د. أكرم خولاني
من المعروف أن الركبة هي أكبر مفصل في جسم الإنسان، وهي عبارة عن نظام معقد من العظام والغضاريف والأربطة والأوتار، وتتمثل مهمتها الرئيسة في ثني الطرف السفلي وفرده مع تحمل ثقل الجسم كاملًا، ولذلك فإن أي ألم يحدث في الركبة يؤثر على المشي والعديد من الأنشطة الأخرى.
ويعتبر ألم الركبة (Knee Pain) شكاية شائعة وعامة يمكن أن تصيب الأشخاص من جميع الأعمار، لكنها أكثر شيوعًا مع التقدم بالسن، كما أنها تزداد مع زيادة الوزن، والإجهاد الشديد، وقلة النشاط، وفي حال وجود قصة وراثية لبعض الأمراض المفصلية، مثل التهاب المفاصل التنكسي المعمم الذي ينتشر بشكل كبير بين النساء.
وتستجيب آلام الركبة البسيطة لإجراءات الرعاية الذاتية والعلاج الطبيعي بشكل جيد، بينما تحتاج الحالات الأخرى إلى العلاجات الدوائية وربما الجراحية.
ما أبرز أسباب ألم الركبة
آلام الركبة هي إما سريعة (حادة) وإما طويلة المدى (مزمنة)، وأسبابها عديدة:
- الخلع: يحدث الخلع عندما تنزلق الرضفة (العظم المثلثي الذي يغطي الجزء الأمامي من الركبة الذي يسمى بالعامية صابونة الركبة) عن موضعها، وعادة ما يكون الانزلاق إلى خارج الركبة.
- الكسر: يحدث الكسر في أحد عظام الركبة بشكل مفاجئ بعد سقوط أو حادث، وفي بعض الأحيان تحدث كسور الركبة ببطء، بمعنى أن المصاب يكون قادرًا على استخدام الركبة في بداية الإصابة ولكن يصعب ذلك تدريجيًا.
- تمزق الأربطة: يحدث تمزق الرباط التصالبي الأمامي، وهو أحد الأربطة الأربعة التي تربط عظمة الساق بعظم الفخذ، بسبب ممارسة بعض الرياضات، مثل كرة السلة أو كرة القدم أو الألعاب الرياضية الأخرى التي تتطلب تغييرات مفاجئة في اتجاه الجسم، وينتج عنه ألم شديد في الركبة وتورم وعدم القدرة على استخدام القدم المصابة.
- الفصال العظمي: يسمى أيضًا التهاب المفاصل التنكسي، وهو اضطراب مزمن يحدث فيه تآكل واهتراء تدريجي في الغضروف المفصلي ليصبح المفصل مؤلمًا وقاسيًا، وهو النوع الأكثر شيوعًا من بين أنواع التهاب المفاصل، ويسبب صعوبة في ثني الركبة، وخشونة، وتحجر وتورم الركبة بعد تحريكها.
- التهاب المفاصل الرثواني: وهو حالة مرضية من أمراض المناعة الذاتية يمكن أن تؤثر على أي مفصل في الجسم، بما في ذلك الركبتان، ويسبّب العديد من الأعراض مثل الألم، والتورم، والتعب وصعوبة تحريك الركبة أيضًا.
- التهاب المفصل الإنتاني: يمكن أن يصاب مفصل الركبة بعدوى قد تتسبب في حدوث تورم وألم واحمرار، وغالبًا ما يصاحبه حدوث الحمى، ويتسبب بضرر كبير لغضاريف الركبة.
- التهاب جراب الركبة: الجراب عبارة عن قرص مليء بسائل مائي، يحمي الجزء الخارجي من مفصل الركبة، ويخفف حدة الاحتكاك بين الأوتار والعضلات وبين العظام، وتؤدي إصابة الركبة بالتهاب الجراب إلى ألم فيها حتى في حالة الراحة وصعوبة في تحريك القدم.
- تمزق الغضروف الهلالي: الغضروف الهلالي هو غضروف مطاطي قوي يعمل على امتصاص الصدمات بين عظمة الساق وعظمة الفخذ، وقد تسبب الحركة غير الصحيحة والمفاجئة، أو وضع جميع ثقل الجسم على الركبة، تمزق هذا الغضروف، الذي بدوره يسبب ألمًا شديدًا وتورمًا في الركبة، ويجعل حركتها أصعب.
- التهاب الوتر الرضفي: الأوتار هي الأنسجة الليفية السميكة التي تربط العضلات بالعظام، ويصيب التهاب الوتر الرضفي، الذي يسري من الرضفة إلى عظمة الساق، العَدَّائين والمتزلِّجين وراكبي الدراجات والذين يشاركون في أنشطة رياضية وألعاب رياضية تتطلب القفز.
- النقرس: من أسباب ألم الركبة الإصابة بمرض النقرس، الذي يحدث عندما تتشكل بلورات حمض البول (Uric acid) في المفصل، ويرتبط بظهور أعراض مختلفة مثل الألم والتورم الشديدين اللذين يظهران بشكل مفاجئ وسريع.
- آلام عظم الورك أو القدم: قد يسبب وجود ألم في عظم الورك أو القدم تغيير طريقة المشي لتجنب ألم المفصل، لكن قد تزيد هذه المشية البديلة من الضغط على مفصل الركبة وتسبب ألم الركبة.
ما الأعراض التي قد ترافق ألم الركبة
قد تصاحب ألم الركبة أعراض أخرى مثل:
- تورم وانتفاخ الركبة.
- التصلب وعدم القدرة على التحريك.
- الاحمرار.
- الحرارة عند اللمس.
- الضعف أو عدم الاتزان
- أصوات فرقعة.
- تغير شكل المفصل.
