من هم وما هو حجم أصولهم وثرواتهم؟
الأوليغارشيون الروس.. بعوض نما على مستنقع الاتحاد السوفييتي
“يمكنك الاستيلاء على قواربهم، والاستيلاء على طائراتهم، لكن لديهم أموال مخبأة في جميع أنحاء العالم”، “إذا تمكنت من الاستيلاء على 75% منها، فسيظلون أكثر ثراءً من أي شخص آخر في العالم”. أليسون خيمينيز، رئيس شركة استشارات التقاضي “Dynamic Securities Analytics”.
في خطابه الأول عن حالة الاتحاد في 2 من آذار، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في حديثه عن خطط الولايات المتحدة لمعاقبة “الأوليغارشية” الروسية، انضمامه لحلفائه الأوربيين، لإيجاد والاستيلاء على ممتلكات الأثرياء الروس، المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأفراد أُسرههم الخاضعين للعقوبات، من اليخوت والشقق الفاخرة والطائرات الخاصة، وأي مكاسب غير مشروعة.
.@POTUS: "The U.S. Department of Justice is assembling a dedicated task force to go after the crimes of Russian oligarchs. We are joining with our European allies to find and seize your yachts, your luxury apartments, your private jets.” pic.twitter.com/IgtLBWGVDz
— The White House (@WhiteHouse) March 2, 2022
في حين كانت روسيا تخطط لموجة جديدة من الخصخصة، من شأنها أن تزيد النخبة الروسية ثراءً، خلقت العقوبات التي جاءت ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا، شرخًا في النظام الذي عمل الأوليغارشيون على تأسيسه منذ بدايات تولي بوتين للسلطة في تسعينات القرن الماضي.
ليشهد الكرملين انفصال اثنين من كبار رجال الأعمال البارزين، كانا على صلة وثيقة بالدائرة المقربة من بوتين، ميخائيل فريدمان وأوليغ ديريباسكا، في دعوة إلى إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا.
ورغم عدم ذكر عدد من الأوليغارشيين في قوائم العقوبات، مثل مالك نادي تشيلسي، رومان أبراموفيتش، سارع هو الأخير إلى بيع النادي وبعض ممتلكاته في لندن تحسبًا للعقوبات، بحسب وكالة “بلومبيرغ“.
فيما نقل بعضهم الآخر، ممتلكاتهم إلى أماكن لا تطالها يد العقوبات، بعد أن استولت ألمانيا على يخت الملياردير الروسي أليشر عثمانوف، في ميناء هامبورغ، وطائرته الخاصة، إحدى أكبر الطائرات المملوكة للقطاع الخاص في روسيا.
الانهيار الأحمر وصعود الأوليغارشيين
تشير الأوليغارشية في روسيا إلى فئة من رجال الأعمال الذين تربطهم علاقات وثيقة بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، جمعوا ثرواتهم خلال الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي، في واحدة من أسرع عمليات إعادة توزيع الأصول في التاريخ.
ويتربع أغلبهم على رأس أكبر الشركات الروسية، وهم مسؤولون عن توفير الموارد اللازمة لدعم غزو بوتين لأوكرانيا.
كانت النخبة الروسية المبكرة في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي من خلفيات اجتماعية متواضعة، استفادت من نظام التعليم السوفيتي، أبراموفيتش، مالك نادي تشيلسي على سبيل المثال، نشأ في فقر، واليوم، يحتل المرتبة 142 على قائمة “فوربس” لأغنياء العالم، ويبلغ صافي ثروته 12.4 مليار دولار.
وخلال طفرة أسعار النفط التي ساعدت في تأجيج عودة الرئيس فلاديمير بوتين في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ظهر الأوليغارشيون الأوائل من العدم، ووضعوا أيديهم على عجلة القيادة في الحكومة.
“إذا لم يختلفوا مع فلاديمير بوتين بعد فترة وجيزة من توليه السلطة، فإنهم الآن يدعمون حكمه الفاسد بضخ النقود كلما طلب منهم ذلك”
إليزابيث شيمبفوسل |
على مدار التسعينيات، ظهرت مجموعة من المصرفيين وكبار رجال الأعمال في قمة الطبقة الغنية الجديدة من خلال تحويل نفوذهم السياسي إلى ثروة، وانضمت طبقة جديدة كاملة إلى الثراء على خلفية ارتفاع أسعار النفط التي استمرت حتى عام 2008.
خلق سقوط الاتحاد السوفييتي، عام 1991، فرصًا للفساد على أعلى المستويات في الحكومة الروسية، حيث شرعت في خصخصة الشركات المملوكة للدولة.
خلال هذا الوقت، جمعت مجموعة صغيرة من الروس ثروة للسيطرة على بنوك الدولة والمصانع والموارد الطبيعية، إذ يسيطر المليارديرات الروس اليوم على حوالي 30% من ثروة روسيا، والكثير منها مخبأ في الخارج.
