تحولت فكرة ممارسة الألعاب الإلكترونية، خلال السنوات القليلة الماضية، إلى مهنة، أو مصدر للدخل المادي، من خلال ميزات البث المباشر التي تقدمها العديد من منصات الألعاب في العالم، إضافة إلى تجارة بعض الأدوات اللازمة لتطوير الشخصيات داخل ألعاب معيّنة.
لكن الهدف من اللعبة الإلكترونية المطروحة في متاجر الألعاب، كانت دائمًا لغرض الترفيه، بينما أتاحت في بعض الأحيان ميزات الربح المادي عبر وسائط عديدة.
وظهرت مجموعة من الألعاب التي اندرجت تحت تصنيف “اللعب الربحي”، ويشبه هذا النوع من الألعاب النمط التقليدي منها، لكن بدلًا من اللعب لجمع الموارد وتطوير الأبطال داخل اللعبة، والوصول إلى مستويات عليا، يقوم النوع الجديد على اللعب لكسب أموال حقيقية.
ويحتاج اللاعب هنا إلى أن يكون لديه رصيد من العملات الرقمية، إذ تتبع تلك الألعاب نظام “Blockchain”، الخاص بالعملات الرقمية وتجارتها بين المستخدمين، إذ يُشترط للعب هذا النوع من الألعاب، أن تقوم بشراء بعض الوحدات الخاصة باللعبة، كشرط أساسي حتى تبدأ بها.
وتلك الوحدات بطبيعة الحال ما هي إلا عناصر “NFT” (رموز غير قابلة للاستبدال)، بالتالي فإن امتلاك ملف بهذا الترميز، يعني أنك الشخص الوحيد الذي يملكه، ما يجعل من قيمته المادية مرتفعة، ويحصل اللاعب على هذه الملفات باستمرار باستخدام العملات الرقمية.
وبعد أن يمتلك اللاعب العديد من عناصر “NFT”، يمكنه بدء رحلته لزيادة رصيده من تلك الوحدات عن طريق قضاء المزيد من الوقت في اللعبة، وبالتالي يمكن بيع أو تجارة تلك الوحدات بعد تطويرها مع لاعبين آخرين مقابل عملات رقمية.
أبرز ألعاب “Play To Earn”
تعتبر لعبة “Axie Infinity“، إحدى أشهر ألعاب “Play-To-Earn” وأضخمها جماهيريًا في الوقت الحالي، بحسب تقييم الجمهور، إذ تشترط عليك اللعبة شراء ثلاثة من كائنات “Axie” لتبدأ اللعب، ويبلغ سعر الواحدة منها 0.15 عملة “إيثيريوم/ETH” (عملة رقمية تشبه بيتكوين)، أي ما يعادل 390 دولارًا أمريكيًا تقريبًا لكل واحدة منها، إلا أنه في تصاعد مستمر نظرًا إلى ازدياد شعبية اللعبة.
وتعتمد اللعبة على قدر ما يمتلكه اللاعب من العملات الافتراضية الخاصة باللعبة، الـ”AXS” و”SLP”، التي تُستخدم في بيع وشراء الأراضي والعقارات داخل اللعبة، بالإضافة إلى أهميتها في تربية ورعاية كائنات “Axie” الخاصة باللاعب.
كما تصدرت لعبة استكشاف الفضاء “Farsite” هذا النوع من الألعاب منذ صدورها في كانون الأول 2021، إذ يمكن للاعبين البدء بالتعدين وجمع الموارد في قطاعاتهم داخل اللعبة التي تجري أحداثها في الفضاء.
أنشأت شركة “Sand Box” نظام لعب “metaverse” الافتراضي، القائم على تداول عملة “ETH” الإلكترونية، إذ يمكن للاعبين إنشاء أصول واستثمارها، والمشاركة في تجربة ألعاب إلى جانب الربح المادي.
وتكمن الفكرة في الترويج للمحتوى الذي ينشئه المستخدمون، من خلال تطبيق نظام مكافأة يسمح للاعبين بالمشاركة، أو بيع إنجازاتهم إضافة إلى العقارات الرقمية المعروفة أيضًا باسم “LANDS”.
كما تعتبر لعبة “Coin Hunt World” شبيهة بلعبة “بوكيمون” التي راجت خلال السنوات الماضية، إذ يبحث اللاعبون عن العملات الرقمية (البيتكوين والإيثيريوم)، عبر آلية بحث تشبه إلى حد ما آلية البحث عن “البوكيمون” في لعبة “Pokémon Go”.
ويحتاج اللاعب إلى التجول في الحياة الواقعية بمساعدة خريطة رقمية، والبحث عن المفاتيح الإلكترونية، وبمجرد جمع مفاتيح كافية، يمكن إيداعها في خزائن، ومن ثم الإجابة عن سؤال “Trivia” (سؤال اختبار المعرفة)، وإذا كانت الإجابة صحيحة، سيحصل اللاعب على أجزاء من عملات “بيتكوين وإيثيريوم”.
ما هي “NFT”
نظام ترميز “NFT” هو اختصار لجملة “non-fungible tokens”، أو “رموز غير قابلة للاستبدال”، لكن وكما يتضح من اسمها، فإنها تعني باختصار أن الملفات المُرمّزة بهذا النوع هي ملفات فريدة، ولا يمكن استبدالها أو تزويرها.
على سبيل المثال، فإن العملات الرقمية مثل عملة “بيتكوين” قابلة للاستبدال، حيث يمكن استبدال عملة واحدة بأخرى مثلها لها نفس القيمة، لكن بالنسبة لـ”NFT”، فإنها أصول رقمية كل منها له قيمة مختلفة، لا يمكن استبدالها بأصول أخرى.
وتمنح رموز “NFT” مالكها ميزة إثبات ملكية أصل الملف الرقمي (صورة أو مقطع فيديو أو رسم أو تغريدة أو مقطع موسيقي)، أو أي نوع من أنواع الملفات، دون إتاحة إمكانية التشكيك بصحة الملف بمجرد كونه يحمل هذا النوع من الترميز.
إلا أنه ونظرًا إلى سهولة الحصول على الصورة أو مقطع الفيديو، على سبيل المثال، وصعوبة الحفاظ عليه بعد نشره عبر الإنترنت، فإن امتلاك “NFT” لا يعني بالضرورة أن الشخص لديه حقوق حصرية، لأن أي شيء رقمي يمكن نسخه إلى ما لا نهاية، إلا أنها فقط تثبت امتلاك شخص ما الملف الأصلي من ملف معيّن.
وللتوضيح، يمكن مقارنة ملفات ترميز “NFT” بلوحة “الموناليزا”، إذ يمكن لأي شخص الذهاب إلى المتحف ومشاهدة اللوحة وحتى التقاط صورة لها، لكن لا يمكنه إحضار اللوحة معه إلى المنزل، لكونه لا يملكها، لكن اللوحة الأصلية تشبه ملفًا مرمزًا بخاصية “NFT”، يمكن نسخه، لكن لا يمكن تزويره أو ادعاء ملكيته.
–