لا وجود لـ”مجزرة حماة” ضمن سجلات “الأمم المتحدة”
أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تقريرًا عن الذكرى الـ40 لـ”مجزرة حماة”، تناولت فيه خلو أي إشارة إلى الواقعة في سجلات الأمم المتحدة الحقوقية، على الرغم من أن جرائم القتل والاختفاء القسري تعتبر جرائم ضد الإنسانية.
وقالت “الشبكة” في تقريرها (25 صفحة) الصادر اليوم، الاثنين 28 من شباط، إن “40 عامًا مرت على ارتكاب النظام السوري مجزرة مروعة في مدينة حماة عام 1982، امتدت على مدى شهر بأكمله، وما زالت سوريا تُحكم من قبل العائلة ذاتها، بل وإن 40 عامًا من الإفلات من العقاب تتوّجت بعودة رفعت الأسد المتورط الأبرز بالجريمة”.
وأوضح التقرير وجود بيانات لقرابة ثلاثة آلاف و762 مختفيًا قسرًا من أبناء مدينة حماة، إضافة إلى قرابة سبعة آلاف و984 مدنيًا قُتلوا، إلا أن التقديرات تشير إلى مقتل ما بين 30 و40 ألف مدني، ونحو 17 ألف مفقود.
ومما جعل من توثيق المجزرة عملية معقدة، طول المدة الزمنية، والضعف في التغطية الإعلامية العالمية أو الإقليمية، وانعدام وجود الصحافة المحلية، وقضاء وطني “مستقل”، وتحكّم النظام السوري بالسلطات الثلاث، بحسب التقرير.
ووصف التقرير “تجاهل” الأمم المتحدة للواقعة “بإهانة للضحايا”، ودان عدم ورود أي ذكر لانتهاك بحق الإنسان بحجم “مجزرة حماة” بين سجلات الأمم المتحدة، وتقصير “المجلس الاقتصادي والاجتماعي وهيئة حقوق الإنسان” في ذلك الوقت بحق الضحايا.
وأكد التقرير أنه بعد تأسيس “مجلس حقوق الإنسان”، و”المفوضية السامية لحقوق الإنسان”، لم يتغيّر شيء من ناحية التوثيق أو الإدانة.
وأشار التقرير إلى أن معاناة أهالي مدينة حماة بدأت من الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري، ولم تنتهِ بتخاذل المجتمع الدولي ومجلس الأمن، وانعدام شبه كامل لرد الفعل السياسي من قبل دول العالم الداعمة للديمقراطية، وغياب رد الفعل الأممي والحقوقي والإعلامي.
وأوضحت “الشبكة” أن معظم ما كُتب عن المجزرة كان يتبنى رواية النظام السوري، مقابل عدم الأخذ برواية مئات الناجين وأقرباء الضحايا.
وأوصت “الشبكة” الأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان بالتذكير بالمجزرة، والاعتذار للضحايا وذويهم في عدم توثيق المجزرة وإدانة مرتكبيها، ومحاولة تصحيح هذا “الخطأ التاريخي” بالعمل على محاسبة النظام السوري، والسعي للكشف عن مصير قرابة 17 ألف سوري من أهالي مدينة حماة مختفٍ قسرًا منذ 1982.
ماذا حدث في حماة
تذرعت سلطات النظام آنذاك لاجتياح المدينة عسكريًا، وتدمير نحو ثلث أحيائها بشكل كامل، وارتكاب المجزرة، بأن حماة تشكّل المعقل الرئيس لجماعة “الإخوان المسلمون” في سوريا.
في 2 من شباط عام 1982، وبعد حملات المداهمة والاعتقالات ليلًا من قبل عناصر الأمن، بدأت قوات الجيش بحملة قصف استهدفت الأحياء السكنية ضمن المدينة، وطالت 30 مسجدًا فيها.
وشارك في القصف التمهيدي “اللواء 47 دبابات”، و”اللواء 21/ميكا” التابع لـ”الفرقة الثالثة”، و”سرايا الدفاع”، إلى جانب سلاح المدفعية في المطار العسكري وجبل زين العابدين.
وفي 4 من شباط، ارتكبت قوات النظام المجزرة الجماعية الأولى في المدينة، في حي جنوب الملعب قرب مدخل حماة الجنوبي، رغم سيطرة النظام على هذا الحي بالأصل.
ووفقًا لشهود عيان، قتلت القوات المقتحمة، بقيادة رفعت الأسد، نحو ألف و500 شخص من سكان هذا الحي، قضت فيه عوائل بأكملها بالإعدام الميداني.
وفي 26 من شباط، اقتحمت قوات النظام منازل المدينة، واقتادت نحو ألف و500 شخص إلى أطراف المدينة الجنوبية، وأعدمتهم ميدانيًا، بأمر مباشر من قائد “سرايا الدفاع” حينها، رفعت الأسد.
وأُجبر الأهالي، عقب تتالي المجازر، على الخروج بمسيرة تأييد لحافظ الأسد، في شارع “8 من آذار” وسط المدينة المنكوبة، وهتفوا فيها “بالروح بالدم نفديك يا حافظ”.
وتتضارب الأرقام حول أعداد الضحايا، فـ”اللجنة السورية لحقوق الإنسان” أكدت أن عدد القتلى يتراوح بين 30 و40 ألف شخص.
لكن صحيفة “إندبندنت” البريطانية تحدثت عن نحو 20 ألف قتيل، بينما أكد الصحفي البريطاني روبرت فيسك أن العدد يفوق عشرة آلاف، عدا عن نحو 15 ألف مفقود، لا أحد يعلم مصيرهم.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :