في صباح الأربعاء 30 من آذار 1949، ظهر مشهد غير مألوف في شوارع العاصمة السورية دمشق، هذا المشهد عاد وتكرر في الأعوام اللاحقة سواء في شوارع دمشق أو في شوارع بعض العواصم العربية، وهو الدبابات والمصفحات العسكرية التي ترابط حول المباني العامة، أو التي يطوف بعضها في الشوارع.
أبراج هذه الدبابات والمصفحات مفتوحة، يطل من كل منها جندي على رأسه خوذة حديدية، وفي يده رشاش كبير.
يروي الصحفي نذير فنصة المقرب من الرئيس السوري الأسبق، حسني الزعيم، في كتابه “أيام حسني الزعيم: 137 يومًا هزت سوريا”، كيف خطط الزعيم لتنفيذ أول انقلاب عسكري في العالم العربي، وتفاصيل الأيام التي تلت نجاح الانقلاب، حتى سقوط الزعيم في النهاية بانقلاب عسكري آخر، بتخطيط من سامي الحناوي وأديب الشيشكلي.
نذير فنصة كان رئيس تحرير جريدة “ألف باء” في دمشق، ويروي من خلال كتابه (196 صفحة) دور السياسي أكرم الحوراني في التخطيط للانقلاب، وأسباب تسليم زعيم “الحزب القومي السوري”، أنطون سعادة، إلى بيروت، وهو ما أدى إلى إعدامه.
انقلاب الزعيم غيّر موازين الحكم في سوريا، وأثر فيما بعد في مجريات أحداث العالم العربي، كونه أثار حماسة “الضباط الأحرار” في مصر فخلعوا الملك فاروق عام 1952.
وكان الصحفي فنصة بفعل مركزه الصحفي بعد الحرب العالمية الثانية، يمتلك في سوريا شبكة من الاتصالات والصداقات مع الذين صنعوا تاريخ البلد بعد مرحلة الاستقلال، وبحكم هذه الصفات والمميزات، أعطى فنصة لصديقه ونسيبه الزعيم بعدًا سياسيًا لم يكن يتوقعه.
وشهدت الفترة القصيرة لحكم الزعيم قرارات مهمة، حيث أعطى لنفسه حق ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية بما فيها سلطات وزير الدفاع، التي مارسها من 2 من نيسان حتى 26 من حزيران 1949، وعندها رشح نفسه لمنصب رئاسة الجمهورية، بعد أن جعل انتخاب الرئيس على طريقة الاقتراع السري من قبل الشعب مباشرة، وليس من مجلس النواب.
دُفن الزعيم في مقبرة قرية “أم الشراطيط”، الطبيبية حاليًا، على طريق القنيطرة، ومن ثم نُقل رفاته إلى دمشق في عهد الشيشكلي، ودُفن فيها بالمراسم المعتادة.