قالت “منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم، الاثنين 28 من شباط، إن السلطات الروسية هددت بفرض غرامة أو حظر على عشر وسائل إعلام روسية مستقلة، إذا لم تحذف منشورات عن الحرب في أوكرانيا.
واتهمت هيئة الاتصال الحكومية الروسية “Roskomnadzor”، في 26 من شباط الحالي، الوسائل الإعلامية العشر بنشر “معلومات كاذبة” حول الحرب في أوكرانيا.
ووجهت تحذيرًا لتلك الوسائل، ومن بينها إذاعة “صدى موسكو” (Echo of Moscow)، وصحيفة “نوفايا غازيتا” (Novaya Gazeta)، بحسب ما قالته “هيومن رايتس ووتش“.
ووفقًا للمنظمة، تتضمن المعلومات الكاذبة المزعومة معلومات حول قصف الجيش الروسي للمدن الأوكرانية، ووقوع خسائر في صفوف المدنيين، وإشارات إلى النزاع المسلح على أنه “هجوم” أو “غزو” أو “إعلان حرب”.
وذكرت أن السلطات الروسية تطلب من وسائل الإعلام الإشارة إلى الحرب على أنها “عملية خاصة” تتعلق بالوضع في منطقتي لوغانسك ودونيتسك، اللتين أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، استقلالهما رسميًا عن أوكرانيا في 21 من الشهر الحالي، ولاحقًا أمر بـ”عملية عسكرية خاصة” لحماية إقليم دونباس الذي تقع فيه المنطقتان.
فرض فراغ إعلامي
مدير قسم أوروبا وآسيا الوسطى في “هيومن رايتس ووتش”، هيو ويليامسون، قال إنه “على مدى العقد الماضي، استخدمت السلطات الروسية شبكة من القوانين الغامضة والذرائع الواهية لترهيب ومضايقة الأصوات المستقلة والمعارضة” .
وأضاف ويليامسون، “إنهم الآن يفرضون رقابة صريحة مصحوبة بسرد كاذب يطالبون الجميع بوجوب تقليدها”.
وأكد أن “للدول مصالح مشروعة في منع انتشار المعلومات المضللة في أثناء الحرب، لكن السلطات الروسية تتخطى أي أهداف مشروعة (…) إن الجهود المبذولة لفرض فراغ إعلامي بشكل فعّال هي جهود خاطئة ويمكن أن تكون خطيرة. يجب أن تكون وسائل الإعلام والصحفيون قادرين على أداء عملهم بمسؤولية، دون خوف من العقاب والمقاضاة”.
50 ألف دولار غرامة
التحذير الذي وُجه للوسائل الإعلامية العشر، أشار إلى أنه فتح تحقيقًا في “الانتهاكات” المزعومة، وقد يفرض غرامة على وسائل الإعلام المخالفة تصل إلى خمسة ملايين روبل (ما يعادل 50 ألف دولار أمريكي تقريبًا).
وبيّنت “هيومن رايتس ووتش” أن سلطة “هيئة الاتصال” لإصدار مثل هذه التحذيرات وفرض تدابير عقابية لعدم الامتثال، مستمدة من قانون العام 2012، الذي فرض قيودًا على التعبير عبر الإنترنت، وتم توسيعه من خلال قوانين أخرى في السنوات اللاحقة.
وزارة الدفاع الروسية اتهمت صحيفة “نوفايا غازيتا” بعد نشر التحذير، بـ”الترويج لمعلومات مزيفة” أعدتها أوكرانيا “على قوالب معتمدة من قبل “الدعاية الأمريكية” وحلف شمال الأطلسي (الناتو) لتشويه سمعة روسيا.
وفي رد على هذا الاتهام، قال نائب رئيس تحرير “نوفايا غازيتا”، كيريل مارتينوف، إن الصحيفة متمسكة بتقريرها عن قيام القوات العسكرية الروسية بقصف المدن الأوكرانية.
وأضاف أنه قبل اتهامات وزارة الدفاع، طلبت الصحيفة من الوزارة تقديم معلومات عن الخسائر العسكرية الروسية لكنها لم تتلقَّ ردًا بعد، بحسب ما نقلته “هيومن رايتس ووتش”.
وأكد مارتينوف أنه هُدد بالملاحقة الجنائية لإبلاغه أن القوات الروسية قتلت مدنيين في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن تجنب الملاحقة الجنائية في الصحافة ممكن فقط “إذا كنت مستعدًا لتجاهل الواقع وتعلم تسمية الأسود بالأبيض والأبيض بالأسود”.
وكانت “هيئة الاتصال” نشرت، في 24 من شباط الحالي، تحذيرًا لوسائل الإعلام بشأن نشر معلومات “لم يتم التحقق منها” و”كاذبة”، قائلة إنه لا يمكن نشر سوى المعلومات من المصادر الرسمية عند نقل ما تسميه الحكومة “عملية خاصة” في أوكرانيا.
تقييد “فيسبوك” و”تويتر”
في 25 من شباط الحالي، أعلنت “هيئة الاتصال” أنها ستقيّد جزئيًا الوصول إلى “فيسبوك” في روسيا، انتقامًا من “ميتا” (Meta) الشركة الأم لـ”فيسبوك”، التي حجبت حسابات لوسائل الإعلام الحكومية الروسية.
وقال نائب رئيس “ميتا”، نيك كليج، إنه في 24 من شباط الحالي، “أمرت السلطات الروسية بوقف التحقق المستقل من الحقائق وتصنيف المحتوى المنشور على (فيسبوك) من قبل وسائل الإعلام المملوكة للدولة”.
وأشارت المنظمة إلى أنه بعد رفض “ميتا” الامتثال للأوامر، أعلنت الحكومة الروسية أنها ستقيّد الوصول إلى خدمات الشركة.
وفي 26 من شباط الحالي، أعلنت شركة “تويتر” أن السلطات الروسية فرضت قيودًا على الوصول إلى خدماتها في روسيا.
وتؤكد التقارير الصادرة عن مجموعات المراقبة عبر الإنترنت، أن بعض مستخدمي “تويتر” في روسيا تعرضوا لانقطاعات في استخدام النظام الأساسي، بحسب ما ذكرته “هيومن رايتش ووتش”.
وقالت المنظمة، إن نطاق الرقابة الروسية لا يفي بمعايير التدخل القانوني في الحقوق المنصوص عليها بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
“السلطات الروسية لا تستخدم سلطات الحرب، ولم تذكر أنها تسعى إلى التنصل، مؤقتًا أو جزئيًا، من التزاماتها في مجال حقوق الإنسان، بسبب حالة الطوارئ”، بحسب المنظمة، التي أكدت أن “مستوى التحكم والرقابة التي تسعى الإجراءات الروسية إلى تحقيقهما يحرم حرية التعبير والحق في الوصول إلى معلومات ذات محتوى مفيد، ولا يمكن تبريره بموجب القانون الدولي حتى في أوقات الحرب”.
وخلال التطورات المتلاحقة فيما يرتبط بـ”غزو” روسيا لأوكرانيا، أنذرت “هيئة الاتصال” عشر وسائل إعلام، واتهمتهم بنشر معلومات زائفة عن الأحداث في أوكرانيا، كما طلبت من وسائل الإعلام عدم استخدام كلمتي “غزو” أو “عدوان”.
–