في أعقاب الهجمات الروسية على أوكرانيا، طلب السفير الأوكراني في أنقرة، فاسيل بودنار، من تركيا إغلاق مضايقها البحرية أمام السفن الروسية لمصلحة أوكرانيا.
وشنت القوات الروسية، الخميس 24 من شباط، هجومًا على عدة مدن في أوكرانيا، ونزلت قوات على ساحلها الجنوبي بعد أن سمح الرئيس الروسي بما وصفه بـ”عملية عسكرية خاصة” في الشرق، بحسب وكالة “رويترز“.
ويجب على تركيا، العضو في “الناتو” وحليفة كل من أوكرانيا وروسيا، اتخاذ قرارها بشأن إغلاق المضايق بما يتوافق مع معاهدة “مونترو”، وبما لا يضر بمصالحها مع روسيا.
وذكر وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، اليوم 25 من شباط، لصحيفة “Hürriyet“، أنه يمكن لتركيا إيقاف مرور السفن الحربية عبر المضيق، وأن خبرائها يعملون على تحديد ما إذا توجد حالة حرب، وإذا قبلوا حالة الحرب بشكل قانوني، سيحظر مرور السفن الحربية، ويسمح لسفن الدول المتحاربة بالعودة إلى قواعدها، وفقًا لمعاهدة “مونترو”.
ما هي معاهدة “مونترو”؟
جرى التوقيع على معاهدة مونترو في عام 1936 بسويسرا، لإدارة نظام المرور عبر المضايق وتحديد حدود الحمولة للسفن التجارية في أوقات السلم والحرب، في البحر الأسود للبلدان غير المشاطئة.
وشاركت فيها عدة دول بينها الاتحاد السوفييتي وتركيا وبريطانيا وفرنسا واليونان وبلغاريا ورومانيا ويوغسلافيا واليابان وأستراليا، وتحمل المعاهدة أهمية كبرى بالنسبة إلى تركيا، لكون بنودها تحدد عدد السفن الحربية والتجارية التي ستمر من المضايق التركية، وأنواعها، ووزن الحمولة المسموحة لها.
وبالنسبة إلى تركيا فيما يتعلق بوقف الممرات، تدعم المعاهدة بشكل أساسي حرية الملاحة عبر المضيق، لكن تركيا لديها السلطة لإغلاق المضايق أمام السفن القادمة من الدول المتحاربة عندما تحدث حرب كاملة أو تكون وشيكة.
على ماذا تنص المعاهدة؟
في وقت الحرب، إذا لم تكن تركيا دولة محاربة، تتمتع السفن التجارية التي ترفع أي علم أو تحمل أي نوع من البضائع، بحرية العبور والملاحة في المضايق.
وتشير المعاهدة إلى أحكام خاصة بوقت الحرب، وتحدد المادتان “20” و”21″ سلطة تركيا على النظام العابر للسفن البحرية، إذ يُترك عبور السفن الحربية في أثناء الحرب أو عندما تكون وشيكة لتقدير الحكومة التركية.
إذا كانت تركيا في حالة حرب، تتمتع السفن التجارية، التي لا تنتمي إلى دولة في حالة حرب مع تركيا، بحرية العبور والملاحة في المضايق بشرط ألا تساعد العدو بأي شكل من الأشكال، ويجب أن تدخل السفن المضايق نهارًا، ويتم عبورها بالطريق الذي يجب أن تحدده السلطات التركية في كل حالة.
ولا يمكن لحاملات الطائرات، وإن كانت تابعة لدول مشاطئة، المرور عبر المضايق التركية، فيما يمكن للغواصات التابعة للدول المشاطئة فقط المرور عبر المضيق التركي للانضمام إلى قاعدتها في البحر الأسود للمرة الأولى بعد بنائها أو شرائها أو لإصلاحها في أحواض بناء السفن خارج البحر الأسود.
لا يمكننا التخلي عن أي منهما
نريد حل هذه المشكلة دون الحاجة إلى الاختيار بين الاثنين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان |
تركيا بين قُطبي اضطراب
تحاول تركيا، المستفيد الرئيس من الغاز الطبيعي الروسي، استرضاء طرفي الصراع على الرغم من تعزيز العلاقات مؤخرًا مع أوكرانيا من خلال بيع الأسلحة لها، بحسب ما ذكرته صحيفة “الجارديان“.
ووفقًا للمبادئ المنصوص عليها في اتفاقية “مونترو”، يمكن لتركيا عرقلة مرور السفن الحربية رغم عدم مشاركتها بنشاط في الحرب، ويعتبر طلب أوكرانيا ممكنًا ولكنه خطير بالنسبة إلى تركيا، بحسب موقع “NAVAL NEWS” المختص بأحداث الدفاع البحري.
تُعتبر الاتفاقية عنصرًا مهمًا لتركيا لأمن واستقرار البحر الأسود، وفي حال وافقت تركيا على طلب أوكرانيا، يجب عليها تطبيق القاعدة على كلا الجانبين، ويستحيل بذلك نشر سفن حربية لـ”الناتو” إذا قرر ذلك.
ويؤكد موقع “NAVAL NEWS” أن انتشار روسيا في البحر الأسود قد اكتمل بالفعل، وبحال استخدمت تركيا سلطتها التقديرية لمصلحة أوكرانيا فقط، فقد تعترض روسيا، وتتهم تركيا بانتهاك حيادها.
سيكون إغلاق المضايق “محاولة عقيمة لردع روسيا”، لكن الموقع يرجح أن تظل تركيا على الحياد خلال الحرب.
ومنذ بدء العمل بالاتفاقية ظهرت خلافات بين عدد من الدول الموقعة عليها، وخاصة بين موسكو وأنقرة.
وفي عام 2015، استدعت أنقرة السفير الروسي لديها، احتجاجًا على قيام أحد الجنود وكان على متن سفينة روسية بحمل قاذفة صواريخ في وضعية الإطلاق خلال مرور السفينة بمضيق البوسفور، الأمر الذي اعتبرته تركيا استفزازًا ومخالفة لبنود الاتفاقية.
وكانت الغواصة الروسية “كراسنودار” عبرت مضيق البوسفور واتجهت إلى البحر المتوسط، في حادثة تاريخية في 14 من آذار 2019 بعد توقيع المعاهدة.
وفي 13 من شباط الحالي، عبرت الغواصة الروسية “روستوف نا دونو” مضيق البوسفور بمدينة اسطنبول، بالإضافة إلى ست سفن حربية في وقت سابق من الشهر الحالي، قادمة من بحر مرمرة باتجاه البحر الأسود، وسط توتر بين موسكو والغرب على الحدود الأوكرانية- الروسية.
وأعلنت وزارة الخارجية التركية في بيان لها، الخميس 24 من شباط، رفضها التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا واعتبرته “غير مقبول”.
ودعت الخارجية التركية روسيا إلى وقف أعمالها “غير القانونية” ضد أوكرانيا في أقرب وقت، وعدّت التدخل الروسي انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولاتفاقيات “مينسك”، وتهديدًا خطيرًا لأمن المنطقة والعالم.
–