وتكمل الباحثة في علم اجتماع النخب وعدم المساواة الاجتماعية والسلطة، إليزابيث شيمبفوسل، قولها، “قد يتخيل هؤلاء أنهم يعيشون مثل الأرستقراطيين القيصريين في رواية تولستوي، وهم بارعون في بناء قصص من ماضيهم”.
“هذا يسمح لهم بالقول إنهم ليسوا أشخاصًا عشوائيين وصلوا إلى القمة، لكن في الواقع عليهم التزام بالتواجد هناك، حتى لو كان واجبًا أخلاقيًا”.
المفتاح إلى ذلك بحسب شيمبفوسل، هو مشاركتهم في الثقافة والعمل الخيري، وإعادة تنشيط المفهوم السوفيتي لـ”kulturnost” الذي نص على أن النخب الاجتماعية كانت ضليعة في الموسيقى والأدب الروسي.
“إذا كنت حكمًا روسيًا تطفو على يختك في المحيط الهندي، فإن معظم أموالك لن تكون باسمك”. “سيكون لديك طبقات مبهمة من الشركات الوهمية مع أشخاص وهميين يقفون نيابة عنك.”
أليسون خيمينيز |
بعض أصول الأوليغارشية على الأقل مرتبطة ببوتين، الذي من المحتمل أنه يخفي ثروته الهائلة عن طريق تقسيمها بين الأصدقاء والأقارب حتى لا يمكن تتبعها.
قدرت ورقة صادرة عن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية عام 2017، أن الأصول الخارجية للنخب الروسية تساوي قيمة الأصول المنزلية لجميع السكان الروس، ومن أبرزهم.
نيكولاي توكاريف
رئيس لشركة “Transneft” إحدى أهم الشركات الروسية، وهي شركة خطوط أنابيب مملوكة للدولة، ومسؤولة عن نقل 90% من النفط المستخرج في روسيا، وفقًا لوزارة الخزانة الأمريكية.
عمل مع بوتين في لجنة الاتحاد السوفيتي لأمن الدولة (KGB)، كعملاء في دريسدن-ألمانيا الشرقية، في الثمانينيات، أثرى توكاريف نفسه وعائلته كرئيس لشركة “Transneft”، وقام بتجميع إمبراطورية أعمال وعقارات تمتد عبر روسيا إلى أوروبا.
ويعتقد الاتحاد الأوروبي، أنه ساعد في السيطرة على أصول الدولة الروسية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
بوريس وأركادي روتنبرغ
يمتلك الأخوان روتنبرغ بنك “SMP” الروسي معًا، ويعتبر أركادي، صديقًا مقربًا من بوتين، سبق له أن مارس رياضة الجودو معه، وأشرف على بناء جسر بين روسيا وشبه جزيرة القرم، بقيمة 3.6 مليار دولار، في عام 2018، وفُرضت جراء ذلك عقوبات على أركادي والعديد من شركاته من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
سيرجي تشيمزوف
جنرال رفيع المستوى في الـ”KGB”، تحت رئاسة بوتين أصبح رجل أعمال بارز، عينه بوتين عام 2007 الرئيس التنفيذي لشركة “Rostec” المملوكة للدولة، أكبر تكتل للتكنولوجيا والدفاع في روسيا.
أدار في الثمانينيات بشكل حاسم عملية مراقبة علمية وتكنولوجية سوفييتية في ألمانيا الشرقية، حيث التقى تشيمزوف بفلاديمير بوتين، الذي كان يعيش في نفس المبنى السكني، وأصبح صديقًا له.
تمكنت عائلة تشيمزوف وأقاربه من جمع أكثر من 400 مليون دولار، من الأصول المدرجة خلال صعوده إلى السلطة، معظمها باسم ابنة زوجته (stepdaughter)، وفقًا لتقارير سابقة لـ”OCCRP” ووثائق جديدة من أوراق باندورا، وهو تسريب ضخم للاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين لما يقرب من 12 مليون وثيقة.
ايغور شوفالوف
كان شوفالوف في السابق نائب رئيس وزراء بوتين، وهو الآن رئيس بنك التنمية الروسي “VEB“، اتهم السياسي المعارض الروسي أليكسي نافالني، باستخدام شوفالوف طائرة رجال أعمال خاصة غير معلنة بقيمة 62 مليون دولار، لنقل كلاب فصيل “كورجي” الخاصة بزوجته.
يفغيني بريغوجين
كان اسم يفغيني بريغوجين، الشهير بـ “طباخ بوتين” قد برز بقوة مع تقرير روبرت مولر، المحقق في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، حيث يشير التقرير إلى أن إحدى شركاته المختصة بالأنترنت قادت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي لصالح ترامب.
