسسًا في شركة “مارت للتجارة والمقاولات”، بنسبة 50%، كما أنه شريك في شركة أخرى تحمل اسمه الشخصي (مجموعة حسين مخلوف وشركائه) بنسبة 80%، وسُميت سابقًا بـ”راماك الإنشائية”، إذ كان شريكًا لابن عمه رامي مخلوف، ما تسبب بفرض عقوبات دولية عليها، دفعت الشريكين إلى تغيير اسمها لرفع العقوبات، بحسب موقع “الاقتصادي” المحلي.
وزير متعدد الأدوار
تسلّم حسين مخلوف ملف عودة اللاجئين عبر ترؤسه “هيئة تنسيق عودة المهجرين”، في آب 2018، وكان ضمن الوفد السوري الذي قاده بشار الأسد لاستقبال وفد روسي، بغرض الترتيب لمؤتمر إعادة اللاجئين السوريين بدمشق، في تشرين الثاني 2020، ليبدأ مخلوف بتصدير تصريحات عن “تسهيلات” النظام لعودة اللاجئين، “وتأمين عودتهم في ظل عودة الأمان وإعادة الخدمات الأساسية”.
وتعوّد مخلوف إطلاق أرقام كبيرة لأعداد اللاجئين العائدين إلى سوريا، إذ تحدث عن ازدياد عدد السوريين العائدين ليبلغ مليون عائد في أواخر 2019، ليعود ويصرح بعودة مليون و100 ألف لاجئ من خارج سوريا، وأكثر من خمسة ملايين نازح داخلي، خلال جلسة لمجلس الشعب في شباط 2021.
وتتعارض الأرقام التي قدّمها مخلوف مع الإحصائيات الأخيرة التي نشرتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، والتي توضح عودة ما يقارب 282 ألفًا و283 لاجئًا سوريًا منذ عام 2016 حتى أيار 2021، بشكل طوعي إلى سوريا.
بحسب المفوضية، فقد شهد عام 2019 الموجة الكبرى بأعداد اللاجئين الذين عادوا، إذ سجل العام وحده عودة 94 ألفًا و971 لاجئًا.
وينشط الوزير في استقبال وتسلّم التبرعات المقدمة لسوريا، بصفته “رئيس اللجنة العليا للإغاثة”، إذ بحث مع السفير المفوض البيلاروسي، يوري سلوكا، آلية تسلّم المساعدات الإنسانية، في تشرين الأول 2021.
وأشرف مخلوف على وصول عدة منح خدمية وغذائية وصحية من الصين منذ 2021، كما تسلّم شحنة مساعدات إنسانية من الهند، تتكون من ألفي طن من مادة الأرز الهندي في شباط 2021.
في 14 من شباط الماضي، أفاد تقرير صادر عن مركز “الدراسات الاستراتيجية والدولية” في واشنطن (CSIS)، أن حكومة النظام تسيطر على توزيع المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة.
وذكر أنه عندما نُقلت المساعدات “عبر الخطوط”، في كل من شمال غربي وشرقي سوريا، والمعروفة باسم الشحنات “العابرة للخطوط”، كانت هناك سرقات وتم توزيع المعدات الطبية بشكل عشوائي.
ووصلت 43 ألفًا و500 حصة غذائية فقط إلى شمال غربي سوريا، في قوافل “عبر الخطوط”، مقارنة بـ1.3 مليون حصّة تم تسليمها من تركيا في تشرين الثاني 2021.
ويدل ازدياد حاجة وفقر السكان في سوريا على عدم إمكانية وصول المساعدات إلى السكان، إذ كان 80% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر في 2019 بحسب تقرير أممي، لتصل إلى 90% حسب أحدث تقرير في 2022.
وكان مخلوف أيضًا صاحب ملف إعادة الإعمار، إذ صرح بإنفاق وزارته 25 مليار ليرة على هذا الملف، وتخصيص 50 مليارًا أخرى في 2018، وغالبًا ما يتذرع الوزير بالعقوبات الخارجية كسبب لعدم العمل بالملف.
وكانت حكومة النظام السوري أقرت، في تموز 2013، قانونًا بفرض ضريبة إعادة الإعمار بنسبة 5% على الضرائب والرسوم غير المباشرة، لمدة ثلاث سنوات، تسمى “المساهمة الوطنية لإعادة الإعمار”، لتصبح 10% في عام 2017، بقرار من مجلس الشعب.
وبعد تصريحات مخلوف الإنفاقية وضرائب حكومة النظام المالية، لا تزال البنية التحتية في سوريا والعديد من المناطق السكنية بانتظار إعادة الإعمار.
وعلى الرغم من جهود الأمم المتحدة للإسهام في هذا الملف، فإنها تخاطر في إعادة توجيه تمويل إعادة الإعمار نحو تمكين الجهات الفاعلة المُنتهكة، بحسب تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش“، في تموز 2019.
بينما تتهم مراكز دراسات ومنظمات حقوقية استخدام النظام ملف إعادة الإعمار لمعاقبة معارضيه ومصادرة أصولهم المالية، بحسب القانون رقم “10” الصادر في 2018.
–