- الخدر أو الوخز.
- كيف يُشخّص سبب ألم الركبة
يجب أخذ قصة مرضية مفصلة تشمل توقيت بدء الألم ومحرضاته ومرافقاته، ثم الفحص السريري لقوة ومرونة عضلات الرجل، والمدى الذي يمكن فيه ثني الركبة، ثم فحص الأوتار، وتقييم شدة الآلام وحركية الركبة في مختلف وضعياتها.
بعد ذلك قد يقترح الطبيب إجراء بعض الاختبارات، منها:
- التصوير بالأشعة السينية: لرؤية التغيرات في العظام، والكشف عن كسور العظام وداء تنكس المفصل.
- التصوير المقطعي المحوسب: يساعد في تشخيص مشكلات العظام والكسور الخفية، ويوجد نوع خاص من التصوير المقطعي المحوسب يمكنه تحديد الإصابة بداء النقرس حتى في حال عدم التهاب المفصل.
- التصوير بالموجات فوق الصوتية: يلتقط صورًا حقيقية لتراكيب الأنسجة الرخوة داخل الركبة وحولها.
- التصوير بالرنين المغناطيسي: يساعد هذا الفحص خاصة في الكشف عن أضرار الأنسجة الرخوة، ومنها الأربطة والأوتار والغضاريف والعضلات، وفي تشخيص بعض الحالات النادرة كالأورام داخل المفصل.
وفي بعض الحالات ربما يحتاج المصاب إلى إجراء تنظير داخل الركبة وأخذ بعض العينات.
كيف يمكن علاج ألم الركبة
في حالات آلام الركبة البسيطة يمكن اللجوء إلى بعض العلاجات المنزلية التي قد تقلل من ألم الركبة، ومن هذه العلاجات:
- ممارسة الأنشطة والتمارين البدنية: إذ تساعد على تخفيف ألم الركبة من خلال العديد من الوسائل، مثل تعزيز دعم مفاصل الجسم، وتقوية عضلات الساق، وإبطاء تطور الإصابة بالتهاب المفاصل التنكسي، وتعد التمارين الرياضية المائية مفيدة للأشخاص الذين يعانون من آلام المفاصل، إذ إنها لا تضع المزيد من الضغط على الركبتين.
- تخفيف الوزن: إذ إن الوزن الزائد يضع المزيد من الضغط والعبء على الركبتين.
- عمل مساج للركبة والفخذ: إذ يمكن أن يساعد ذلك على تخفيف ألم الركبة.
- أخذ قسط كافٍ من الراحة: وذلك بهدف إعطاء أنسجة الركبة فرصة للشفاء، مع ضرورة الاستمرار بممارسة بعض الأنشطة البدنية خوفًا من تصلب العضلات وضعفها.
في حالة حدوث إصابة في الركبة ينبغي اتباع طريقة “برايس” (P.R.I.C.E):
- “Protect” (الحماية): حماية الإصابة والشخص المصاب.
- “Rest” (الراحة): إراحة الركبة وعدم المشي عليها.
- “Ice” (الثلج): يساعد الثلج على إبطاء أو تقليل التورم، ويوفر شعورًا بالتنميل، ما يساعد على تخفيف الألم، ويجب عدم ترك الثلج على الركبة لمدة تزيد على 15 دقيقة تجنبًا لحدوث الإصابة بعضة البرد.
- “Compression” (الضغط): تضميد الركبة المصابة باستخدام ضمادة مرنة أو رباط ضاغط والحفاظ عليها دون حركة.
- “Elevation” (رفع مكان الإصابة): سيعمل رفع الساق المصابة على تقليل التورم وآلام الركبة.
علاج آلام الركبة بالأدوية
تتنوع الأدوية التي يمكن أن تُستخدم في علاج آلام الركبة، وتتضمن:
- مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (NSAIDs)، مثل آيبوبروفين وديكلوفيناك وسيليكوكسيب وغيرها، وتستخدم هذه الأدوية في علاج الألم وتخفيف الالتهاب في الركبة.
- حقن الكورتيكوستيرويدات في مفصل الركبة: تساعد على تقليل أعراض التهاب المفاصل وتخفيف الألم بضعة أشهر، إلا أن هذه الحقن قد لا تكون فعالة في جميع الحالات.
- حقن حمض الهيالورونيك: وهو مادة كثيفة القوام وتشبه الزيت، ولذلك فهي تخفف من الألم وتساعد على تحسين حركة الركبة.
- حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية (:(PRP تحتوي على العديد من عوامل النمو التي تخفف الالتهاب وتعزز الشفاء، وهذه الحقن قد تكون أكثر فعالية لعلاج ألم الركبة لدى الأشخاص الأصغر سنًا أو الذين يعانون من التهاب المفاصل البسيط.
علاج آلام الركبة بالجراحة
تتضمن خيارات العلاج الجراحي ما يأتي:
- جراحة تنظير المفصل: ويتم اللجوء إلى هذا التدخل الجراحي لإزالة الأجسام السائبة من مفصل الركبة، وإزالة الغضروف التالف أو إصلاحه، وإعادة بناء الأربطة الممزقة.
- جراحة الاستبدال الجزئي للركبة: ويتم خلال هذا الإجراء الجراحي استبدال أجزاء مصنوعة من المعدن والبلاستيك بالجزء الأكثر تلفًا من الركبة مع الحفاظ على الجزء غير التالف منها.
- استبدال الركبة الكلي: ويتم خلال العملية استبدال مفصل الركبة بشكل كلي، وذلك بقطع العظم والغضروف التالفين من عظمة الفخذ، وعظمة الظنبوب، وعظمة رأس الركبة واستبدال مفصل صناعي مصنوع من الألمنيوم والبلاستيك بها.