لديه أيضاً شركة فاغنر، وهي تدير شبكة من المرتزقة الذين يقاتلون في سوريا وليبيا، والعديد من الدول الأفريقية، إما بالتعاون مع الجيش الروسي أو بالنيابة عنه، وقّعت الشركة المذكورة عقداً مع سلطة الأسد، في سوريا، تحصل بموجبه على 25% من عائدات حقول النفط والغاز التي تقوم بـ”تحريرها”.
ديمتري بيسكوف
عيّن بيسكوف سكرتيرًا صحفيًا شخصيًا، بعد فوز الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالرئاسة، عام 2012، وتعود العلاقة بين الاثنين إلى أيام ما كان بوتين يعمل في لينينغراد (سان بطرسبورغ).
وبدأ بيسكوف حياته الدبلوماسية منذ الاتحاد السوفيتي سابقًا، وتسلم سكرتير السفارة الروسية في تركيا عام 1990، وبدأ العمل مع وزارة الخارجية الروسية عام 1996.
وكان رئيس الاتحاد الروسي السابق، بوريس يلتسين، اختار بيسكوف كمترجم له من التركية.
أليشر عثمانوف
أفاد تقرير لمجلة “فوربس”، أن السلطات الألمانية احتجزت يخت الملياردير الروسي، أليشر عثمانوف، في ميناء هامبورغ الشمالي، وكان عثمانوف، على قائمة المليارديرات الذين يواجهون عقوبات من الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين 28 من شباط الماضي.
ويبلغ طول اليخت المحتجز “ديلبار” 512 قدمًا، بقيمة 600 مليون دولار أمريكي.
الهدف من العقوبات
تهدف العقوبات إلى إلحاق ضرر مالي بالنخبة الروسية، الذين ترى الحكومات الغربية أنهم عوامل التمكين الرئيسية لعهد بوتين، لكن من غير الواضح ما هو تأثير العقوبات ضد الأوليغارشية الروسية، على تصرفات بوتين، بحسب ما ذكرته منظمة “Quartz” الإخبارية.
وفقًا للدبلوماسي الأمريكي السابق، دانييل فرايد، الذي ساعد في صياغة العقوبات الأمريكية ضد موسكو، في أعقاب غزو القرم عام 2014، فإن “النخب الروسية لا تسيطر على بوتين، فهم تحت سيطرته”.
“يمكن لبوتين أن يسجنهم أو يقتلهم، والفكرة القائلة بأن الأوليغارشية يمكن أن تؤكد نفوذهم على بوتين هي فكرة حمقاء”، حسب ما قال فرايد للإذاعة الوطنية العامة (NPR) في 26 من شباط 2022.
وبحسب المنظمة، قد تأمل الحكومات الغربية على المدى الطويل، أن تؤدي العقوبات إلى إحداث شرخ بين النخبة الروسية وبوتين، لإضعاف سلطته.
والهدف الأبسط والأكثر إلحاحًا وفقًا للمنظمة، أن الغرب يقدم مرهمًا عاطفيًا للأمريكيين والأوروبيين، الذين صدمتهم الصور التي رأوها عن العنف في أوكرانيا، والغضب من الثروة الواضحة التي تتباهى بها الدائرة الداخلية لبوتين في المدن الغربية.
مُؤّرق العمالقة
قام الشاب جاك سويني، 19 عامًا، من جامعة “سنترال فلوريدا”، الذي كان يتتبع الرحلات الجوية الخاصة للملياردير الأمريكي مؤسس شركة “تسلا” للسيارات الكهربائية إيلون ماسك، بإنشاء روبوتات “تويتر” لتعقب تحركات ما يقرب من 40 طائرة وهليكوبتر للأوليغارشيين.
وليس ماسك والأوليغارشيين وحدهم المستهدفين في هذه الخوارزمية، إذ يدير سويني أيضًا 15 حسابًا يتتبع تحركات الطائرات الخاصة للعديد من المشاهير، من بينهم جيف بيزوس وبيل غيتس وتوم كروز وأوبرا وينفري.
وطلب ماسك من سويني في وقت سابق، التوقف عن تتبّع طائرته الخاصة، قائلًا له، “هل يمكنك إزالة هذا؟ إنها مخاطرة أمنية”، وعرض عليه مبلغ 5 آلاف دولار لإغلاق حساب التتبع على تويتر.
ويضم حساب “Russian Oligarch Jets” لتتبع الأوليغارشيين فقط، أكثر من 399 ألف متابع، وينشر الحساب تغريدات بشكل تلقائي عند مغادرة وهبوط كل طائرة.
https://twitter.com/RUOligarchJets/status/1500238426691575808?s=20&t=AHHY69oGtt_VXpcccA_5cA
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :